الامارات 7 - - د. عبدالله السويجي
عنوان قد يصدم كثيرين، حيث سيعتقدون أن الإمارات في طريقها إلى التحول إلى دولة نووية، أو أنها تسعى إلى امتلاك السلاح النووي، لكن الأمر غير ذلك كلياً، فالإمارات تسعى إلى استخدام الطاقة النووية لأغراض سلمية، كتوليد الكهرباء مثلاً، وهو مشروع يحاكي المستقبل في إطار التنمية المستدامة، والتخلص من استخدام الوقود التقليدي في إنتاج الطاقة، لتحافظ على بيئة صحية سليمة للأجيال القادمة، وتستعد لمرحلة ما بعد النفط في إطار وضع البدائل المجدية.
لقد قرأت صباح الجمعة الماضي تقريراً عن مشروع توليد الطاقة في «براكة» في منطقة الظفرة في إمارة أبوظبي، حيث أعلنت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية، عن اكتمال الأعمال الإنشائية الأولية للمحطة النووية الأولى ضمن مشروع الإمارات للطاقة النووية السلمية، وتسليم كافة أنظمة المحطة إلى الشركة الكورية للطاقة المائية والنووية للقيام بالاختبارات الضرورية قبل بدء العمليات التشغيلية الآمنة، إذ تعهدت دولة الإمارات بإنجاز كافة الأعمال الخاصة بمشروع محطات براكة للطاقة النووية السلمية بما يتماشى مع أرقى المعايير والممارسات الخاصة بالوكالة الدولية للطاقة الذرية والرابطة العالمية للمشغلين النوويين، علماً أن الأعمال الإنشائية في المحطة الأولى كانت قد بدأت عام 2012، حيث ستوفر مؤسسة الإمارات للطاقة النووية حينها ربع احتياجات دولة الإمارات من الطاقة الكهربائية منخفضة الانبعاثات الكربونية.
وما يثلج الصدر في الخبر أن مشروع الإمارات للطاقة النووية السلمية في براكة هو أول موقع في العالم يجري فيه بناء أربع محطات نووية متطابقة في آن واحد.
إن توجه الإمارات نحو الطاقة البديلة المستدامة ليس وليد اللحظة، فقد أطلقت مشروعاً عملاقاً في العام 2006 يتمثل في مدينة مصدر لتصبح أكثر مدن العالم استدامة، حيث أطلقت المشروع شركة أبوظبي لطاقة المستقبل بهدف إقامة مدينة تعتمد بشكل كامل على الطاقة الشمسية وغيرها من مصادر الطاقة المتجددة، وإيجاد بيئة خالية من الكربونات والنفايات، وقد قامت شركة مصدر ببناء محطة لتوليد الطاقة الشمسية باستخدام الألواح الكهروضوئية تبلغ طاقتها الإنتاجية 10 ميجاواط، وتمتد المحطة التي تعد الأكبر من نوعها على مستوى الشرق الأوسط على مساحة 22 هكتاراً وتوفر الفائض من الطاقة إلى الشبكة الرئيسية لأبوظبي، وتُعد المدينة صرحاً علمياً وأكاديمياً، إذ تستضيف معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا الذي أنشئ بالتعاون مع معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، ويطرح المعهد برامج الدراسات العليا والبرامج البحثية في مجال الطاقة المتقدمة والتقنيات المستدامة، ويهدف المعهد إلى دعم أنشطة البحث والتطوير في مجال الطاقة البديلة والتقنيات النظيفة في مدينة مصدر.
الإمارات تخطط للمستقبل، وتبني للأجيال القادمة، استناداً إلى فكر تنموي متطور يستشرف ويخطط بناء على المنجزات العلمية الحالية والمتوقعة، وبذلك تتحرر الدولة من اعتمادها على النفط تدريجياً، إذ سيأتي زمن سيجف فيه النفط وتبقى فيه العقول، والاستعداد لهذا الزمن يتطلب الاهتمام بالكوادر البشرية المؤهلة والمدربة على إدارة مجتمع مختلف عما نراه الآن، والتعامل مع حيثيات مستقبلية نكاد لا نراها الآن، ومن هنا جاء اهتمام صانع القرار ببناء بنية تحتية متقدمة، توظف أحدث ما أنتجته التكنولوجيا وتقنياتها، وتقوم بإحلال تدريجي للبرامج القديمة في إنجاز المعاملات وتقديم الخدمات واستبدالها ببرامج تؤهل المجتمع للانتقال إلى مجتمع يستطيع أن ينجز معاملاته إلكترونياً، وصولاً إلى بيئة عمل تؤمن بالعمل من البيت، من خلال توفير شبكة إلكترونية، وربط المؤسسات ذات الصلة، وجعل التواصل سلساً وآمناً.
إمارات نووية نعم، ولكنها لن تنتج أسلحة الدمار الشامل، الإمارات دولة تدعو إلى البناء الشامل، فالهدم والدمار مفردتان غير موجودتين في قاموسها، غايتها توفير الحياة الكريمة لشعبها وكل من يقيم على أرضها، في بيئة نظيفة وصحية وسليمة، وسعادة الإنسان هي هدفها النبيل، وتحقيق السلم العالمي غاية تنسجم والتطلعات الحضارية للبشرية جمعاء. لكن هذا التوجه لا يلغي القيام بالواجب لحماية الأمن الوطني والقومي، والدفاع عن الأشقاء وتوفير الحماية لهم، حتى لو أدى ذلك إلى تقديم شهداء، فهم ينيرون الطريق نحو مستقبل أفضل.
لا دهشة إذن من استخدام الطاقة النووية، ولا بأس أن تكون الإمارات نووية في نادي مستخدمي الطاقة النووية للأغراض السلمية، وإذا تطلبت الظروف تستطيع الإمارات الدفاع عن نفسها بأي وسيلة كانت. حفظ الله الإمارات حكومة وشعباً..
suwaiji@emirates.net.ae
المصدر: الخليج
عنوان قد يصدم كثيرين، حيث سيعتقدون أن الإمارات في طريقها إلى التحول إلى دولة نووية، أو أنها تسعى إلى امتلاك السلاح النووي، لكن الأمر غير ذلك كلياً، فالإمارات تسعى إلى استخدام الطاقة النووية لأغراض سلمية، كتوليد الكهرباء مثلاً، وهو مشروع يحاكي المستقبل في إطار التنمية المستدامة، والتخلص من استخدام الوقود التقليدي في إنتاج الطاقة، لتحافظ على بيئة صحية سليمة للأجيال القادمة، وتستعد لمرحلة ما بعد النفط في إطار وضع البدائل المجدية.
لقد قرأت صباح الجمعة الماضي تقريراً عن مشروع توليد الطاقة في «براكة» في منطقة الظفرة في إمارة أبوظبي، حيث أعلنت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية، عن اكتمال الأعمال الإنشائية الأولية للمحطة النووية الأولى ضمن مشروع الإمارات للطاقة النووية السلمية، وتسليم كافة أنظمة المحطة إلى الشركة الكورية للطاقة المائية والنووية للقيام بالاختبارات الضرورية قبل بدء العمليات التشغيلية الآمنة، إذ تعهدت دولة الإمارات بإنجاز كافة الأعمال الخاصة بمشروع محطات براكة للطاقة النووية السلمية بما يتماشى مع أرقى المعايير والممارسات الخاصة بالوكالة الدولية للطاقة الذرية والرابطة العالمية للمشغلين النوويين، علماً أن الأعمال الإنشائية في المحطة الأولى كانت قد بدأت عام 2012، حيث ستوفر مؤسسة الإمارات للطاقة النووية حينها ربع احتياجات دولة الإمارات من الطاقة الكهربائية منخفضة الانبعاثات الكربونية.
وما يثلج الصدر في الخبر أن مشروع الإمارات للطاقة النووية السلمية في براكة هو أول موقع في العالم يجري فيه بناء أربع محطات نووية متطابقة في آن واحد.
إن توجه الإمارات نحو الطاقة البديلة المستدامة ليس وليد اللحظة، فقد أطلقت مشروعاً عملاقاً في العام 2006 يتمثل في مدينة مصدر لتصبح أكثر مدن العالم استدامة، حيث أطلقت المشروع شركة أبوظبي لطاقة المستقبل بهدف إقامة مدينة تعتمد بشكل كامل على الطاقة الشمسية وغيرها من مصادر الطاقة المتجددة، وإيجاد بيئة خالية من الكربونات والنفايات، وقد قامت شركة مصدر ببناء محطة لتوليد الطاقة الشمسية باستخدام الألواح الكهروضوئية تبلغ طاقتها الإنتاجية 10 ميجاواط، وتمتد المحطة التي تعد الأكبر من نوعها على مستوى الشرق الأوسط على مساحة 22 هكتاراً وتوفر الفائض من الطاقة إلى الشبكة الرئيسية لأبوظبي، وتُعد المدينة صرحاً علمياً وأكاديمياً، إذ تستضيف معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا الذي أنشئ بالتعاون مع معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، ويطرح المعهد برامج الدراسات العليا والبرامج البحثية في مجال الطاقة المتقدمة والتقنيات المستدامة، ويهدف المعهد إلى دعم أنشطة البحث والتطوير في مجال الطاقة البديلة والتقنيات النظيفة في مدينة مصدر.
الإمارات تخطط للمستقبل، وتبني للأجيال القادمة، استناداً إلى فكر تنموي متطور يستشرف ويخطط بناء على المنجزات العلمية الحالية والمتوقعة، وبذلك تتحرر الدولة من اعتمادها على النفط تدريجياً، إذ سيأتي زمن سيجف فيه النفط وتبقى فيه العقول، والاستعداد لهذا الزمن يتطلب الاهتمام بالكوادر البشرية المؤهلة والمدربة على إدارة مجتمع مختلف عما نراه الآن، والتعامل مع حيثيات مستقبلية نكاد لا نراها الآن، ومن هنا جاء اهتمام صانع القرار ببناء بنية تحتية متقدمة، توظف أحدث ما أنتجته التكنولوجيا وتقنياتها، وتقوم بإحلال تدريجي للبرامج القديمة في إنجاز المعاملات وتقديم الخدمات واستبدالها ببرامج تؤهل المجتمع للانتقال إلى مجتمع يستطيع أن ينجز معاملاته إلكترونياً، وصولاً إلى بيئة عمل تؤمن بالعمل من البيت، من خلال توفير شبكة إلكترونية، وربط المؤسسات ذات الصلة، وجعل التواصل سلساً وآمناً.
إمارات نووية نعم، ولكنها لن تنتج أسلحة الدمار الشامل، الإمارات دولة تدعو إلى البناء الشامل، فالهدم والدمار مفردتان غير موجودتين في قاموسها، غايتها توفير الحياة الكريمة لشعبها وكل من يقيم على أرضها، في بيئة نظيفة وصحية وسليمة، وسعادة الإنسان هي هدفها النبيل، وتحقيق السلم العالمي غاية تنسجم والتطلعات الحضارية للبشرية جمعاء. لكن هذا التوجه لا يلغي القيام بالواجب لحماية الأمن الوطني والقومي، والدفاع عن الأشقاء وتوفير الحماية لهم، حتى لو أدى ذلك إلى تقديم شهداء، فهم ينيرون الطريق نحو مستقبل أفضل.
لا دهشة إذن من استخدام الطاقة النووية، ولا بأس أن تكون الإمارات نووية في نادي مستخدمي الطاقة النووية للأغراض السلمية، وإذا تطلبت الظروف تستطيع الإمارات الدفاع عن نفسها بأي وسيلة كانت. حفظ الله الإمارات حكومة وشعباً..
suwaiji@emirates.net.ae
المصدر: الخليج