قرقاش: الحرب على الإرهاب تبدأ على تمويله ومناهجه التعليمية والفكرية

الامارات 7 - أكد وزير الدولة للشؤون الخارجية، الدكتور أنور بن محمد قرقاش، عزم الإمارات على الاستمرار في الحرب على الإرهاب، المرتبط بالتطرف بعلاقة عضوية، مشيراً إلى أن الإرهاب ظاهرة ليست مرتبطة بالدين الإسلامي، تحديداً، ولها وجود قوي لدى مختلف الديانات، مضيفاً أن الحرب على الإرهاب تبدأ من الحرب على تمويله، والمناهج التعليمية والفكرية التي تؤدي لنموه وتشجيعه.

وقال قرقاش، خلال لقائه، مساء أول من أمس، في أبوظبي، مع أكثر من 60 صحافياً وإعلامياً من دول عربية وأجنبية يستضيفهم المجلس الوطني للإعلام حالياً بمناسبة احتفالات الدولة باليوم الوطني الـ44: «لا نقبل أن تختطف جماعة تكفيرية الدين الإسلامي، لذا يجب علينا البدء بمحاربة الفكر المتطرف»، مؤكداً أن الإمارات وضعت جماعة الإخوان المسلمين على قائمة الإرهاب بسبب فكرها التكفيري، إضافة إلى جماعات من مذاهب شيعية أُدرجت أيضاً على قائمة الإرهاب بسبب تطرفها، الأمر الذي يؤكد عدم ارتباط الإرهاب بمذهب معين.

وأعرب عن اعتقاده أن هذه الفترة تمثل نوعاً من الغفلة، مؤكداً الحاجة إلى مشروع عربي، بعيداً عن التمذهب.

وقال: «نريد مشروعاً يحفظ التنوع العربي بكل أطيافه»، موضحاً أن معالجة التطرف تتطلب جهداً جماعياً، لأننا جميعاً نعاني منه، ولفت إلى أن الإمارات تقوم بدورها في مكافحة التطرف بالصوت العاقل عبر مجلس حكماء المسلمين، وأن التصدي للإرهاب والتطرف استراتيجية بعيدة المدى ومتنوعة، مشدداً على أن الإسلام دين عالمي، وليست له رقعة جغرافية معينة، فالإسلام موجود في كل دول العالم، ولذا فمعالجة التطرف ليست حلاً عربياً بمنعزل عن بقيه الدول، ويجب أن يكون هناك جهد جماعي.

وأوضح أن الإرهاب يستهدف لبنان والعراق ومصر وليبيا وبلجيكا، إضافة إلى فرنسا وكينيا وتونس، وكل الدول أمام تحدٍّ عالمي، والتعامل معه يجب أن يكون من هذا المنطلق، وكل بيئة لابد أن تدرس ظروفه حسب ظروفها.

وفي ما يتعلق بمكافحة الإرهاب، قال قرقاش: «لا يوجد حل عربي نستطيع تصديره لمعالجة التطرف والإرهاب في العالم، فالإرهاب تحدٍّ عالمي، والحل بالتالي يجب أن يكون عالمياً أيضاً، ولذا يجب على جميع الدول بذل الجهد على مستوى دولي مشترك لمواجهة التطرف، ونحن نعمل من خلال تجربة الإمارات على تقديم المساعدة في مواجهة التطرف كوننا جزءاً من التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب».

ورداً على سؤال حول الوضع في سورية، أكد قرقاش أن الحل الوحيد لسورية هو حل سياسي، غير أنه أبدى قلقه من المرحلة الانتقالية التي ستمر بها سورية، معرباً عن أمله أن يتم الحفاظ على مؤسسات الدولة خلال المرحلة الانتقالية، وعدم السقوط في فخ الفراغ السياسي وتفكك هذه المؤسسات.

ولفت إلى أن الأزمة السورية مازالت تستعر، والإمارات على قناعة أن الحل السياسي هو الحل الوحيد الممكن في سورية، وأن الخيار بين «داعش» و«النصرة» ليس خياراً واقعياً، وللأسف أصبحنا نرى تهميشاً للأصوات المعتدلة والعاقلة في سورية، التي تسعى لإيجاد دولة مدنية.

وعن التدخل العسكري، قال: «نعتقد أنه سيعقّد المشهد، سواء كان روسيا أو من أي طرف آخر، غير أننا نتفق على أن أحداً لن يستاء من القصف الروسي لـ(داعش) أو (القاعدة)، فهو قصف لعدو مشترك، أما عن الحل فإن الإمارات مقتنعة بضرورة إيجاد حل سياسي من خلال وجود شريك سوري». وذكر أنه «خلال السنوات الأربع الماضية، مازال السؤال يدور حول مصير الأسد، والإمارات لا ترى أن للأسد وجوداً شرعياً في مستقبل سورية بعد حرب أهلية نجم عنها أكثر من 300 ألف قتيل، غير أننا لا نريد أن تتفكك المؤسسات الحكومية السورية، ويجب أن تكون هناك مرحلة انتقالية، إلا أننا لا نملك إجابات نهائية بالنسبة للأزمة السورية فالوضع مازال معقداً».

وأبدى استعداد الإمارات للمشاركة في أي جهد دولي يتطلب تدخلاً برياً لمحاربة الإرهاب، مشدداً على أن «دول المنطقة تحمل جزءاً من العبء، ولا مجال لتدخل أجنبي، كالتدخل الأميركي لتحرير الكويت، حيث لم يعد هذا السيناريو مجدياً، ولذا فإن التحالف العربي في اليمن، بقيادة المملكة العربية السعودية، هو النموذج البديل لنا كدول».

وأعرب عن قلقه تجاه الاستراتيجية العالمية لمحاربة الإرهاب التي لم تعد مجدية أو كافية.. معتبراً أن حل الأزمة السورية هو مفتاح نجاح هذه الحرب، غير أن مصير الأسد وموقعه في المرحلة الانتقالية، ومخرجه من بعدها، هي ما تعرقل حل الأزمة السورية، وبالتالي نجاح الحرب على الإرهاب.

ورداً على سؤال حول احتضان دولة الإمارات للاجئين السوريين، أكد وزير الدولة للشؤون الخارجية، أن «تعداد الجالية السورية في الإمارات ازداد بدءاً من عام 2011 بمقدار 100 ألف سوري، اندمجوا ودخلوا في القوى العاملة في الإمارات، وأصبح هناك أكثر من 5000 منشأة ومؤسسة سورية، إضافة إلى 37 ألف طفل سوري سجلوا في مدارس الدولة، والإمارات مستمرة في دعم اللاجئين السوريين في الأردن ولبنان وفي المناطق الكردية شمال العراق».

وحول الشأن السوداني، أكد أن «العلاقات السودانية ـــ الإماراتية تمر الآن بحالة متميزة، وقد سبق ذلك قرار السودان بالمشاركة في التحالف العربي».

وقال قرقاش إن «دعم الإمارات لمصر وعودتها لموقعها العربي خيار استراتيجي لن تتخلى عنه الإمارات»، لافتاً إلى أن هناك أطرافاً تدق إسفيناً بين العلاقات العربية، وما يردده المتطرفون أن دول الخليج تخلت عن مصر عارٍ عن الصحة، فبرنامج دعم الإمارات لمصر يمر بمراحل، وهو خيار استراتيجي ليس آنياً والبرنامج الإماراتي مستمر».

وتابع أنه «بطبيعة الحال مصر وضعها يتحسن، وبالتالي طبيعة الدعم تختلف لإعادة التوازن في مصر، والعديد من البرامج انتهت، لكن الدعم مستمر وفق آليات جديدة، فمازال أمام مصر تحدٍّ اقتصادي بعيد المدى، لكنها خرجت من المرحلة الحرجة».

وفي ما يتعلق باليمن، أكد قرقاش أن «التحالف حقق معظم أهدافه في اليمن، وأولها عودة الحكومة الشرعية إلى البلاد، والثاني بدء عملية لسلام في اليمن، بحسب قرارات الأمم المتحدة، والمبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني اليمني، التي وافقت عليها جميع الأطراف، والمفاوضات المقبلة في سويسرا، في ديسمبر المقبل، ستعقد بناء على قرار مجلس الأمن رقم 2216».

وقال إن «الهدف الثالث من تدخلنا في اليمن كان توجيه رسالة قوية لإيران بأن موقف العالم العربي متوحد بهذا الشأن، والوقت أصبح مناسباً الآن لبدء حل سياسي»، مشدداً على ضرورة عدم وجود فترة انتقالية طويلة تحرم اليمن من الحصول على الأموال اللازمة للتنمية في ظل حل سياسي مؤقت، والحل السياسي المطول سيستغله (داعش)، و(القاعدة) التي تستفيد من أي فراغ سياسي، كما حصل في سورية وليبيا والعراق».

وأكد قرقاش عدم وجود قوات غير عربية تحارب أو تتحضر أو في موقع للتدخل في اليمن.

وفي رده على سؤال حول علاقة الإمارات ولبنان، قال إن «علاقة الإمارات مع لبنان الدولة جيدة، وهناك جالية في الإمارات، أما مع الحكومة اللبنانية التي يشكل (حزب الله) مكوناً أساسياً فيها فلا يمكن التغاضي عن تصريحات عدائية من جانب (حزب الله) في ما يخص البحرين والسعودية والإمارات».

وقال قرقاش إن إيران جار إقليمي مهم، ونود قلب الصفحة وبدء علاقات سياسية معها، مبنية على الاحترام وعدم التدخل، موضحاً أن الاتفاقية النووية الإيرانية تمنح إيران هذه الفرصة، لتكوين علاقات طبيعية مع جيرانها، إلا أن المؤشرات التي تردنا من إيران غير إيجابية، وذلك بسبب استمراراها في التدخل في السياسات العربية، ومملكة البحرين كمثال، وإذا استمر هذا التدخل ستتعقد العلاقات».