الرياضة: مفتاح لتحسين الذاكرة والوظائف المعرفية في أي مرحلة من العمر

الامارات 7 - لطالما كان النشاط البدني مرتبطًا بفوائد صحية جسدية عديدة، لكن في السنوات الأخيرة، بدأ العلماء يكتشفون علاقة قوية بين الرياضة وصحة الدماغ، وهو ما يعكس قدرة الرياضة على تحسين الذاكرة والوظائف المعرفية بغض النظر عن العمر. في الحقيقة، تشير الدراسات إلى أن الدماغ قادر على الاستفادة من التمارين البدنية، حتى إذا كانت هذه التمارين بسيطة وغير متطلبة، حيث يمكنها إحداث تغييرات كبيرة في قدرتنا على التفكير والتذكر.

أحد الأسباب التي تفسر العلاقة القوية بين الرياضة وصحة الدماغ هو تأثير التمارين على الدورة الدموية. عندما نمارس الرياضة، يزداد تدفق الدم إلى الدماغ، مما يسمح بتزويد الخلايا العصبية بالأوكسجين والعناصر الغذائية الهامة. هذا يعزز الأداء العقلي ويسهم في تحسين الذاكرة. في نفس الوقت، يُعتقد أن التمارين البدنية تحفز إنتاج عوامل نمو عصبية، التي تساعد في تطوير وتحسين الخلايا العصبية الجديدة في الدماغ، مما يعزز من قدرة الدماغ على التعلم والتذكر.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن للرياضة أن تحسن من مستوى التركيز والانتباه. ففي التمارين التي تتطلب منك الحفاظ على التوازن أو التنسيق بين الحركات، يعمل الدماغ على تحسين قدرته على التركيز والسيطرة على الأعضاء، وهذا يؤدي إلى تحسين وظائف الدماغ بشكل عام. حتى الأنشطة البسيطة مثل المشي أو السباحة يمكن أن تساهم في تعزيز القدرة على التفكير الواضح واتخاذ القرارات السريعة.

من الفوائد الأخرى التي تقدمها الرياضة هي قدرتها على تقليل التوتر، وهو عامل رئيسي يؤثر سلبًا على صحة الدماغ. عند ممارسة الرياضة، يتم إطلاق مواد كيميائية في الدماغ مثل الإندورفين والدوبامين، التي تعمل على تحسين المزاج وتخفيف الشعور بالتوتر والقلق. هذا يقلل من تأثير العوامل المجهدة على الدماغ، ويجعل الشخص أكثر قدرة على التركيز والتذكر.

حتى مع تقدم العمر، يمكن للنشاط البدني أن يحسن الذاكرة. قد يظن البعض أن التدهور المعرفي أمر لا مفر منه مع تقدم السن، ولكن الدراسات أظهرت أن كبار السن الذين يمارسون الرياضة بانتظام لديهم قدرة أفضل على التفكير، وهم أقل عرضة للإصابة بمشاكل مثل الخرف أو فقدان الذاكرة المرتبط بالعمر. في بعض الدراسات، لوحظ أن الرياضة تعمل على تحسين الذاكرة العاملة، وهي نوع من الذاكرة التي تساعد في الاحتفاظ بالمعلومات لفترات قصيرة لاستخدامها لاحقًا، مثل تذكر رقم هاتف.

تظهر الأبحاث أيضًا أن الرياضة لا تعمل فقط على تحسين الذاكرة قصيرة المدى، بل يمكنها أيضًا أن تؤثر إيجابًا على الذاكرة طويلة المدى. فعند ممارسة الرياضة، يتم تعزيز التواصل بين أجزاء الدماغ المختلفة التي تعمل على تخزين واسترجاع الذكريات، مما يعزز القدرة على الاحتفاظ بالمعلومات لفترة أطول.

من المهم أن نذكر أن تحسين الذاكرة من خلال الرياضة لا يتطلب ساعات طويلة من التمارين أو مستوى عالٍ من الجهد. حتى التمارين البسيطة مثل المشي السريع لمدة 30 دقيقة يوميًا يمكن أن تُحدث فارقًا كبيرًا في أداء الدماغ. لذلك، يمكن لأي شخص، بغض النظر عن عمره أو مستوى لياقته البدنية، الاستفادة من الرياضة لتحسين الذاكرة والوظائف المعرفية.

باختصار، الرياضة ليست مجرد وسيلة للحفاظ على صحة الجسم، بل هي أداة فعالة لتحسين صحة الدماغ. سواء كنت شابًا أو مسنًا، يمكن أن تساهم الرياضة في تعزيز الذاكرة والوظائف المعرفية بشكل عام، مما يجعلها جزءًا أساسيًا من نمط الحياة الصحي الذي يساهم في تحسين نوعية الحياة في جميع مراحل العمر.



شريط الأخبار