الامارات 7 - - سامي الريامي
«مستقبل الإعلام، وإعلام المستقبل» عنوان ممتع ومهم، وهو بالمناسبة كان جلسة ضمن جلسات الملتقى الإعلامي العربي في دورته الـ14، الذي انعقد في الكويت واختتم أعماله قبل يومين، وناقش فيه الإعلاميون العديد من القضايا المتعلقة بالإعلام.
هناك مبالغة في الحديث عن انقراض الصحافة، ليس في جلسات الملتقى، بل خارجه، وفي كثير من المجتمعات العربية، وأعتقد أن السبب الرئيس في ذلك يرجع إلى الخلط الواضح بين مفهوم «الحامل» و«المحمول» في الصحافة، والأول هو الوسيلة أو المنصة أو الأداة، أما الثاني فهو العمل الصحافي نفسه، فإذا كان التطور التقني فرض على الواقع أشكالاً جديدة من الأدوات والمنصات، سواء إلكترونية أو عن طريق الهواتف النقالة، وهي قد تشكل خطراً وتهديداً للصحافة «الورقية»، فإن «المحمول»، وهو العمل الصحافي سيستمر ولن يطاله التغيير لا في الوقت الحالي ولا في المستقبل، بل سينتقل بشكل تلقائي للمنصات والوسائل الحديثة، وبكل سهولة.
السيارة اليوم هل هي ذاتها السيارة التي اخترعها كارل بنز في عام 1886؟ وهل طائرة الأخوان رايت المُخترعة في عام 1903، تشبه بأي شكل طائرات اليوم؟ وهل طابعة غوتنبرغ، التي ظهرت للمرة الأولى في عام 1447، هي ذاتها المطابع في دور النشر والطباعة الحالية؟ وكذلك جميع الاختراعات البشرية، بالتأكيد لا علاقة أبداً بين «شكلها» ساعة اختراعها وبعد تطويرها، لكن يبقى «المضمون» واحداً، فهي تبقى سيارة وطيارة ومطبعة!
كذلك الصحافة، هي اليوم ليست كما كانت قبل 100 عام، وبالتأكيد هي بعد 10 أعوام لن تكون كما هي اليوم، لكنها ستبقى مهنة مطلوبة وخالدة، مهما اختلفت الوسيلة أو الأداة أو المنصة، ستستمر الصحافة مع وجود الورق، وستستمر بعد اختفاء الورق، وستدخل في كل المنصات الحديثة، وستظل هي الفيصل في نقل الأحداث والأخبار بمهنية وصدقية، وستحافظ على مكانتها وتقاليدها، لتحفظ التوازن، وتواجه الفوضى، وانتشار الكذب والتدليس والشائعات، في عالم التواصل الخالي من الضوابط والتقاليد والأعراف المهنية.
كلما زادت المساحات والمنصات التي تنقل الشائعات والأخبار الملفقة والمزيفة، تعززت الحاجة إلى الصحافة المهنية المحترفة، وكلما زاد العابثون، زادت قناعات الجمهور يوماً بعد يوم بأن الخبر الصحيح يجده فقط في المؤسسات التي تحترف العمل الصحافي، وحتى المزيفون ومفبركو الأخبار أنفسهم، يستخدمون شعارات وأسماء صحف للترويج لكذبهم وفبركاتهم، حدث ذلك كثيراً في الآونة الأخيرة!
هناك صحف ستنقرض، نعم هذا صحيح، لكنها تلك الصحف المتقوقعة على نفسها، التي لم تنظر للتغيرات المقبلة بجدية، وهي الصحف التي لم تواكب التكنولوجيا الحديثة في الاتصال، وهي الصحف التي لا تسعى للابتكار والوصول إلى الوسائل التي تمكنها من البقاء والمنافسة والوصول إلى شرائح جديدة ومختلفة من القراء، في ما عدا هذه النوعية من الصحف، لا خوف ولا قلق على مستقبل الصحافة، في ظل التطور الطبيعي لنموها وانتقالها من «حامل قديم» إلى «حامل جديد»!
twitter@samialreyami
reyami@emaratalyoum.com
الإمارات اليوم
«مستقبل الإعلام، وإعلام المستقبل» عنوان ممتع ومهم، وهو بالمناسبة كان جلسة ضمن جلسات الملتقى الإعلامي العربي في دورته الـ14، الذي انعقد في الكويت واختتم أعماله قبل يومين، وناقش فيه الإعلاميون العديد من القضايا المتعلقة بالإعلام.
هناك مبالغة في الحديث عن انقراض الصحافة، ليس في جلسات الملتقى، بل خارجه، وفي كثير من المجتمعات العربية، وأعتقد أن السبب الرئيس في ذلك يرجع إلى الخلط الواضح بين مفهوم «الحامل» و«المحمول» في الصحافة، والأول هو الوسيلة أو المنصة أو الأداة، أما الثاني فهو العمل الصحافي نفسه، فإذا كان التطور التقني فرض على الواقع أشكالاً جديدة من الأدوات والمنصات، سواء إلكترونية أو عن طريق الهواتف النقالة، وهي قد تشكل خطراً وتهديداً للصحافة «الورقية»، فإن «المحمول»، وهو العمل الصحافي سيستمر ولن يطاله التغيير لا في الوقت الحالي ولا في المستقبل، بل سينتقل بشكل تلقائي للمنصات والوسائل الحديثة، وبكل سهولة.
السيارة اليوم هل هي ذاتها السيارة التي اخترعها كارل بنز في عام 1886؟ وهل طائرة الأخوان رايت المُخترعة في عام 1903، تشبه بأي شكل طائرات اليوم؟ وهل طابعة غوتنبرغ، التي ظهرت للمرة الأولى في عام 1447، هي ذاتها المطابع في دور النشر والطباعة الحالية؟ وكذلك جميع الاختراعات البشرية، بالتأكيد لا علاقة أبداً بين «شكلها» ساعة اختراعها وبعد تطويرها، لكن يبقى «المضمون» واحداً، فهي تبقى سيارة وطيارة ومطبعة!
كذلك الصحافة، هي اليوم ليست كما كانت قبل 100 عام، وبالتأكيد هي بعد 10 أعوام لن تكون كما هي اليوم، لكنها ستبقى مهنة مطلوبة وخالدة، مهما اختلفت الوسيلة أو الأداة أو المنصة، ستستمر الصحافة مع وجود الورق، وستستمر بعد اختفاء الورق، وستدخل في كل المنصات الحديثة، وستظل هي الفيصل في نقل الأحداث والأخبار بمهنية وصدقية، وستحافظ على مكانتها وتقاليدها، لتحفظ التوازن، وتواجه الفوضى، وانتشار الكذب والتدليس والشائعات، في عالم التواصل الخالي من الضوابط والتقاليد والأعراف المهنية.
كلما زادت المساحات والمنصات التي تنقل الشائعات والأخبار الملفقة والمزيفة، تعززت الحاجة إلى الصحافة المهنية المحترفة، وكلما زاد العابثون، زادت قناعات الجمهور يوماً بعد يوم بأن الخبر الصحيح يجده فقط في المؤسسات التي تحترف العمل الصحافي، وحتى المزيفون ومفبركو الأخبار أنفسهم، يستخدمون شعارات وأسماء صحف للترويج لكذبهم وفبركاتهم، حدث ذلك كثيراً في الآونة الأخيرة!
هناك صحف ستنقرض، نعم هذا صحيح، لكنها تلك الصحف المتقوقعة على نفسها، التي لم تنظر للتغيرات المقبلة بجدية، وهي الصحف التي لم تواكب التكنولوجيا الحديثة في الاتصال، وهي الصحف التي لا تسعى للابتكار والوصول إلى الوسائل التي تمكنها من البقاء والمنافسة والوصول إلى شرائح جديدة ومختلفة من القراء، في ما عدا هذه النوعية من الصحف، لا خوف ولا قلق على مستقبل الصحافة، في ظل التطور الطبيعي لنموها وانتقالها من «حامل قديم» إلى «حامل جديد»!
twitter@samialreyami
reyami@emaratalyoum.com
الإمارات اليوم