الامارات 7 - تتوالى الأحداث والتحولات السياسية بوتيرة جنونية في عالمنا العربي، حتى لكأنها تتدفق من فم مدفع رشاش، ومع كل طلقة منه، ترتد لنا أصداء الأحداث والأخبار على شكل تقارير وتغطيات صحفية مختلفة، لكن من ضمن كل القنوات والصحف والمواقع والإذاعات، تشكل الجزيرة، كوكباً منفرداً في مجرة لا علاقة لها بما يجري ويدور، بل تدور في فلك خاص مجهول، إلا لمن يشرف على دواليب هذه القناة التلفزيونية المحترفة بالتشويه والتضليل.
ومع كل تقرير عن الأحداث، خاصة منها التي تهم منطقتنا العربية، يقول المشاهد لنفسه، أخيراً وصلنا إلى منتهى السقوط، ولكن مع الجزيرة، كما في كلّ مرة وبقدرة غريبة عجيبة لا تتوفر إلاّ في فئة قليلة من وسائل الإعلام، تؤكد مرة تلو الأخرى، أن السقوط بئر بلا قاع.
ففي معرض تناولها كلمة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الإثنين، على موقعها الإلكتروني، حورت الجزيرة كلمة السيسي بالكامل، فأخذت منها ما يحلو لها، ووضعته في سياق من خارج السياق العام لما كان يتحدث به الرئيس المصري، وهكذا عن سابق تصور وتصميم وعلى جاري عادتها، سعياً إلى إظهار وجه آخر للرئيس المصري، وجه غير موجود إلا في مخيلة الجزيرة الخصبة بالتخيلات.
في كلمته، تحدث السيسي عن "التضحية وقيم العمل وضرورة إعلاء الهدف الكبير على غيره من الأهداف المرحلية التي يمكن تجاوزها من أجل بناء مصر، وعودتها لصناعة التاريخ وتأكيد قدرتها على تجاوز الصعوبات والمحن، حتى لو اقتضى الأمر أو أفضى إلى الامتناع عن الأكل، لتوفير كل الإمكانات المتاحة لتحقيق هذا الهدف الحضاري العظيم".
في هذه الكلمة، القصيرة، لم تجد الجزيرة، ما يُثير الاهتمام سوى "الدعوة إلى الامتناع عن الأكل" موضوعاً مركزياً يستحق التوقف عنده ونشره على أوسع نطاق بين المنخرطين في تويتر من متابعي القناة السابحة في مجرتها البعيدة. أخذت الجملة وسلختها عن سياقها لتسوّق لشيء أقل ما يُقال فيه إنه سخيف.
ومجرد التوقف عند هذه الكلمة اليتيمة أو الصورة، التي استعارها السيسي في كلمته التي كانت على هامش افتتاحه مجموعة من المشاريع الكبيرة، التي ستضمن لجزء من الشعب المصري"أكل عيشه" عند اكتمالها، لم تشدّ انتباه الجزيرة، ولم تجد في شكره الدول العربية التي ساعدت مصر، وخاصة إفراد الإمارات، بين غيرها من شقيقاتها العربيات الأخرى على جهودها الخاصة ودعمها الخاص للمعركة المصرية المصيرية ضد الإرهاب والوضع الاقتصادي الصعب والوضع الاجتماعي الدقيق، ما يستدعي التوقف أو التحليل، لاشيء، "نادا"، "نيشت" "ريان" ، ولا بالعربي أو بالأجنبي ما يهم القناة المحترفة المحترمة أو يدعوها للنظر فيه، فيتحول الموضوع برمته عندها إلى كاريكاتير هابط، لتقول في تغريدتها: "تصفيق حار لدعوة السيسي شعبه الامتناع عن الأكل".
هل يستحق هذا السقوط الذي عودتنا به الجزيرة، منذ زمن بعيد، أن نتوقف عنده أطول؟
بعد التعرض لصدمة موضوع الجزيرة، وبعد إعادة المقطع "المشبوه" أكثر من مرة، يقفز إلى الذهن وينستون تشيرشل رئيس الحكومة البريطانية الأسبق، وهو يُعلن للرأي العام البريطاني قرار بريطانيا الدخول في الحرب ضد ألمانيا النازية، عندما قال لمواطنيه: "كل ما أعدكم به هو الكثير من الدموع والدمار والتعب"، وكم الرجل محظوظاً عندما زف إلى شعبه هذه البشرى الدموية، ولو كانت الجزيرة معاصرة لتشرشل، لكان سهلاً عليها اتهامه بالعمالة للنازية ولهتلر الذي توعد بريطانيا بالدمار والخراب.
وعلى ذكر النازية، لعله من المفيد التذكير أنها وإلى جانب غرف الغاز ومعسكرات الاعتقال والمحتشدات، والصواريخ المدمرة والغازات القاتلة، اخترعت أيضاً ما يُعرف بالدعاية السياسية الموجهة أو البروبغندا، على يد وزيرها الشهير غوبلز، الذي كان يعتبر الإعلام سلاحاً أخطر من المدافع والصواريخ.
وفي زمن مثل الذي نعيش، تتكالب عليه الحروب والنزاعات والتناحر بما يُذكر في كثير من التفاصيل بالحرب العالمية الثانية، وجب التساؤل تحت طائلة هذا القصف من قبل الجزيرة، هل عاد غوبلز إلى الحياة؟ أم أن النازية، فيروس ينتقل عبر القارات والأجيال ليضرب البعض منها بين الحين والآخر، مرة على شكل إذاعي مثل الإذاعات التي تورطت في مجازر رواندا، التي تُعرف بـ"هولوكست التوتسي" في تسعينات القرن الماضي، وقبل ذلك في عدد من الولايات الأمريكية بالدعاية للكلو كلاكس كلان، أو في جنوب افريقيا زمن الفصل العنصري؟
Heil يا الجزيرة (لدواعي التوضيح، هايل، ليست تحريفاً للكلمة العربية "هائل").
24- سليم ضيف الله
ومع كل تقرير عن الأحداث، خاصة منها التي تهم منطقتنا العربية، يقول المشاهد لنفسه، أخيراً وصلنا إلى منتهى السقوط، ولكن مع الجزيرة، كما في كلّ مرة وبقدرة غريبة عجيبة لا تتوفر إلاّ في فئة قليلة من وسائل الإعلام، تؤكد مرة تلو الأخرى، أن السقوط بئر بلا قاع.
ففي معرض تناولها كلمة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الإثنين، على موقعها الإلكتروني، حورت الجزيرة كلمة السيسي بالكامل، فأخذت منها ما يحلو لها، ووضعته في سياق من خارج السياق العام لما كان يتحدث به الرئيس المصري، وهكذا عن سابق تصور وتصميم وعلى جاري عادتها، سعياً إلى إظهار وجه آخر للرئيس المصري، وجه غير موجود إلا في مخيلة الجزيرة الخصبة بالتخيلات.
في كلمته، تحدث السيسي عن "التضحية وقيم العمل وضرورة إعلاء الهدف الكبير على غيره من الأهداف المرحلية التي يمكن تجاوزها من أجل بناء مصر، وعودتها لصناعة التاريخ وتأكيد قدرتها على تجاوز الصعوبات والمحن، حتى لو اقتضى الأمر أو أفضى إلى الامتناع عن الأكل، لتوفير كل الإمكانات المتاحة لتحقيق هذا الهدف الحضاري العظيم".
في هذه الكلمة، القصيرة، لم تجد الجزيرة، ما يُثير الاهتمام سوى "الدعوة إلى الامتناع عن الأكل" موضوعاً مركزياً يستحق التوقف عنده ونشره على أوسع نطاق بين المنخرطين في تويتر من متابعي القناة السابحة في مجرتها البعيدة. أخذت الجملة وسلختها عن سياقها لتسوّق لشيء أقل ما يُقال فيه إنه سخيف.
ومجرد التوقف عند هذه الكلمة اليتيمة أو الصورة، التي استعارها السيسي في كلمته التي كانت على هامش افتتاحه مجموعة من المشاريع الكبيرة، التي ستضمن لجزء من الشعب المصري"أكل عيشه" عند اكتمالها، لم تشدّ انتباه الجزيرة، ولم تجد في شكره الدول العربية التي ساعدت مصر، وخاصة إفراد الإمارات، بين غيرها من شقيقاتها العربيات الأخرى على جهودها الخاصة ودعمها الخاص للمعركة المصرية المصيرية ضد الإرهاب والوضع الاقتصادي الصعب والوضع الاجتماعي الدقيق، ما يستدعي التوقف أو التحليل، لاشيء، "نادا"، "نيشت" "ريان" ، ولا بالعربي أو بالأجنبي ما يهم القناة المحترفة المحترمة أو يدعوها للنظر فيه، فيتحول الموضوع برمته عندها إلى كاريكاتير هابط، لتقول في تغريدتها: "تصفيق حار لدعوة السيسي شعبه الامتناع عن الأكل".
هل يستحق هذا السقوط الذي عودتنا به الجزيرة، منذ زمن بعيد، أن نتوقف عنده أطول؟
بعد التعرض لصدمة موضوع الجزيرة، وبعد إعادة المقطع "المشبوه" أكثر من مرة، يقفز إلى الذهن وينستون تشيرشل رئيس الحكومة البريطانية الأسبق، وهو يُعلن للرأي العام البريطاني قرار بريطانيا الدخول في الحرب ضد ألمانيا النازية، عندما قال لمواطنيه: "كل ما أعدكم به هو الكثير من الدموع والدمار والتعب"، وكم الرجل محظوظاً عندما زف إلى شعبه هذه البشرى الدموية، ولو كانت الجزيرة معاصرة لتشرشل، لكان سهلاً عليها اتهامه بالعمالة للنازية ولهتلر الذي توعد بريطانيا بالدمار والخراب.
وعلى ذكر النازية، لعله من المفيد التذكير أنها وإلى جانب غرف الغاز ومعسكرات الاعتقال والمحتشدات، والصواريخ المدمرة والغازات القاتلة، اخترعت أيضاً ما يُعرف بالدعاية السياسية الموجهة أو البروبغندا، على يد وزيرها الشهير غوبلز، الذي كان يعتبر الإعلام سلاحاً أخطر من المدافع والصواريخ.
وفي زمن مثل الذي نعيش، تتكالب عليه الحروب والنزاعات والتناحر بما يُذكر في كثير من التفاصيل بالحرب العالمية الثانية، وجب التساؤل تحت طائلة هذا القصف من قبل الجزيرة، هل عاد غوبلز إلى الحياة؟ أم أن النازية، فيروس ينتقل عبر القارات والأجيال ليضرب البعض منها بين الحين والآخر، مرة على شكل إذاعي مثل الإذاعات التي تورطت في مجازر رواندا، التي تُعرف بـ"هولوكست التوتسي" في تسعينات القرن الماضي، وقبل ذلك في عدد من الولايات الأمريكية بالدعاية للكلو كلاكس كلان، أو في جنوب افريقيا زمن الفصل العنصري؟
Heil يا الجزيرة (لدواعي التوضيح، هايل، ليست تحريفاً للكلمة العربية "هائل").
24- سليم ضيف الله