المفاوضات النووية .. مغزى الترحيب الخليجي

محمد خلفان الصوافي

في بادرة خليجية لحسن النية وهو أمر معتاد منها، رحبت كل دول مجلس التعاون الخليجي بالمفاوضات غير المباشرة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران والتي دشنت في مسقط 12 أبريل الجاري، انطلاقاً من نهجها الدبلوماسي التقليدي بأن الحوار والنقاش كفيل لحل كل الخلافات السياسية.

وبعد الوصول إلى الجولة الثالثة المنتظر انعقادها في مسقط، بعد جولتين سابقتين كانت الأولى في مسقط والثانية في العاصمة الإيطالية روما.

إضافة إلى اجتماع الفنيين، لم تسفر المفاوضات عن نتيجة نهائية ولم تحسم مواقف محددة بحيث لا يمكن تأكيد سوى وجود رغبة من الطرفين لاستمرار المفاوضات، وهو أمر طبيعي في ظل حالة التعقيد في العلاقة الأمريكية - الإيرانية.

ولكن، الأكيد والواضح، أن هناك رغبة خليجية جادة للخروج بنتيجة سلمية وعادلة للشعب الإيراني، تمثلت تلك الجدية في الجهود الدبلوماسية المبذولة من قبل قادة دول مجلس التعاون الخليجي لحشد الزخم الدبلوماسي الدولي لإنجاح هذه البداية الجيدة في مناقشة الملف النووي الإيراني، وغيرها من الملفات التي تهدد استقرار المنطقة والعالم..

بدءاً من التأييد الدبلوماسي وانتهاء بزيارة وزير الدفاع السعودي، الأمير خالد بن سلمان بن عبدالعزيز، لطهران في 17 أبريل الجاري.. لأنه، ليس من مصلحة أحد في المنطقة أو العالم أن يتم تصعيد الصراع ضد إيران أو التخطيط لضربة عسكرية .

كما تريد إسرائيل، أو حتى استمرار فرض العقوبات الاقتصادية المضرة للشعب الإيراني، بل إن المقاطعة الدبلوماسية هي أسوأ طريق لحل الخلافات الاستراتيجية الكبيرة.

كما ليس من مصلحة إيران نفسها التشدد في مواجهة العالم بهدف الحصول على قدرات نووية ذات طابع عسكري، أو استمرار النظام في إيران في سياسته المختلطة والمعقدة مع الجوار العربي مثل لبنان والعراق واليمن.

. فمثل هذه السياسة من شأنها مضاعفة عدم الثقة مع الجوار الإيراني وقد يؤذي العلاقات بينهما على المدى الطويل، إذا أصرت إيران على التمسك بها.

إن منطق السياسة في علاقات الدول المتجاورة جغرافياً، كما الحال بين دول الخليج وإيران، هو بقاء العلاقات بين الشعوب والمجتمعات مفتوحة ومتعاونة.

ويكفي أن نتذكر نحن الخليجيين والإيرانيين ما تربطنا من علاقات تاريخية في جوانبها المختلفة خاصة الإنسانية، كي نعمل على تعميقها بما ينفع مستقبل المنطقة ولكي نعمل على ترسيخها بما يقلل حجم الضرر على الطرفين.

فإذا كان الطرف المقابل لإيران في المفاوضات الحالية هو الولايات المتحدة بإدارتها الحالية تحت قيادة الرئيس دونالد ترامب، فإن هذه الإدارة سوف تغادر البيت الأبيض بعد سنوات قليلة .

كما غادرت إدارة الرئيس باراك أوباما في العام 2016، بعد أن نجح في الاتفاق النووي السابق، ومن سيبقى هم الخليجيون والإيرانيون وبالتالي فالمنطقة تحتاج منهما الحفاظ عليها.

لتكن المبادرة الخليجية بالترحيب بالمفاوضات، ولتكن كذلك المساعي الدبلوماسية الخليجية الإقليمية والدولية في توفير الزخم السياسي لإنجاح المفاوضات ثمرة لنية إيرانية حقيقية نحو الجوار الخليجي والعربي، تنشط معها حلول سلمية وعدم التدخل في الشؤون العربية.

إن مجرد التفكير في هكذا سلوكيات يلزم الطرفين الخليجي والإيراني التدبر فيما يمكن العمل من أجل المصلحة المشتركة ويدفع الجوار المشترك للتوفيق بينهما للحصول على الأفضل، وعندما يطرح على مدى أوسع من الخليج سيفتح آفاق أوسع لمنطقة الشرق الأوسط في مكافحة التطرف.

من الممكن أن تشهد هذه المنطقة نهضة تنموية تتعدى حدودها الجغرافية إذا انضمت إيران إلى المشروعات الخليجية التنموية، وتوقفت عن تهديد استقرار المنطقة ودعم مشروعات نتيجتها النهائية ليست سوى التخريب والدمار.

فهل تدرك طهران أن ترحيب دول الخليج العربية ورغبتها في نجاح المفاوضات، إنما هو بادرة جديدة تُعيد تأكيد حسن النية الخليجية، وتفهم أن تلك مبادرة جديرة بالتجاوب معها لتكوين رؤية مشتركة وبناء علاقات إيجابية صادقة تدفع بها إيران الضرر عن الإقليم؟!



شريط الأخبار