الامارات 7 - -مالك العثامنة
لخص علم المنطق مفهوم «الخلاف» ببساطة فحواها أن (عدم الاتفاق، أقصر مسافة بين فكرين..). وعدم الاتفاق، ضرورة بشرية بالطبيعة والفطرة، وهي بحد ذاتها مفهوم ذو حدين، فإما أن يتم الانطلاق من «الخلافات» إلى جدلية مفيدة سعيا للوصول إلى نقاط اتفاق، وهذه عملية صحية تنتج أفكارا جديدة تساهم في التطوير وتفتح آفاقا غير محدودة، أو يتم العكس، فيتعسكر أصحاب الأفكار خلف متاريس ضيقة من التعصب، وهذا يفضي إلى إلغاء «الآخر» وشطبه ويفتح آفاقا على الجحيم.
في التاريخ الإسلامي نموذج مستنير روته كتب السيرة تباعا ومرارا، وهو نموذج ملك الحبشة «النجاشي»، والذي جاءه المسلمون في بداية الدعوة لاجئين إليه من «اضطهاد» متعصبي قريش، الذين رفضوا الاتفاق مع الفكر الجديد، وتعصبوا إلى درجة الوصول إلى قرار بإلغاء «الآخرين» وتصفيتهم، وعند النجاشي، كانت الأمثولة النموذجية في القبول والاحتواء، ولكن الأكثر تجليا في الحكاية هو ذلك الحوار وتلك الجدلية التي جرت أحداثها أمام النجاشي، رجل المنطق والمستنير بقوة العقل لا قوة السيف والبطش، وهو القادر حينها على البطش.
إن مشكلة العالم في زماننا هي غياب العقل في المجادلة، واحتكار الصواب، والأنكى من كل ذلك، استخدام الدين في فرض الرأي، ليخرج الرأي من خانة «الآراء» فيدخل بقدرة حشاشين ومأفونين متعصبين إلى خانة «المقدس»، ومن يخالف هذا المقدس جاز إهدار دمه، لأن المقدس مرتبط بالله مباشرة..ولا أحد يفكر بمن منح تلك القدسية ومن ربط الذات الإلهية بإصدارات المأفونين!!
هذا التعصب المأفون، لا يقتصر استغلاله على الدين الإسلامي وحسب، بل هو مشاع في كل الأديان والمعتقدات، ففي كل دين، هنالك فئة تسترزق منه وقوام حياتها قائم على تقوية نفوذها فيه بكهانة أو مشيخة أو فقه، فيرتقي رجل الدين - في نظر أتباعه من المتعصبين- إلى شبه نبي بدون تكريس رسمي أو نبوة معلنة، ليصبح تلقائيا بعد ذلك ناطقا باسم السماء، من دون ان يعلن أنه موحى إليه، لكنه ببساطة يوحي إلى أتباعه مغيبي العقل المتعصبين أنه لا ينطق عن الهوى، و حينذاك فإن من يستخدم عقله والمنطق السليم في حضرة «المقدس» فقد كفر وخرج عن الملة، وجاز إلغاؤه.
هؤلاء الأتباع، ليسوا بالضرورة فقراء أو معدمين حالمين بجنة الآخرة لأن جنة الدنيا بعيدة عنهم، إنما العامل المشترك بين المتطرفين ممن استهوتهم لعبة الخروج عن المنطق ونواميس البشر و ضوابط الإنسانية، أنهم متخمون بمركبات النقص، وعقد التفوق المفقودة لديهم في عالم الواقع الذي يعيشونه، فنتفاجأ بالذات النكرة من هؤلاء وقد فشل في إثبات وجوده وشخصيته في عالم الواقع، ليصبح بطلا باسم حركي وكنية مستلهمة من التراث في عالم افتراضي على الانترنت، وهناك درجات ترقية في هذا العالم وأطنان من المديح وأدعية تلهج بالثناء على علمه وفقهه وشجاعته، طبعا تحت اسمه الحركي الجديد، الذي وجد فيه شخصية جديدة يعيشها تعوض النقص لديه، فيختال في عالمه الافتراضي، وتبدأ المشكلة باختفاء الفوارق بين الحقيقة والخيال، ويصبح غسيل الدماغ حينها عملية سهلة جدا، والبطولة يمكن إعادة تعريف مفهومها بالصيغة التي يريدها «التطرف الأعمى».
في عوالم الانترنت المخفية، وفي أدغال عميقة في فضاء إلكتروني هنالك ساحات معارك تخلق بطولات ممسوخة بكل اللغات وباسم كل الأديان.
لخص علم المنطق مفهوم «الخلاف» ببساطة فحواها أن (عدم الاتفاق، أقصر مسافة بين فكرين..). وعدم الاتفاق، ضرورة بشرية بالطبيعة والفطرة، وهي بحد ذاتها مفهوم ذو حدين، فإما أن يتم الانطلاق من «الخلافات» إلى جدلية مفيدة سعيا للوصول إلى نقاط اتفاق، وهذه عملية صحية تنتج أفكارا جديدة تساهم في التطوير وتفتح آفاقا غير محدودة، أو يتم العكس، فيتعسكر أصحاب الأفكار خلف متاريس ضيقة من التعصب، وهذا يفضي إلى إلغاء «الآخر» وشطبه ويفتح آفاقا على الجحيم.
في التاريخ الإسلامي نموذج مستنير روته كتب السيرة تباعا ومرارا، وهو نموذج ملك الحبشة «النجاشي»، والذي جاءه المسلمون في بداية الدعوة لاجئين إليه من «اضطهاد» متعصبي قريش، الذين رفضوا الاتفاق مع الفكر الجديد، وتعصبوا إلى درجة الوصول إلى قرار بإلغاء «الآخرين» وتصفيتهم، وعند النجاشي، كانت الأمثولة النموذجية في القبول والاحتواء، ولكن الأكثر تجليا في الحكاية هو ذلك الحوار وتلك الجدلية التي جرت أحداثها أمام النجاشي، رجل المنطق والمستنير بقوة العقل لا قوة السيف والبطش، وهو القادر حينها على البطش.
إن مشكلة العالم في زماننا هي غياب العقل في المجادلة، واحتكار الصواب، والأنكى من كل ذلك، استخدام الدين في فرض الرأي، ليخرج الرأي من خانة «الآراء» فيدخل بقدرة حشاشين ومأفونين متعصبين إلى خانة «المقدس»، ومن يخالف هذا المقدس جاز إهدار دمه، لأن المقدس مرتبط بالله مباشرة..ولا أحد يفكر بمن منح تلك القدسية ومن ربط الذات الإلهية بإصدارات المأفونين!!
هذا التعصب المأفون، لا يقتصر استغلاله على الدين الإسلامي وحسب، بل هو مشاع في كل الأديان والمعتقدات، ففي كل دين، هنالك فئة تسترزق منه وقوام حياتها قائم على تقوية نفوذها فيه بكهانة أو مشيخة أو فقه، فيرتقي رجل الدين - في نظر أتباعه من المتعصبين- إلى شبه نبي بدون تكريس رسمي أو نبوة معلنة، ليصبح تلقائيا بعد ذلك ناطقا باسم السماء، من دون ان يعلن أنه موحى إليه، لكنه ببساطة يوحي إلى أتباعه مغيبي العقل المتعصبين أنه لا ينطق عن الهوى، و حينذاك فإن من يستخدم عقله والمنطق السليم في حضرة «المقدس» فقد كفر وخرج عن الملة، وجاز إلغاؤه.
هؤلاء الأتباع، ليسوا بالضرورة فقراء أو معدمين حالمين بجنة الآخرة لأن جنة الدنيا بعيدة عنهم، إنما العامل المشترك بين المتطرفين ممن استهوتهم لعبة الخروج عن المنطق ونواميس البشر و ضوابط الإنسانية، أنهم متخمون بمركبات النقص، وعقد التفوق المفقودة لديهم في عالم الواقع الذي يعيشونه، فنتفاجأ بالذات النكرة من هؤلاء وقد فشل في إثبات وجوده وشخصيته في عالم الواقع، ليصبح بطلا باسم حركي وكنية مستلهمة من التراث في عالم افتراضي على الانترنت، وهناك درجات ترقية في هذا العالم وأطنان من المديح وأدعية تلهج بالثناء على علمه وفقهه وشجاعته، طبعا تحت اسمه الحركي الجديد، الذي وجد فيه شخصية جديدة يعيشها تعوض النقص لديه، فيختال في عالمه الافتراضي، وتبدأ المشكلة باختفاء الفوارق بين الحقيقة والخيال، ويصبح غسيل الدماغ حينها عملية سهلة جدا، والبطولة يمكن إعادة تعريف مفهومها بالصيغة التي يريدها «التطرف الأعمى».
في عوالم الانترنت المخفية، وفي أدغال عميقة في فضاء إلكتروني هنالك ساحات معارك تخلق بطولات ممسوخة بكل اللغات وباسم كل الأديان.