دول مجلس التعاون الخليجي تقدم مثالاً على التعاون بين القطاعين العام والخاص لمعالجة تحديات الأمن الغذائي

الامارات 7 - دبي، دولة الإمارات العربية المتحدة، 9 فبراير 2015 – قال خبراء مشاركون في قمة الأمن الغذائي العالمي، المنعقدة على هامش الدورة العشرين من معرض "جلفود"، إن بوسع دول مجلس التعاون الخليجي لعب دور ريادي في بناء علاقات شراكة استراتيجية بين القطاعين العام والخاص بهدف التصدي للتحديات المتعلقة بالأمن الغذائي العالمي.

وتشكّل قمة الأمن الغذائي العالمي منصة مهمة لوضع أسس متينة لحوكمة السياسات والاستراتيجيات العالمية المرتبطة بأمن الغذاء، حيث تجمع هذه القمة وزراء ومسؤولين دوليين بارزين علاوة على صناع القرار وخبراء من القطاع الخاص من عدة دول، بُغية مناقشة جوانب مهمة تتعلق بالقطاع الزراعي، مثل الاستدامة، وإصلاح السياسات، ورسم الاستراتيجيات العالمية الخاصة بالاستحواذ على الأراضي الزراعية، والمبادرات المحلية في هذا المجال.

وافتتح القمة رسمياً أحمد الخاجة، النائب الأول للرئيس في مركز دبي التجاري العالمي، الجهة المنظمة لحدث "جلفود"، أكبر معرض تجاري سنوي لقطاع الأغذية والضيافة في العالم، حيث أكّد الخاجة في كلمته الافتتاحية أمام القمة على أهمية الضمان الفوري لأمن الغذاء على المدى الطويل، مشيراً إلى أن هذا الأمر سيظلّ الشغل الشاغل لجميع دول العالم، واما على مستوى المنطقة فإن الاعتماد الكبير على الواردات الغذائية في الشرق الأوسط، والنمو السكاني، وزيادة الطلب على البروتين الحيواني، ومحدودية إمدادات المياه، أمور تُكسب الأمن الغذائي أهمية خاصة، مضيفاً إن قمة الأمن الغذائي العالمي أصبحت منبراً لصانعي سياسات عالميين بارزين ومختصين كبار في هذا القطاع ما من شأنه الإسهام في رسم ملامح مستقبل غذائي أكثر أمناً.

من جانبه، شدّد عيسى الغرير، رئيس مجلس إدارة شركة الغرير للموارد، على أهمية التنسيق والتعاون بين القطاعين العام والخاص من أجل التصدي للتحديات التي تواجه أمن الغذاء، وقال الغرير إن أمن إمدادات الغذاء هو الأساس لمجتمع مستقر وآمن، مشيراً إلى أن الأمن الغذائي يتمتع بأهمية خاصة لمنطقة الخليج والشرق الأوسط نظراً للزيادة السريعة في عدد السكان وندرة الأراضي الصالحة للزراعة ونقص المياه. وأضاف: "هذه العوامل لن تتغيّر، لذلك ينبغي علينا العمل من أجل التخفيف من حدتها عبر تقديم حلول استراتيجية يتم الإعداد لها بعناية وفي إطار زمني كافٍ".

لكن تلك الحلول لا يمكن أن تتمحور حول الشركات وحدها، كما لا يمكن أن تكون نتيجة لسياسات تُمليها الحكومات؛ فلا القطاع الخاص وحده ولا الحكومة وحدها قادرة على تحقيقها، فهذه الحلول لا يمكن بلورتها إلاّ عبر تعاون وثيق بين الجانبين. ويُعتبر ضخّ مزيد من الاستثمارات الحكومية في مجال التقنية، وتحسين القدرات الإنتاجية المحلية ومرافق تجهيز الأغذية وتخزينها، من الحلول الرامية إلى تحقيق نمو مستدام في دولة الإمارات.

من جانبه، قال خديم عبدالله الدرعي، الشريك المؤسس والمدير التنفيذي لشركة الظاهرة الزراعية، إن دولة الإمارات بدأت بتجربة برامج عدة تقوم على التعاون بين القطاعين العام والخاص، وأضاف: "يتطلب إحراز تقدم على صعيد الأمن الغذائي حلولاً مستدامة وطويلة الأجل، وقد استطاعت دولة الإمارات تجسير الفجوة بين القطاعين العام والخاص بشكل جيد فيما يتعلق بالاستثمار الزراعي المتسم بالكفاءة والمسؤولية والطابع الأخلاقي". وأشار الدرعي إلى وقوع دولة الإمارات على طرق رابطة بين كثير من البلدان الرئيسية المنتجة والمستهلكة للغذاء، معتبراً أنها تشكل ممراً يسهل من خلاله عبور الغذاء بين إفريقيا وآسيا، ما يجعلها تمثل معادلة رابحة للدول المنتجة والمصدرة والمستوردة على السواء".

وقال الدرعي إن شركة الظاهرة الزراعية ظلّت تستثمر المال في سبيل تزويد الحكومة بالتوريدات الغذائية، موضحاً أن دولة الإمارات تأتي في طليعة الدول التي تشهد دعماً حكومياً للقطاع الخاص في استثمار الأراضي الزراعية في بلدان أخرى لتوسعة القطاع الزراعي، وأضاف: "نحتاج إلى تفعيل هذا النموذج وتعظيم الجهود المبذولة في هذا الجانب من أجل التصدي لقضية الأمن الغذائي".

بدورها، كشفت توموسيمي رودا بيس، مفوضة الاقتصاد الريفي والزراعة بمنظمة الوحدة الإفريقية، عن أن القارة السمراء تنطوي على فرص استثمارية هائلة متاحة أمام مبادرات الشراكة بين القطاعين العام والخاص لزيادة المحاصيل الزراعية. وقالت رودا بيس في الجلسة الافتتاحية التي ركزت على القطاع الزراعي المزدهر في إفريقيا وحملت عنوان "وضع أسس متينة للحوكمة العالمية للسياسات والاستراتيجيات ضماناً للأمن الغذائي"، إن الحقول الخضراء تهيمن على المشهد الزراعي في إفريقيا خلال الوقت الراهن، وأن 95 بالمئة من الأراضي الزراعية جنوب الصحراء الكبرى هي أراضٍ غير مروية، وأضافت: "إفريقيا كقارة لا تستفيد سوى من ثلاثة بالمئة فقط من إمكانات الري المتاحة لديها، ما يعني أن ثمّة فرصاً استثمارية كبيرة سانحة".

من جهته، قال فليكس كوسكي، أمين مجلس الوزراء لشؤون الزراعة والثروة الحيوانية والسمكية في كينيا، إن الأراضي جنوب الصحراء الكبرى ما تزال غير مستغلة كما ينبغي، مشيراً إلى أنها منطقة "تنطوي على إمكانيات مؤكدة"، وأضاف: "نعتقد أن منطقة الشرق الأوسط مهيّأة للاستفادة من الزراعة في إفريقيا، والتي تعتبر محرك الرخاء والازدهار، من خلال استكشاف فرص الاستثمار في حلول الأمن الغذائي واستغلالها، ما من شأنه العودة بالنفع على المنتجين والمصدرين".

وفي ضوء المكانة المهمة للسياسات والاستراتيجيات المستدامة على جدول أعمال القمة، كشف كوينتن غراي، المفوض الزراعي في مكتب شؤون الزراعة بوزارة الزراعة الأمريكية، عن خمسة عوامل قال إنها ينبغي أن تشكل الأساس لأية استراتيجية دولية تتعلق بالأمن الغذائي.

وأضاف غراي: "بحلول العام 2050، سيتجاوز عدد سكان العالم تسعة مليارات نسمة، وسوف يزداد الطلب جراء ذلك على الغذاء بنسبة 60 بالمئة، ونحن بحاجة، من أجل معالجة هذه القضية، إلى قوى عمل زراعية كافية لتحفيز الشباب على الاستمرار بالعمل في المزارع، كما ينبغي علينا تعظيم الإنتاج من الأراضي الصالحة للزراعة، والاستثمار في تقنيات جديدة لزيادة الإنتاج، علاوة على البحث عن حلول مجدية ومستدامة للمسائل المرتبطة بالتغير المناخي، مثل إمدادات المياه، ويجب علينا أيضاً تحسين سلسلة القيمة لتقليل ما يضيع من المحاصيل بعد الحصاد. هذه المجالات الخمسة تتمتع بأهمية قصوى عند البحث في وضع سياسات الأمن الغذائي".

أما آلن سميث، المدير التنفيذي لشركة "مونديليز العالمية" بالخليج وباكستان، فقد طرح رؤيته بشأن الطريقة التي يمكن بها للقطاع الخاص أن يُسهم في إثراء النقاش حيال قضية الأمن الغذائي، وذلك خلال جلسة عقدت بعنوان "رفع درجة انخراط الشركات في مواجهة التحديات المتصلة بالأمن الغذائي".

وقال سميث إن إحداث نقلة نوعية في سلاسل التوريد الزراعي في "مونديليز" هو ركيزة أساسية لمستقبل مستدام، داعياً شركات الأغذية إلى التركيز على توظيف حلول زراعية مبتكرة والاستثمار في السلع الأساسية لضمان الأمن الغذائي، وأضاف: "نحن بحاجة لتناول قضية الأمن الغذائي بطريقة مستدامة بيئياً، وتعمل في الوقت نفسه على تحقيق نمو اقتصادي وتوليد فرص تجارية".

وضمّت قائمة المتحدثين في القمة كلاً من خليفة العلي، العضو المنتدب لمركز خدمات المزارعين بأبوظبي، وآد سبايغرز، المنسق الإقليمي الفرعي لدول الخليج بمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) التابعة للأمم المتحدة، وأمين كيال، المدير العام لشركة "دوبونت"، وبشير يوسف، الخبير بسلامة الأغذية في بلدية دبي، وريان قطب، الرئيس التنفيذي للوادي الصناعي بمدينة الملك عبدالله الاقتصادية، وسنجاي سيتي، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لشركة سيغنتشر أغري فنتشرز المحدودة بإفريقيا، ود. سعد خليل عيسى، مدير مكتب مبادرة الملك عبدالله للاستثمار الزراعي في الخارج بوزارة الزراعة السعودية، وروبرت بويل، مدير التعريف بالمخاطر العالمية وكبير الاقتصاديين والمحرر في وحدة المعلومات التابعة لمجموعة "أيكونوميست"، ود. بلقيس عثمان العشا، الخبيرة في التغير المناخي لدى البنك الإفريقي للتنمية، وديفيد كوري، مسؤول المكتب الإقليمي الفرعي للثروة السمكية والزراعة بدول الخليج واليمن في منظمة الفاو، وبوبي كريشنا، رئيس الدراسات والأبحاث الغذائية في إدارة الرقابة الغذائية ببلدية دبي.

وتتواصل فعاليات جلفود للقادة يوم الثلاثاء 10 فبراير بانعقاد مؤتمر الاستثمار الحلال وتُختتم الأربعاء 11 فبراير بمؤتمر تراخيص الامتياز الغذائي.

جدير بالذكر أن "جلفود" ينعقد في إطار الدورة الثانية من "مهرجان دبي للمأكولات"، الحدث الاحتفالي الذي يقام خلال فبراير في أرجاء مدينة دبي. ويُعتبر "جلفود" حدثاً تجارياً مخصصاً للزوار من التجار ورجال الأعمال والمهنيين، وسوف يفتح أبوابه من الساعة 11 صباحاً وحتى 7 مساءً بين 8 و11 فبراير، ومن الساعة 11 صباحاً وحتى 5 مساءً في اليوم الأخير 12 فبراير. يمكن للزوار التسجيل على أرض الحدث مقابل 250 درهماً (66.65 دولاراً).