الامارات 7 - سلطان فيصل الرميثي
القيادة في دولة الإمارات تتحدث عن أهمية القراءة، والمؤسسات الحكومية المعنية بالثقافة تمارس دورها الريادي، فلا تخلو منطقة سكنية من مكتبة عامة، وتحتضن الدولة أهم معارض الكتب في المنطقة، وبالأمس كانت خلوة المائة تعد ببذل المزيد، وعطفاً على ما سبق يحق لنا أن نسأل؛ لماذا لا نقرأ؟! غالب الأمر لا يرتبط أبداً بأهمية القراءة وفضلها بقدر ارتباطه بالفجوة الحاصلة ما بين الكلمة المكتوبة وعقل الفرد، حيث تسكن عشرات الشبهات في عقل من ندعوه للقراءة.
الشبهة الأولى تكمن في غياب الشك عن العقل، وعلة الغياب هو اعتقادنا أن الشك أمر مذموم ومضاد للإيمان - معاذ الله - بينما الشك في عقل القارئ هو الدافع الحقيقي للقراءة والبحث والتحري، وذلك لمجموعة من الاعتبارات، أولها أنني أقرأ لأني أشك في معرفتي، ثم أستزيد من القراءة لأني أشك في كفاية ما قرأته في المرة الأولى؛ إما لكون المادة المقروءة خاطئة فأصوب معرفتي بها، أو ناقصة فأكمل فهمي بقراءة أخرى، أو أنني لم أستوعبها حق الاستيعاب، والحديث عن أزمة العقل العربي مع المُسلّمات، وهوسه بالبديهيات، قضية يطول شرحها.
والشبهة الثانية في نزع المتعة عن الفائدة، فيتحول الكتاب وكأنه مقرر دراسي غصب على مطالعته، ومصدر المتعة يكون في إعمال عقل القارئ - حين القراءة - باستحضار معاني ما يقرأ، فيتردد صدى كلمات الكتاب في وجدانه وينشط خياله بعباراته.
ثم الشبهة الثالثة؛ وهي أن الإنترنت والتلفاز بديلان للكتاب، ومن استقرت هذه الشبهة في رأسه لا يدرك أن الإعلام يقدم المعلومة الخاطفة وليدة اللحظة، بينما تقدم القراءة المعرفة الممنهجة، وخطورة هذه الشبهة بأنها تحول الإنسان إلى متلقي، فيصدق كل ما يرى، مستسلماً للإعلام - خصوصاً المُغرض منه - في عالم اليوم المفتوح، ليوجهه وفق ما يريد وقتما يشاء وكيفما يرغب، ومع الوقت يصير الإنسان فارغاً وسطحياً لأنه فقد الميزان المعرفي الذي يقيس به صحة ما يقال، وقد يقع ألعوبه في يد الدجالين الذين يتلاعبون بالصوت والصورة لاستدراج العاطفة وتهييجها لتهزم الحق والمنطق.
أما الشبهة الرابعة، ففي قولهم «من كان شيخه كتابه فخطؤه أكثر من صوابه»، ويراد به أن العلم لا يتحصل إلا بمجالسة العلماء، وفي هذه المقولة سد باب نفع عظيم واستهانة بكل ما كتب، وتحقير لعقل الإنسان.
وأخيراً، إعادة برمجة الأفراد نحو القراءة يحتاج إلى مراجعة تنويرية مع الذات تزلزل شبهات راسخة آن لها أن تزول في عام القراءة.
الامارات_اليوم
القيادة في دولة الإمارات تتحدث عن أهمية القراءة، والمؤسسات الحكومية المعنية بالثقافة تمارس دورها الريادي، فلا تخلو منطقة سكنية من مكتبة عامة، وتحتضن الدولة أهم معارض الكتب في المنطقة، وبالأمس كانت خلوة المائة تعد ببذل المزيد، وعطفاً على ما سبق يحق لنا أن نسأل؛ لماذا لا نقرأ؟! غالب الأمر لا يرتبط أبداً بأهمية القراءة وفضلها بقدر ارتباطه بالفجوة الحاصلة ما بين الكلمة المكتوبة وعقل الفرد، حيث تسكن عشرات الشبهات في عقل من ندعوه للقراءة.
الشبهة الأولى تكمن في غياب الشك عن العقل، وعلة الغياب هو اعتقادنا أن الشك أمر مذموم ومضاد للإيمان - معاذ الله - بينما الشك في عقل القارئ هو الدافع الحقيقي للقراءة والبحث والتحري، وذلك لمجموعة من الاعتبارات، أولها أنني أقرأ لأني أشك في معرفتي، ثم أستزيد من القراءة لأني أشك في كفاية ما قرأته في المرة الأولى؛ إما لكون المادة المقروءة خاطئة فأصوب معرفتي بها، أو ناقصة فأكمل فهمي بقراءة أخرى، أو أنني لم أستوعبها حق الاستيعاب، والحديث عن أزمة العقل العربي مع المُسلّمات، وهوسه بالبديهيات، قضية يطول شرحها.
والشبهة الثانية في نزع المتعة عن الفائدة، فيتحول الكتاب وكأنه مقرر دراسي غصب على مطالعته، ومصدر المتعة يكون في إعمال عقل القارئ - حين القراءة - باستحضار معاني ما يقرأ، فيتردد صدى كلمات الكتاب في وجدانه وينشط خياله بعباراته.
ثم الشبهة الثالثة؛ وهي أن الإنترنت والتلفاز بديلان للكتاب، ومن استقرت هذه الشبهة في رأسه لا يدرك أن الإعلام يقدم المعلومة الخاطفة وليدة اللحظة، بينما تقدم القراءة المعرفة الممنهجة، وخطورة هذه الشبهة بأنها تحول الإنسان إلى متلقي، فيصدق كل ما يرى، مستسلماً للإعلام - خصوصاً المُغرض منه - في عالم اليوم المفتوح، ليوجهه وفق ما يريد وقتما يشاء وكيفما يرغب، ومع الوقت يصير الإنسان فارغاً وسطحياً لأنه فقد الميزان المعرفي الذي يقيس به صحة ما يقال، وقد يقع ألعوبه في يد الدجالين الذين يتلاعبون بالصوت والصورة لاستدراج العاطفة وتهييجها لتهزم الحق والمنطق.
أما الشبهة الرابعة، ففي قولهم «من كان شيخه كتابه فخطؤه أكثر من صوابه»، ويراد به أن العلم لا يتحصل إلا بمجالسة العلماء، وفي هذه المقولة سد باب نفع عظيم واستهانة بكل ما كتب، وتحقير لعقل الإنسان.
وأخيراً، إعادة برمجة الأفراد نحو القراءة يحتاج إلى مراجعة تنويرية مع الذات تزلزل شبهات راسخة آن لها أن تزول في عام القراءة.
الامارات_اليوم