برج خليفة عقد من الإلهام

الامارات 7 - لم يكن ممكناً أن تصل قمة برج خليفة إلى ارتفاع 828 متراً عن سطح الأرض، لولا رافعة أفكار وتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، فقد وجّه سموه عند إطلاعه على التصاميم الأولية للمشروع العملاق عام 2003 بأن يصبح علامة فارقة على وجه الأرض، وأمر سموه القائمين على تشييد البرج بزيادة ارتفاعه، حتى يصل بالإرادة الإنسانية إلى أقصاها، وتصبح الإمارات حاضنة لأعلى برج في العالم بلا منازع.

في عام 2004 ، تربّع برج تايبيه في تايوان على عرش أعلى ناطحات السحاب في العالم بارتفاع 509 أمتار، ولكن في العام نفسه، كانت دبي قد باشرت فعلياً بانتزاع اللقب وبدأت بتشييد برجها وفقاً لتصاميم أولية تصل بالارتفاع إلى 550 متراً (أعلى من تايبيه بـ41 متراً) واختارت دبي صحراء (دوار الدفاع) رحماً لمدينة جديدة ستصبح هي الأخرى بعد 6 أعوام أغلى كيلومتر مربع في العالم وحاضنة للبرج الأيقوني ولأعلى نوافير العالم وأكبر مراكز التسوق في الكرة الأرضية ضمن مشروع وسط مدينة دبي 73 مليار درهم (20 مليار دولار)، ويشكل مشروعاً متعدد الاستخدامات مساحته 500 فدان ويضم أكبر مركز تسوق في العالم يزوره ملايين السياح سنوياً، ومرافق عالمية المستوى.

أعلى فأعلى

خلال تشييد البرج جرى زيادة الارتفاع من 550 متراً إلى 750 متراً، فتجاوز البرج ارتفاع برج تايبيه ثم في 2008 تجاوز ارتفاع سارية راديو وارسو (646 متراً)، وأصبح برج دبي فعلياً أعلى هيكل أرضي في تاريخ البناء البشري.

لكن دبي أرادت كتابة تاريخ جديد ليتحدد ارتفاع جديد للبرج وهو 808 أمتار وهو ما لم يبقَ على حاله أيضاً، فطموحات باني نهضة دبي أبعد من بلوغ الرقم 1 فوصل برج دبي إلى ارتفاع 828 متراً حتى سجل التاريخ في 4 يناير 2010 «إن القمم العالية لا تبنى إلا بهمم عالية» فشهدت البشرية ولادة أعلى ناطحة سحاب في العالم تحمل اسم رئيس الدولة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان حفظه الله.

مدينة عمودية

وأصبح برج خليفة من أهم المعالم الحضارية، إضافة إلى عدد من مشاريع البناء المبتكرة الأخرى من حوله، حيث تم تصميم هذا المبنى الأيقوني ليس فقط ليكون أطول برج في العالم وإنما ليعكس فكرة المدينة العمودية المتكاملة التي تنظر للمستقبل وتستخدم الابتكار لمواجهة التحديات العالمية المتمثلة بحركة التمدن وزيادة كثافة السكان في المدن العالمية الضخمة.

تحقق لدبي ما سعت إليه من نفض غبار الرتابة والتقليد في قطاع الهندسة والبناء على المستوى العالمي، لتنهي تراجعاً معمارياً استمر خمسين عاماً جاعلة من التكنولوجيا محركاً للتقدم الجوهري في القطاع، ومعلنة انقلاباً على الأساليب الكلاسيكية في التطوير الحضري.

خلال مراحل تخطيط مشروع برج خليفة في عام 2002، كان من الواضح أن المشروع سيستلزم العديد من الابتكارات في التصميم والتشييد وتقنيات البناء.

وقد استثمرت شركة إعمار العقارية جهوداً كبيرة في تجميع فريق المشروع من مختلف أنحاء العالم، مع خبرة وباع طويل في مجال الأبنية فائقة الارتفاع. وقد أدت المبادرة المشتركة التي أسهم بها أطراف متعددة إلى تشييد برج خليفة الذي كسر أرقاماً قياسية عالمية لأبنية عديدة، ليصبح معلماً حضرياً إبداعياً بكافة المقاييس. استغرق بناء البرج الذي يبلغ ارتفاعه 828 متراً ويعدّ أطول مبنى في العالم وأطول بناء من صنع الإنسان، أقل من أربع سنوات بداية من أعمال الحفر الأولى ليتجاوز برج تايبيه 101 الذي كان يعد المبنى الأطول، بالإضافة إلى ثلاث سنوات أخرى فقط لإكمال عملية البناء. ويجذب المبنى اليوم آلاف الزوار يومياً، ما جعل وسط مدينة دبي الوجهة الحضرية المفضلة لدى الكثيرين.

وأصبح برج خليفة المدينة العمودية والتحفة المعمارية؛ التي أضافت إلى الإمارات مجداً متميزاً، يتجلى فيه تناغم الإبداع الهندسي والعناية بالتفاصيل والقيمة الجمالية الاستثنائية.

ويمثل «برج خليفة» عماد مشروع «وسط مدينة دبي »، أبرز مشاريع شركة «إعمار العقارية». ويعد البرج أطول مبنى شيده الإنسان على مر التاريخ. ويضم 163 طابقاً وهو أكبر عدد من الطوابق ضمن أي مبنى في العالم.

منصة المراقبة

ويضم البرج منصة المراقبة «قمة البرج، برج خليفة» في الطابق 124، والتي أصبحت واحدة من أبرز الوجهات السياحية وتتميز بإطلالات رائعة على مدينة دبي والمناطق المحيطة بها. كما يضم مجمع البرج مبنى المكاتب الملحق المؤلف من 12 طابقاً؛ و«النادي»، مركز اللياقة البدنية المؤلف من 4 طوابق؛ و«أرماني بافيليون»، الوجهة الترفيهية الخارجية التي تطل على بحيرة برج خليفة و«دبي فاونتن»، أطول النوافير الاستعراضية في العالم. ويزدان برج خليفة ومنطقة «إعمار بوليفارد» المحيطة به بأكثر من 1000 قطعة فنية قام بتصميمها نخبة من أبرز الفنانين من الشرق الأوسط والعالم. وتم إعداد الكثير من هذه الأعمال الفنية بتوصية من «إعمار» لتكون بمقام احتفالية بروح التعاون العالمي الذي يعبر عنه «برج خليفة». ومنح «برج خليفة» للنخبة فرصة الإقامة في مجموعة من أفخم الوحدات السكنية في العالم، والتي تتميز بتصاميمها الراقية ومرافقها المتكاملة. ويشتمل «برج خليفة» على 900 وحدة سكنية تتوزع بين الاستديو وشقق بغرفة واحدة أو غرفتين أو ثلاث أو أربع غرف. وتتوزع الوحدات السكنية من الطوابق 19 إلى 108 من البرج.

يضم البرج «فندق أرماني دبي» وهو الأول من نوعه في العالم، ويرسي معايير جديدة على مستوى قطاع الضيافة. وأشرف المصمم العالمي الشهير جورجيو أرماني على كافة تفاصيل الفندق، بدءاً من تصميم الغرف، ومروراً باختيار الأقمشة المستخدمة في المفروشات، وانتهاءً بإعداد أنظمة الخدمات.

مرافق راقية

وتقدم «قمة البرج، برج خليفة» لأهل المدينة وزوارها فرصة لم يسبق لها مثيل لرؤية أفق المدينة ببعد آخر، وتقع في الطابق 124 من «برج خليفة». وتأخذ الزوار عبر رحلة يتعرفون فيها على قصة تطور دبي وتحفتها المعمارية العملاقة «برج خليفة».

كما يضم «برج خليفة» مجموعة متنوعة من المرافق التي تلبي متطلبات الحياة العصرية الراقية التي يتطلع إليها السكان والزوار والضيوف. وتشتمل هذه المرافق على 4 أحواض سباحة فاخرة وردهة خاصة للسكان وشقق فندقية ومرافق للياقة البدنية ونادٍ صحي. وبغرض تسهيل حركة السكان والزوار، يضم «برج خليفة» مواقف مجهزة لاستيعاب 3 آلاف سيارة، في الطابقين الواقعين تحت الأرض.

تشكيلات مائية

ويزدان «برج خليفة» بمساحات واسعة من الحدائق الخضراء ذات التصاميم الهندسية البديعة، حيث تمتد «الحديقة» على مساحة 11 هكتاراً تحيط بقاعدة البرج من جميع أطرافه. وتضم حدائق البرج 6 تشكيلات مائية رائعة والعديد من الأشجار المزهرة بأروع الألوان. وحرص مطورو «برج خليفة» على إيلاء أنظمة المكافحة من الحرائق والإخلاء أهمية قصوى، حيث يحيط الأسمنت بجدران كافة السلالم ضمن البرج، في حين تبلغ الطاقة الاستيعابية لمصعد الخدمة والحرائق 5500 كيلوجرام وهو أيضاً أطول مصعد خدمة في العالم من حيث المسافة المقطوعة، وهناك أيضاً ملاجئ مكيفة تقع بين كل 25 طابقاً تقريباً.

تصميم البرج

ويمثل الشكل النهائي لبرج خليفة ثمرة الجهود الإبداعية الكبيرة لمهندسي شركة «سكيدمور أوينجز أند ميريل»، الذين حرصوا على تحقيق التنوع في شكل البرج مع تصاعده نحو الأعلى، بما يحد من التأثير الذي يمكن للرياح أن تتركه على البرج. ويؤدي الشكل المختلف لكل قسم من البرج إلى تعديل حركة الرياح بما يمنعها من التأثير بشكل منظم في بنية البرج ويقلل من الحركة الجانبية للهيكل.

مسابقة عالمية

وكان الهيكل، المؤلف من وحدات والمبني على شكل حرف Y مؤلفاً ثلاثة فروع تتضاءل مع زيادة الارتفاع، جزءاً من التصميم الأصلي الذي دخل في مسابقة عالمية لتصميم البرج كان قد تم إطلاقها في بدايات العمل بالمشروع. ويستفيد هيكل البرج من توظيف الكتل الأسمنتية عالية الأداء كمادة رئيسة في الإنشاء. كما يوفر نظام مقاومة الحمل الأفقي للبرج حماية من آثار الرياح والزلازل على حد سواء. وتمت عمليات تركيب المصاعد في «برج خليفة» باستخدام أحدث التقنيات الذكية المتطورة، ويضم البرج 57 مصعداً و8 سلالم كهربائية لتسهيل حركة سكان البرج وزواره على حد سواء وتبلغ الطاقة الاستيعابية لمصعد الخدمات/‏ الحرائق 5500 كيلوجرام، وهو أعلى مصعد خدمات في العالم على الإطلاق.

ويعد «برج خليفة» أول ناطحة سحاب توجد فيها مصاعد مبرمجة للسماح بعمليات الإخلاء المنظمة في حالات الحرائق أو غيرها من الدواعي الأمنية. وتتميز مصاعد شرفة «قمة البرج، برج خليفة» بكونها مؤلفة من طابقين ويتسع كل منها إلى 12-14 شخصاً، وتنطلق بسرعة 10 أمتار في الثانية.

73

مليار درهم استثمارات وسط مدينة دبي

828

متراً تضع البرج على قمة أطول ما شيده الإنسان

6

سنوات من بدء أعمال الحفر الأولى حتى اكتمال عملية البناء

163

طابقا يحتضنها أعلى مبنى في العالم

1000

قطعة فنية من تصميم أبرز فناني العالم تزين البرج و«إعمار بوليفارد»

3000

سيارة تستوعبها المواقف المجهزة في طابقين تحت الأرض

1

أعلى نوافير العالم وأكبر مراكز التسوق في الكرة الأرضية ضمن المشروع

500

فدان إجمالي مساحة «وسط مدينة دبي» متعدد الاستخدامات

900

وحدة يحتضنها البرج تضم استديوهات وشققاً من 1 إلى 4 غرف

رمز

رغم أهمية برج خليفة من الناحية المعمارية، فإن أهميته الأكبر تكمن في بروزه كرمز لإرادة البشرية وإبداعها. ومنذ أكثر من قرن من الزمان، برزت ناطحات السحاب لتصبح رمزاً للأسلوب الحضري والقوة، وما بدأ في أواخر القرن التاسع عشر يستمر بشكل حيوي في القرن الحادي والعشرين، والعالم ماضٍ في بناء الأعلى والأكثر علواً.

وسط المدينة

يقع برج خليفة وسط أفخم كيلومتر مربع في العالم وسط مدينة دبي الذي يوصف بأنه «قلب العالم الحاضر»، وتبلغ قيمة مشروع وسط مدينة دبي 73 مليار درهم (20 مليار دولار)، ويشكل مشروعاً متعدد الاستخدامات مساحته 500 فدان، ويضم أكبر مركز تسوق في العالم يزوره ملايين السياح سنوياً، ومرافق عالمية المستوى.