قبل مليوني عام من اليوم، عاشت في أفريقيا أجناس تشبه البشر. واليوم، في أيلول (سبتمبر) 2015، تم اكتشاف المئات من العظام في كهف في جنوب أفريقيا، قال الباحثون إنها تعود إلى جنس بشري جديد، سمّوه هومو ناليدي Homo naledi، ويظنون أن هذا الاكتشاف ربما يؤدي إلى اكتشاف أجناس بشرية منقرضة أخرى. فقد أعلن فريق من العلماء في العاشر من أيلول (سبتمبر) الجاري عن اكتشافهم نوعًا جديدا من أسلاف الإنسان، في اكتشاف اعتبرته ناشيونال جيوغرافيك أعظم الاكتشافات الحفرية في آخر 50 عامًا، ربما يساعد البشر على فهم أفضل لمراحل تطور الإنسان، من كائن بدائي إلى شكله المعاصر. أجناس عديدة ليس الانقراض إلا جزءًا من عملية التطور، لذا ليس مستغربًا أن تكون أجناس عديدة، من التي يسمّيها العلماء "هومينين"، قد ولت عن الحياة إلى غير رجعة. اليوم، أقرب الكائنات غير البشرية إلى البشر، هي القرود العظيمة، التي تعيش منها 6 أجناس راهنًا: الشمبانزي، البونوبوس، جنسان من الغوريلا، و3 أجناس من الأورانغوتان. قبل ملايين السنين، حين تعايشت أجناس مختلفة من الهومينين، كانوا يأكلون النبات، "ولا دليل حتى الآن على أنهم كانوا يأكلون لحم الحيوان"، بحسب ما تنسب بي بي سي إلى جون شيا، الأستاذ في جامعة ستوني بروك في نيويورك. لكنهم انتقلوا من الأحراش إلى الغابات المطيرة، فتحولوا إلى آكلي اللحم. وبما ان بعض الحيوانات التي أكلوها لم تجد الكثير من الطعام لتعيش وتتناسل، تعرضت بعض الأجناس الحيوانية للانقراض. حتى في ذلك الحين، لم يكن الجنس البشري الذي نعرفه اليوم وحيدًا في الأرض، بل عايش أجناسًا أخرى. نحن وأقاربنا قبل نحو 30 ألف عام، عاش الإنسان إلى جانب ثلاثة أجناس أخرى، هي: النياندرتال في أوروبا وغرب آسيا، الدينيسوفان في آسيا، وجنس الهوبيت في جزيرة فلوريس الأندونيسية. عاش الهوبيت حتى قبل 18 ألف عام، حتى أبادهم بركان ثائر، بحسب أدلة جيولوجية. كما إن المعلومات عن الدينيسوفان قليلة جدًا، ولا يعرف العلماء لماذا انقرض هذا الجنس، أما النياندرتال، فالمعلومات عنه متوافرة جدًا من الآثار الأحفورية التي تركها هذا الجنس. ويقول العلماء إن الجنس البشري هو السبب في فناء إنسان النياندرتال، الذي عاش في أوروبا زهاء 200 ألف عام، واعتاد البرودة، وكان صيادًا ماهرًا، حتى أتى البشر وهجّروه من مسكنه، بسبب التغير المناخي، الذي حصل، والذي ما تمكنوا من الاعتياد عليه، نتيجة تحول الغابات هناك إلى شبه السافاناه الأفريقية. كان إنسان النياندرتال يأكل الحيوانات الصغيرة، كالأرانب، رغم أن ما وصل من أسلحته يدلّ على أنها كانت مصممة لاصطياد حيوانات أكبر. وثمة أدلة على أنه كان يأكل الطيور. على الرغم من كل هذا، فإن إنسان النياندرتال كان يفتقد إلى ميزة التأقلم. وهذه كانت ميزة البشر. السر في نمو الدماغ حين استوطن البشر الأرض، نمت مجتمعاتهم بسرعة كبيرة، فبدأوا يشكلون تجمعات إجتماعية مركبة، واحتاجوا وسائل للتواصل، فكانوا السباقين إلى وضع أسس فنية استخدموها للتكلم وتبادل الأفكار، وثمة أدلة كثيرة على أن الإنسان قبل 40 ألف عام لم يكن يحتفظ بالمعرفة لنفسه، بل كان يتشاركها مع مواطنيه في مجتمعه، عن طريق اجتراح رموز تحولت شيئًا فشيئًا إلى ما وطد العلاقات الإنسانية داخل هذه المجتمعات، ثم تطورت إلى أصوات وكلام ولغات. إن نظرة فاحصة إلى تركيبة الإنسان الجينية تشي باختلافات مهمة بيننا وبين النياندرتال والدينيسوفان. حدد علماء الوراثة عشرات النقاط في الجينوم البشري التي ينفرد بها البشر دون غيرهم، ومنها العديد المساهم في نمو الدماغ. إيلاف الإلكترونية