مجلس حكماء المسلمين: الوجه المشرف

الامارات 7 - -علي سيف النعيمي

انعقد خلال الأسبوع الماضي، ملتقى في القاهرة برعاية الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وتنظيم مشترك بين مجلس حكماء المسلمين، والأزهر الشريف، وحمل المنتدى سؤالاً من ضمن أسئلة مهمة عن الإرهاب والتطرف والمواطنة، والعيش المشترك. ويأتي المؤتمر في مرحلة حرجة يكثر فيها الخطاب الديني، وترتفع المطالبات بخطوات أسرع في هذا المضمار. لذلك وددت أن أضع في هذا المقال أسباب تفاؤلي بما يحصل.

صحيح أن المطلوب هو أكثر من بيان لوقف ربط الدين بالإرهاب من قبل البعض، ولقطع الطريق أمام الذين يستغلونه، ولتحقيق مشاريعهم. ولكن علينا أن لا نستسلم للمطلوب دومًا ونتغاضى عن حجم الإنجاز الفكري الذي تحقق بالفعل حتى الآن، من حيث المراجعة وبداية عملية الإنتاج الفكري. ويمكن أن نقارنها بما كان الحال عليه قبل سنوات حينما كانت كل المؤتمرات تتنافس في ترسيخ فكر التكفير، وأقصى طموح أن تكون بعضها عن حقوق الذمة وغيرها من إشكاليات، استطاع الأزهر الشريف ومجلس حكماء المسلمين أن يتفوقوا عليها، ويتخطوها.

قبل سنوات كانت الأقليات المسلمة في أوروبا وغيرها، مضطرة لمعرفة دينها وفتاواها عبر مؤسسات علمائية قاصرة، تنتمي إلى تنظيميات مشبوهة. فكان الإخوان يسيطرون على هذه المنظمات ويتوصلون بذلك إلى حالة إعلامية تؤهلهم للادعاء بأنهم هم وحدهم من يمثلون الإسلام. وكانت المجالس الإخوانية تبني رؤيتها الفقهية على الممايزة بين الأديان وتعزز الانغلاق، ولا أبالغ إن قلت إنها تمثل أحد الجيوب المهمة التي ساهمت في الظاهرة الإرهابية في تلك البلاد، بشكل أو بآخر، هي وغيرها من جمعيات منغلقة خلقت من الأقليات المسلمة في أوروبا مثلاً، مجتمعات صعبة الاندماج، ولا نعفي الآخرين من أخطائهم.

ما نورده هنا من قصة للمنظمات الإخوانية، هو محاولة للتفاؤل بالدور الكبير الذي ينتظر مجلس حكماء المسلمين نحو تغطية المساحات التي كانت تشغلها جماعات اهتزت ثقة المسلم الأوربي بها، ولكي يتم هذا الأمر فإن ما يجري من ملتقيات تتناول قضايا التعايش والتسامح ويشارك فيها رجال دين من الأديان، تجعل الصورة مبشرة، وكل هذا يتم بأيدي علماء لا يستطيع أحد أن ينتقص من قدرهم، يقدمون النصوص والواقع المعاش برؤية بعيدة عن التشنج.

منذ اللحظة الأولى التي أعلن فيها عن مبادرة تعزيز السلم ومجلس حكماء المسلمين، كان التفاؤل كبيراً بأن يقدما صورة جديدة وجيدة، لأن الأسماء جاءت مناسبة وصحيحة، فما نحتاج إليه اليوم هو عقول تدرك أن المشكلة في تغليب الشطط والتهور والجهل على غيرها من السمات الأصيلة في شخصية المسلم، من سكينة ووقار وصبر وتحمل ودراسة. فالرغبة في السلم وتعزيزه هي التي يحتاجها الناس في هذا العصر القلق، والعبقرية هي في إدراك الحاجة إلى نظرة حكيمة للواقع قبل كل شيء.

نحتاج أن نرى تحول كل هذه المبادرات الطيبة واللقاءات إلى مشاريع، ونحتاج أن نحتفي بهذا الجهد الكبير الذي يحقق نجاحاً مضطرداً يمكن أن يثمر لو ضمنا له الاستمرار على هذا المنهج الذي يشرب من ينبوع التسامح والتعايش.

24