لماذا اعتبر السينمائيون الخليجيون، والمعنيون بالحركة السينمائية في منطقة الخليج، أن التوقف (المؤقت) أو التأجيل حتى إشعار آخر لانطلاق الدورة السابعة لمهرجان الخليج السينمائي (كارثة) ثقافية وإبداعية وفنية، تحل على ما أسموه بـ «بيت السينما الخليجية»؟ ولماذا هذا الإصرار النوعي على الحفاظ عليه كمكتسب حضاري، واستراتيجية معرفية في مجال صناعة الأفلام، تميزت بها دولة الإمارات كأهم حاضنة للبيئة الإبداعية في المنطقة؟ هل لأن المهرجان استطاع تأسيس أول وأهم (منصة) خليجية، شهدت عرضاً رسمياً دولياً وعالمياً لقرابة 986 فيلم مشارك خلال 6 دورات ماضية، بمعدل يتجاوز الـ 100 فيلم سنوياً، يتصدرها الإنتاج الخليجي، مشكلاً مرجعية وراصداً عالمياً مهماً، لملامح صناعة الصورة في المنطقة، أم في ما أنجزه القائمون على المهرجان من تنظيم يعتمد روح اللغة المشتركة وعناصر التفاعل بين صُناع الأفلام في الخليج، من خلال تبني منهجية تدرس واقع القدرات بين كل دولة خليجية وأخرى، وطبيعة بيئتها الاستثمارية، وتوفر التسهيلات المقدمة، وصعوبة الإنتاج فيها. إلى جانب إتاحة فرص التمويل والتسويق والتوزيع، من خلال منظومة سوق دبي السينمائي، الذي اهتم بدرجة أساسية في تعزيز مقومات آليات (الصنعة) السينمائية في الخليج، المتباين في مكوناته عن البيئة الإنتاجية العالمية. السؤال الأهم في المرحلة المقبلة من عمر إنجاز (الخليج السينمائي): هو مدى التأثير غير الإيجابي لتوقف المهرجان، على الحركة السينمائية الخليجية، بمستويات تقيس الحالة الفنية والإنتاجية والمعرفية لجيل من الشباب السينمائيين في ظل غياب الرافد التعليمي الذي تميز به الحدث السنوي، واهتمامه بتطوير أدوات صُناع الأفلام، وما هي المبادرات المبتكرة سواء التمويلية منها أو ما يصب في إعداد خطة دعم استثمارية لإعادة انطلاقه مجدداً وضمان استمراره؟ وجاءت محاولات السينمائيين الخليجيين أخيراً، عبر إطلاق حملة إعلامية تستثمر مواقع التواصل الاجتماعي، لإيصال وبيان أهمية المهرجان وضرورة عودته، كإحدى الخطوات الجادة في إعادة فتح ملف مهرجان الخليج السينمائي، وإلقاء الضوء عليه، مما حتم على «الاتحاد الثقافي» السير نحو المشاركة التوثيقية والبحثية والإعلامية والثقافية والاجتماعية للحراك الفني، باعتبار الأخير يمثل نقطة محورية في الرؤية التنموية لدولة الإمارات، خاصةً أن المهرجان استطاع وفي وقت قياسي إيصال مفهوم الثقافة الخليجية والتقاليد والعلاقات الإنسانية في مجتماعاتها، ممثلاً ذلك جزءاً من مساعي دول الخليج وأهل المنطقة في تعزيز أواصر التواصل والفهم والانفتاح، القائم على المعرفة والعلوم والفنون، وسيلةً للتعبير والتخاطب. أهميته في رؤيته ذهب بعض الإعلاميين المتابعين للنشاط السينمائي إلى أن حضور مهرجاني دبي وأبوظبي الدوليين، إضافة إلى مجموعة من الأحداث السينمائية الناشئة في بعض دول الخليج، كركائز لاستمرار الحالة السينمائية في المنطقة، وبالتالي عدم تأزم الحراك السينمائي كنتيجة لغياب مهرجان الخليج، إلا أن الهوية والرؤية التي تبناها القائمون على المهرجان، في تجاوز مهرجان الخليج السينمائي فعل عرض الأفلام، إلى الاهتمام باللغة البصرية، بدءاً بكتابة السيناريو وتطويره، مروراً بالندوات التفاعلية والبرامج التعليمية واللقاءات مع المتخصصين الدوليين في المجال، ووصولاً إلى عرضه على الشاشة، مشكلاً فعل البنية التحتية لتأصيل الهوية السينمائية، لأجيال من أبناء المنطقة الخليجية، ممن سيعملون على صناعة صورتهم وتقديمها للعالم، وهي ميزة تُحسب للرؤية الكامنة وراء المهرجان، والتي أشار لها نخبة ومجموعة من السينمائيين الخليجيين خلال حديثهم عن أهمية عودة مهرجان الخليج السينمائي، موضحين أن خبر تأجيل الحدث شكل صدمة للعديد منهم، وإحباطاً لآخرين، متبنين مسألة هبوط عجلة الإنتاج لغياب المهرجان، لقناعتهم بأن العديد من صناع الأفلام، سواء المبتدئين منهم أو المتقدمين، سيفضلون تأجيل مشاريعهم السينمائية، بينما سيعمد آخرون للتوقف نهائياً، انتظاراً لعودة منصة الحدث، لأن «الخليج السينمائي» يُتيح مقاييس قبول تختلف عن المهرجانات الدولية، معززاً بذلك أكبر نسبة مشاركة خليجية، لا يمكن توفرها في منصات أخرى. ولفت السينمائيون أن «الخليج السينمائي» ساهم في إبراز الحركة السينمائية في السعودية واليمن والعراق بشكل لافت، ولولا الحدث لتأخر فعل التأثير السينمائي لتلك الإنتاجات على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي، مؤكدين أن (الحميمية) التي صنعها (الخليج السينمائي) بين صُناع الأفلام، على صعيد الإنتاج المشترك بين أبناء المنطقة، والعلاقات الإنسانية، لا تُعوض، ويصعب إيجاد بديل لها في المرحلة الحالية، مرجحين مفهوم (الوجودية) والفضاء لفعل المهرجان ودوره بالنسبة لهم كفنانين وصُناع للمنتج الفني والمعرفي، وأن حضوره يُعد حقاً مطلقاً لممارسة إبداعهم، مقدمين شكرهم وامتنانهم لإدارة المهرجان على ما اجتهدت لتحقيقه منذ انطلاق الحدث السنوي في عام 2008. وفي هذا الصدد، أوضحت هيئة دبي للثقافة والفنون – الهيئة المعنية بشؤون الثقافة والفنون والتراث في إمارة دبي- استمرار دعمها كشريك استراتيجي لمهرجان الخليج السينمائي إذا ما قرر القائمون عليه إقامته ضمن المرحلة القادمة. تعطيل للشغفشارك السينمائي الإماراتي سعيد سالمين بآراء مختلفة حول أهمية عودة مهرجان الخليج السينمائي عبر الحملة الإعلامية والاجتماعية التي تبناها صُناع السينما في الخليج، موضحاً لـ «الاتحاد الثقافي»، أن العلاقة المتجسدة بين السينمائيين في الخليج والمهرجان، والتي أسهمت على مدى 6 سنوات، في تأسيس حراك اجتماعي ثقافي وفني، تمثل البعد الأهم في المنصة الخليجية، وتحديداً اللقاءات المعرفية ذات الاحتكاك التعليمي، والإشكالية في غياب المهرجان، هي محدودية المشاركة الشبابية، خاصة المبتدئين، مما يساهم في قلة المورد البشري، باعتباره العنصر الأهم في الصناعة السينمائية، والحراك الفني عموماً، وقال حول ذلك: «بالنظر لمفهوم الجيل الجديد والإنتاجات الحديثة، في المجال، فإن توقف المهرجان يعني بالنسبة لهم، تعطلاً نسبياً للشغف والحماسة والطموح، متسائلين عن مدى إمكانية عرض إنتاجاتهم، وفيما إذا كانت ستلقى اهتماماً وانتباهاً كالذي لامسته خلال الخليج السينمائي؟». لافتاً إلى أن المسألة مرتبطة بالرؤية التأسيسية لمشروع السينما في المنطقة، الهادفة إلى تشكيل قاعدة كبيرة وجيدة لمفاهيم اللغة البصرية العالمية. ومشيراً إلى ما يمكن تسميته بالهبوط المعنوي للعاملين في قطاع السينما بالخليج، نتيجة التوقف المؤقت للمهرجان، باعتبار الأخير قد صُمم لتهيئة مساحة مناسبة لتكوين التراكمية السينمائية، التي تحتاج إلى وقت وجهد مستمر، مبيناً أنه متفائل بعودة المهرجان واستمرار الإنتاجات الخليجية من خلاله. حافظوا عليه«بالنسبة لي، فإن مهرجان الخليج السينمائي، بداية ارتباطي بمشروع الفيلم الطويل، عبر الفيلم الوثائقي (المريد) ومنه إلى فيلم (حمامة)»، هنا تأكيد للسينمائية الإماراتية نجوم الغانم، على علاقتها الفنية والإنتاجية مع الحدث، لافتةً أنها لا تتحدث عن المكسب المادي، المتمثل في الجوائز، وإنما بالمكاسب الثقافية والفنية، التي أنجزها المهرجان عبر الاحتكاك والتواجد وصناعة التنافسية بهدف تطوير المحتوى السينمائي، متمنية أن فعل التأجيل يهدف إلى تطوير المنصة الخليجية لا إلى إيقافها، الذي سيؤدي إلى خسارة كبيرة للسينما، معتبرة أن «الخليج السينمائي» أعطى فرصة استثنائية للأفلام الخليجية للظهور واتخاذ مكانتها، فمثلاً فيلمها الوثائقي «حمامة»، وبفضل المهرجان، استطاع الحصول على دعوات للمشاركة في مهرجانات عالمية ودولية، وأنه لولا المهرجان لبقيت السينما الخليجية في إطار السينما المتباكي عليها بالإنتاجات المعدودة والموثقة في التاريخ القديم، متأملة أن تحافظ دولة الإمارات عموماً، وإمارة دبي على وجه الخصوص، على أهم مكاسبها الفنية عبر «مهرجان دبي السينمائي» و«مهرجان الخليج السينمائي»، كونها السباقة ومن أوائل الدول العربية الحاضنة للفنون والآداب، من مثل «مهرجان طيران الإمارات للآداب» و«مهرجان دبي الدولي للشعر» و«آرت دبي». ويذكر أن فيلم «سماء قريبة» للمخرجة نجوم الغانم حصد الجائزة الكبرى في فئة غير الروائي في مهرجان دبي السينمائي، مقدماً ترجمة عملية لأبرز مخرجات «الخليج السينمائي». عودته حتميّةمن جهته اعتبر السيناريست الإماراتي محمد حسن أحمد أن المخرج السينمائي لا يستطيع البقاء وحيداً وصناعة فيلمه مع الكاميرا فقط، وأهمية مهرجان الخليج السينمائي تكمن في الشكل الجماعي لمنظومة الصناعة السينمائية وضرورتها، موضحاً أن في المهرجان لقاءاتٌ تفاعلية تؤسس لمشاريع مشتركة بين السينمائيين الخليجيين، وهو بطاقة تعارف مهنية للمخرج والسيناريست والمصور والمونتير، ما يعمد إلى تهيئة فضاء واعٍ ومتكامل، لذلك فإن توقف الحدث بمثابة صدمة لمن يؤمن بوجوده، حيث ينظر السينمائيون لـ «الخليج السينمائي» كبعدٍ وجودي للفنان يظهر فيه مكامن طاقته وإبداعاته. وشارك محمد حسن بجانب السينمائي المصري يسري نصر الله في إحدى الورش المهمة في المهرجان والمعنية بتطوير مهارات كتابة السيناريو وتسويقه، ضمن مبادرات سوق دبي السينمائي، مبيناً محمد أنه قد تم التركيز وقتها على الجانب الاحترافي البحت الذي ينتج على إثره تعزيز لمقومات العناصر الرئيسية كفعل الكتابة في تكوين الفيلم، ما يضع عودة المهرجان في منطقة حتمية، قائلاً: «عندما بادرت بإطلاق وسم عودة مهرجان الخليج السينمائي عبر موقع (توتير)، كنت مؤمناً بأهمية التنمية النوعية التي قدمها المهرجان للفرد في منطقة الخليج، وبالبعد الاستثماري لتجمع السينمائيين، وبالثقافة العالية المطروحة ضمن البرامج والورش». وأضاف السينارست أنه حان دور الشركات الكبرى لتفعيل مشاركتها التنموية في سوق الإنتاج الخليجي، والانضمام إلى عجلة الصناعة السينمائية، مقدماً الشكر للقائمين على «الخليج السينمائي» في سعيهم الدؤوب لإرسال الأفلام المشاركة، وبشكل تطوعي، لمختلف المهرجانات حول العالم، ما يصنف الحدث كأهم مرجعية لمبرمجي الأفلام الدوليين والعالميين في بحثهم عن أفلام المنطقة. حاضنة للموهوبينيُعرف السينمائي الإماراتي خالد المحمود مهرجان الخليج السينمائي، بـ (منصة احتضان المواهب)، مبيناً أنه المهرجان الوحيد المهتم بصُناع الأفلام المحليين، والمنفتح على إشراك التجارب الأولى، للحديث عنها ومناقشة ابتكارات السينمائيين الجدد فيها، وذلك يعود إلى مفهوم (التطوير) الذي يعتمده المهرجان ضمن توجهاته، ويتجسد ذلك في مشروع «سوق سيناريو الأفلام الخليجية القصيرة»، حيث يتم تطوير السيناريو وتأهيله للعملية الإنتاجية، ويستمر المهرجان بعدها في استقطاب المنتجين وصُناع الأفلام، وتجهيز تلك السيناريوهات لمرحلة التنفيذ الفعلية، خاصة أن المنطقة الخليجية واجهت ولسنوات عديدة أزمة قلة السيناريوهات والأفكار لصناعة الفيلم، ومن بين إنجازات مهرجان الخليج السينمائي، استثماره لسيناريو فيلم «ميسي بغداد» للمخرج العراقي سهيم عمر، الذي رُشح للأوسكار، إلى جانب فيلم «سبيل» للكاتب الإماراتي محمد حسن، والذي تولى المحمود إخراجه بعد أن فاز بالجائزة الثانية ضمن مسابقة السيناريو بمهرجان الخليج السينمائي. توقفه أحبطنايرى السينمائي أحمد حسن أحمد أن السينما أصبحت للبعض مهنة، وورشة حياة يومية، يجسد من خلالها خياراته وتوجهاته، وطموحاته لإيصال ثقافته وبيئته وتفاصيله، مبيناً أنهم كسينمائيين يسعون لإيصال صوتهم للمسؤولين والمعنيين، لتبيان أهمية عودة المنصة السينمائية الخليجية، حيث استفاد أحمد بصورة شخصية من المهرجان الذي لا يستهدف عرض الأفلام فقط، بل يتجسد كورشة حقيقية متكاملة لكل من يريد تعلم السينما في الخليج، موضحاً أن الحدث أهم من أي معهد متخصص، من خلال استضافة مخرجين لتبادل النقاش والحوار، قائلاً: «هناك إحباط سينمائي خليجي قبل الإماراتي، من قبل الطلاب والمخرجين المبتدئين أو من أصحاب الخبرة، نتاج إعلان تأجيل الحدث، لذلك قرر أغلبهم التوقف عن متابعة سير أعمالهم السينمائية، بينما وضعت أعمال بعض المخرجين في الأدراج نتاج غياب منصة العرض الأهم لأبناء منطقة الخليج». ونقل أحمد تفاؤلهم بعودة المهرجان، لأهمية هذا الوجود الذي ينم عن الحس العالي لدى الأشخاص المعنيين والمتذوقين للفيلم تجاه السينما، والموازي لروح الثقافة السينمائية في الخليج، المهمة لكل بلد يسعى لنشر موروثه وهويته للعالم. منجم للأفلام الجيدةيعتقد السينمائي السعودي عبدالله آل عياف أن التأجيل أو التوقف المؤقت لمهرجان الخليج السينمائي بمثابة الخبر الأسوأ منذ بداية الحراك السينمائي في الخليج، باعتبار الحدث الرئة والمتنفس الأهم لصُناع الأفلام في المنطقة، مبيناً أن إمكانية تأثر الإنتاجات الخليجية سلباً أمرٌ قائم في حالة الإيقاف النهائي للحدث، منوهاً أن «الخليج السينمائي» منطقة خصبة ينهل منها «دبي السينمائي» الأفلام الجيدة. كما أنه عادة ما لا ينتبه القائمون على الأثر السيء لإلغاء الأحداث الثقافية المهمة، وسينمائياً يذكر آل عياف مسابقة أفلام السعودية التي أقيمت وساهمت برفع عدد الإنتاجات وقتها إلى حوالي النصف، وبمجرد إلغائها فقد قلت الإنتاجات بنسبة الضعف. وبشكل فعلي يرى آل عياف أن دولة الإمارات حاضر رئيسي منذ التسعينات، ومنصة تتويج مهمة في مجال صناعة الأفلام الخليجية والعربية ككل، قائلاً : «أتمنى أن يعود مهرجان الخليج السينمائي، كونه يراهن على مستقبل الحراك في المنطقة». بيت ووطنوصف الناقد السينمائي السعودي رجا المطيري مهرجان الخليج السينمائي بالنشاط الأهم والمنفذ، الأبرز لأفلام السعودية، مساهماً في بروز أسماء سعودية من بينها المخرجة السعودية هيفاء المنصور، وكمهتم في النشاط النقدي، يؤكد المطيري أن الحدث عبارة عن أكاديمية، ولولاه لتأخرت الحركة السينمائية، وأن الكثير من السينمائيين في السعودية ممتنين لحكومة دبي ودولة الإمارات لاحتضانها مسألة الإبداع السينمائي، مؤمناً أن تلك اللقاءات في «ليالي الخليج» والورش صنعت مناخاً للتطور والتعليم الذاتي بين الشباب، وتحديداً تلك اللقاءات بعد عروض الأفلام وعمليات النقد والبحث في إمكانية تقديم أشكال أفضل للمضمون السينمائي، قائلاً: «فعلياً نحن كسعوديين تعرفنا إلى نظرائنا من صناع الأفلام في المملكة عن طريق المهرجان، على الرغم من أننا من ذات البلد، وتأجيل المهرجان، الذي يعد بمثابة بيت ووطن بالنسبة لنا، إنما توهان عن النضج التنظيمي الذي أسسه الحدث، وبالتالي غياب التدرج في تنامي احترافية الحركة السينمائية». دوره جذريّمن خلال إدارته لموقع (موڤيانا) السينمائي وتوثيق التجربة السينمائية في المنطقة، أكد السينمائي السعودي مهنا عبدالله أنه لولا وجود مهرجان الخليج لما تعرف الوسط الإعلامي والفني عليهم كسينمائيين، مؤكداً أن الأحاديث التي تجاذبها البعض حول المهرجان كونه ضرباً من الكماليات والترفيه، بعيدة كل البعد عن الأساس القائم عليه، وهو التطوير الجذري في الصناعة الخليجية للسينما، قائلاً مهنا: «أشعر بغصة، وأنا أتحدث عن أهمية عودة المهرجان، ونصيحتي الدائمة للكثير من المخرجين في السعودية المبادرة باكتشاف المهرجان وما يطرحه، ليرجعوا بعدها بأفلام مطورة»، مضيفاً عبدالله أن الإيمان المتجسد للحدث من قبل السينمائيين في الخليج، تجلى عبر الإنجاز الذي حققه القائمون على مهرجان الخليج السينمائي في تسليطه الضوء على إنتاجات الأفلام في منطقة الخليج، والمشاركة في صناعتها، مبيناً أن ما سيحدث عملياً هو الفقدان التدريجي لأسماء، وقلة الحماسة نحو الإنتاج، و إلى الآن، فإنهم كسينمائيين في السعودية، في انتظار بوادر لفتح باب التسجيل أو الإخطار بذلك، مؤكداً أنهم على استعداد للمساعدة الكاملة والتعاون مع مدير مهرجان الخليج السينمائي، مسعود أمر الله، للبحث عن طرق عملية لعودة الحدث. ويؤمن السينمائي البحريني محمد راشد بوعلي أنه بغياب مهرجان الخليج السينمائي لن يكون هناك مستقبل واضح للسينمائيين في المنطقة، كونه الدافع للشغف والعمل في مجال الأفلام، وقال حول ذلك: «السينما أهم وسيلة للتخاطب، ولازلنا عملياً في المراحل الأولية، خاصةً في مسائل استراتيجيات الصنعة والتوزيع السينمائي، وبالنسبة لنا كسينمائيين خليجيين فإن المهرجان هو بيت السينما الخليجية، والمحرك الرئيسي، لتعزيز نقاط القوة والضعف في أدوات المخرجين السينمائيين، ومؤثر في رؤية المنتجين وإقبالهم على الإنتاجات الشبابية». فريد رمضان: توقفه انتكاسةأبدى السيناريست البحريني فريد رمضان تصوره حول المهرجان كمؤشر مهم للإنتاج السينمائي في دول الخليج، ومساهم أكبر في تفعيل الأفلام الخليجية وحضورها كمنافس في سياق الإنتاج العربي، وأن الحدث تنبه وبشكل حقيقي لأهمية الصورة كخطاب اجتماعي يخدم منظومة دول مجلس التعاون، دون إغفال المهرجانات الدولية في أبوظبي ودبي، معتبراً أن توقف المهرجان يمثل انتكاسة لأهمية الصورة التي تحتاج إليها المنطقة، مؤكداً على ضرورة النظر في البدائل التمويلية المشتركة في المنطقة، وأهمية التعاون في ابتكار حلول تضمن استمرار المنجز السينمائي. منصة فقدناهايعمل السينمائي القطري مهدي علي حالياً مديراً لوحدة تطوير أفلام الخليج في مؤسسة الدوحة للأفلام، وكانت مشاركته في مهرجان الخليج منذ أن كان طالباً بالمدرسة العالمية للفنون السينمائية في باريس، وأكد في حديثه أن مهرجان الخليج السينمائي (صانع الفيلم الخليجي)، والذي قدم بشكل حقيقي فعل العلاقة بين صناعة الفيلم والذائقة السينمائية، بينما لفت السينمائي العماني ميثم الموسوي أنه لولا منصة الخليج السينمائي، لظل حتى الآن، يعرض أعماله على موقع «اليوتيوب»، إذ أنه بعد إعلان توقف المهرجان، لم يستطع عرض فيلمين قام بإنتاجهما مؤخراً. ومن جهته، أكد السينمائي اليمني سمير النمري أن إشكالية تأجيل الحدث الخليجي تكمن في عدم توفر منصة فعلية أخرى توازي قوة الحدث، مبيناً أن العديد من المخرجين في اليمن قد بادروا بإنتاج أفلامهم لمهرجان الخليج، وتفاجأوا أخيراً بإعلان توقفه. ولفت السينمائي الكويتي عبدالله بو شهري أن المهرجان بوابة للعديد من الأفلام للعالم، مبيناً أنه بالعودة للمهرجانات والفعاليات السينمائية التي أقيمت في منطقة الخليج، فقد تم اختيار أغلب أفلامها عبر ما تعرضه منصة «الخليج السينمائي». وشكل مهرجان الخليج السينمائي، كما أوضح السينمائي العراقي محمد الدراجي منطقة جيدة وثرية لعرض السينما العراقية، باختلاف خطوطها وتنوعها، سواء للمخرجين من داخل العراق وخارجه، أو ممن يقطنون المنطقة الشمالية أو الجنوبية، وإمكانية جمع الأفلام بتنوعاتها الثقافية في تلك المنصة، تمثل حراكاً فنياً ومعرفياً ساهم وبشكل فعلي في بيان مقومات الهوية العراقية عبر السينما. وأن خبر التوقف المؤقت للمهرجان الخليجي أضفى شيئاً من الإحباط على الشباب، ما يدفعهم للتفكير ملياً في عملية تقليل الإنتاج، معتبراً الدراجي أنهم كمؤسسة وشركة معنية بالصناعة السينمائية في المنطقة، يدعمون المفهوم الثقافي لأبعاد المهرجان الخليجي، قائلاً: «كنت سعيداً بلقاء طلابي جميعا، ممن درستهم في الإمارات وقطر والعراق، في محفل واحد، وهو حراك سينمائي يحسب لدولة الإمارات، ونتمنى على الإماراتيين والقائمين على الحدث النظر في عودته، وإننا على استعداد للتعاون معهم لتحقيق ذلك». خصوصية وحميمية رأى السينمائي السعودي بدر الحمود أن مهرجان الخليج له خصوصيته وضروريته، لما يحمل من ملامح حميمية وعاطفية، تجمعهم كصناع سينما في الخليج، مبيناً أنه من الصعب تكرار التجربة الإنسانية في أي مهرجان آخر، وما برع فيه الحدث هو التأسيس العلمي المصاحب للمهرجان، فقد مثلت مشاركته في المهرجان بمثابة الصدمة على المستوى الشخصي، عندما قدم فيلمه فيه لأول مرة، معتقداً أنه مكتمل تقنياً وفنياً، إلا أنه اكتشف من خلال النقد البناء والمناقشات المستمرة كيفية تطوير أدوات الإخراج، وأسس على إثرها خطواته النوعية في إنتاج الفيلم. رافد مهم أشار الناقد السينمائي العُماني عبدالله حبيب إلى أن الشراكات الإنتاجية بين السينمائيين الخليجيين الشباب، أهم رافد فعلي للمهرجان، ومنها تعاون السينمائية العمانية مزنة المسافر مع مخرجين من السعودية، موضحاً أهمية تضافر الجهود لعودة المهرجان، الذي أضاف القيمة الحضارية لمنطقة الخليج، وسعى لمواجهة الصورة النمطية في أن المنطقة مهتمه بالاستهلاك والترف المعيشي، بعيداً عن الإنجاز الابداعي الإنساني. مسابقات يحتضن مهرجان الخليج السينمائي أربع مسابقات رسمية، تقدم جوائز تبلغ قيمتها الإجمالية 500 ألف درهم، إضافة لكونها منطقة جذب استثمارية مع مختلف الجهات المعنية بالصناعة السينمائية، مثل أكاديمية نيويورك للأفلام، ومؤسسة الدوحة للأفلام، وشركة إيمج نيشن أبوظبي، وشركة تونتي فور 54. المصدر:الاتحاد