الامارات 7 - -غسان زقطان
يأخذني حنين جارف للثورة السورية في سنتها الأولى، للشعارات النبيلة التي رفعها السوريون في ساحات القرى والبلدات تحت أضواء الكاشفات، للحلقات البشرية وتلاصق الأكتاف في الظلال، للغناء العميق بأصوات بشرية حقيقية، لوجوه الفتية النظيفة التي يلمع حماسها وتلمع عافيتها تحت اضواء مرتجلة، لملابسهم العادية، الجينز الأزرق والكنزات الصوفية المنسوجة في حلب.
ليس حنيناً ساذجاً أو رومنسياً بقدر ما هو حس عميق بالافتقاد لمشاعر حقيقية وأحلام كان يمكن تحقيقها.
كان هذا قبل أن يقفز المتأسلمون بسكاكينهم على هذه المجاميع النبيلة، قبل أن يتسللوا إلى هذه الحلقات، وقبل أن يقودوها الى كهوفهم.
قبل أن يضعوا في أيديهم البنادق وفي رؤوسهم فكرة الانتقام.
قبل أن يقوموا بنفي فكرة الاحتجاج وقائمة المطالب الحقيقية التي تخص السوريين والسوريات.
قبل تحريم الغناء في ثورة نبعت من أغنية.
قبل أن يذهب "القادة" الى اسطنبول والدوحة.
وقبل أن يديروا ظهورهم للقرى ويشيحوا بوجوههم عن مصائر الناس ويبرروا تسلط الظلاميين على شعبهم، قبل صمتهم الغريب على جلد الناس وقتلهم في ساحات البلدات، وقبل تغاضيهم عن تعذيب النساء واستباحة مصائرهن وتحويلهن إلى سبايا.
وقبل أن يتم استدراج كل شيء إلى مقتلة لا نهاية لها، حيث يتحول الاقتتال إلى هدف والموت إلى غاية.
أية حرية تلك التي يمكن أن يمنحها الظلاميون وأية راية يمكن ان يمنحوها للناس كي يعبروا تحتها.
كلما حدثت مجزرة في سوريا وكلما انهارت بناية على ساكنيها، كلما جرى تهجير بلدة وكلما وصل غريق الى شواطئ الشمال، كلما ألقى جنود الحوامات برميلاً على بيت، كلما تفجر طابور من الناس أمام فرن، تتدافع تلك الصور مثل نبع بعيد لا ينضب لشبان وشابات يتكاتفون في حلقات مضاءة ويفكرون بسوريا موحدة.. من باب الهوى الى حوران والسويداء ووادي النصارى حتى دمشق.
الأولاد والبنات الذين حلم بهم سعد الله ونوس حين تركنا محكومين بالأمل، وممدوح عدوان وصادق جلال العظم والماغوط وقباني ورياض الصالح حسين.
تلك هي سوريا التي لم تكن يوماً خارج أحلام فلسطين.
سوريا التي تحولت إلى رهينة مدماة في كهوف الطوائف وسوريا نفسها التي ألقاها أخوتها الألف في البئر.
كان ذلك يبدو ممكناً ونبيلاً وبين اليدين.
البرنامج الوطني الواضح الذي حمله أولئك النبلاء، القادم من حياتهم وعيشهم ومعاناتهم والذي يمكن روايته وغناءه وصياغته في هتاف بسيط، وحدة البلاد وأهلها وحريتهم.
كم كان ذلك ممكناً ونبيلاً وبين اليدين.
درس حلب المرير ودروس تدمر وحمص هي نداء عميق يرج الأرض من تحت أقدام المنطقة والبشر الذين يسعون فوقها.
هنا فقط والآن ينبغي استعادة تلك الروح المخطوفة وتنظيف جسد الثورة السورية من العفن الذي التصق بها.
أن تكون سوريا وأهلها جميعاً ووحدة أرضها كاملة هي البرنامج الوحيد.
هذا هو الوقت الذي ينبغي أن يحدث فيه ذلك.
24
يأخذني حنين جارف للثورة السورية في سنتها الأولى، للشعارات النبيلة التي رفعها السوريون في ساحات القرى والبلدات تحت أضواء الكاشفات، للحلقات البشرية وتلاصق الأكتاف في الظلال، للغناء العميق بأصوات بشرية حقيقية، لوجوه الفتية النظيفة التي يلمع حماسها وتلمع عافيتها تحت اضواء مرتجلة، لملابسهم العادية، الجينز الأزرق والكنزات الصوفية المنسوجة في حلب.
ليس حنيناً ساذجاً أو رومنسياً بقدر ما هو حس عميق بالافتقاد لمشاعر حقيقية وأحلام كان يمكن تحقيقها.
كان هذا قبل أن يقفز المتأسلمون بسكاكينهم على هذه المجاميع النبيلة، قبل أن يتسللوا إلى هذه الحلقات، وقبل أن يقودوها الى كهوفهم.
قبل أن يضعوا في أيديهم البنادق وفي رؤوسهم فكرة الانتقام.
قبل أن يقوموا بنفي فكرة الاحتجاج وقائمة المطالب الحقيقية التي تخص السوريين والسوريات.
قبل تحريم الغناء في ثورة نبعت من أغنية.
قبل أن يذهب "القادة" الى اسطنبول والدوحة.
وقبل أن يديروا ظهورهم للقرى ويشيحوا بوجوههم عن مصائر الناس ويبرروا تسلط الظلاميين على شعبهم، قبل صمتهم الغريب على جلد الناس وقتلهم في ساحات البلدات، وقبل تغاضيهم عن تعذيب النساء واستباحة مصائرهن وتحويلهن إلى سبايا.
وقبل أن يتم استدراج كل شيء إلى مقتلة لا نهاية لها، حيث يتحول الاقتتال إلى هدف والموت إلى غاية.
أية حرية تلك التي يمكن أن يمنحها الظلاميون وأية راية يمكن ان يمنحوها للناس كي يعبروا تحتها.
كلما حدثت مجزرة في سوريا وكلما انهارت بناية على ساكنيها، كلما جرى تهجير بلدة وكلما وصل غريق الى شواطئ الشمال، كلما ألقى جنود الحوامات برميلاً على بيت، كلما تفجر طابور من الناس أمام فرن، تتدافع تلك الصور مثل نبع بعيد لا ينضب لشبان وشابات يتكاتفون في حلقات مضاءة ويفكرون بسوريا موحدة.. من باب الهوى الى حوران والسويداء ووادي النصارى حتى دمشق.
الأولاد والبنات الذين حلم بهم سعد الله ونوس حين تركنا محكومين بالأمل، وممدوح عدوان وصادق جلال العظم والماغوط وقباني ورياض الصالح حسين.
تلك هي سوريا التي لم تكن يوماً خارج أحلام فلسطين.
سوريا التي تحولت إلى رهينة مدماة في كهوف الطوائف وسوريا نفسها التي ألقاها أخوتها الألف في البئر.
كان ذلك يبدو ممكناً ونبيلاً وبين اليدين.
البرنامج الوطني الواضح الذي حمله أولئك النبلاء، القادم من حياتهم وعيشهم ومعاناتهم والذي يمكن روايته وغناءه وصياغته في هتاف بسيط، وحدة البلاد وأهلها وحريتهم.
كم كان ذلك ممكناً ونبيلاً وبين اليدين.
درس حلب المرير ودروس تدمر وحمص هي نداء عميق يرج الأرض من تحت أقدام المنطقة والبشر الذين يسعون فوقها.
هنا فقط والآن ينبغي استعادة تلك الروح المخطوفة وتنظيف جسد الثورة السورية من العفن الذي التصق بها.
أن تكون سوريا وأهلها جميعاً ووحدة أرضها كاملة هي البرنامج الوحيد.
هذا هو الوقت الذي ينبغي أن يحدث فيه ذلك.
24