خطبة الجمعة الموحدة في الإمارات تحت عنوان "الصلاة"

الامارات 7 - نشرت الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف الإماراتية عبر موقعها الإلكتروني، خطبة الجمعة الموحدة لليوم 11 ديسمبر(كانون الأول) تحت عنوان "الصلاة".

وتناولت الخطبة الأولى لصلاة الجمعة الحديث عن الصلاة بوصفها عمود الدين المتين، وأثرها في نفس المسلم ولفتت إلى أنها آخر وصايا النبي صلى الله عليه وسلم، وأشارت الخطبة إلى فضائل الصلاة وعظم ثوابها، وأوضحت حكمها الشرعي وذكرت بكيفية آدائها، وحثت المصلين في الخطبة الثانية على أدائها وحفظها.

نص الخطبة
أيها المسلمون إن "الصلاة ركن الدين، وعموده المتين، وهي عنوان الاستقامة، ومظهر الإسلام، ومجلبة الإحسان، وصلة بين العبد وربه، فرضها الله تعالى في كتابه الكريم، فقال وهو أصدق القائلين:( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين). والصلاة من آخر ما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: كان آخر كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الصلاة الصلاة"، أي: "احفظوها بالمواظبة عليها، واحذروا تضييعها. وكان صلى الله عليه وسلم القدوة في ذلك، وكان الصالحون إذا أقبل وقت الصلاة اشتاقوا إليها، وحنت أرواحهم للقيام بها، فإذا صلوا نعموا بالراحة، وأشرقت وجوههم بنور الطاعة، فالصلاة خير الطاعات، وأفضل العبادات"، قال النبي صلى الله عليه وسلم : "اعلموا أن خير أعمالكم الصلاة، ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن".

فضائلها
أيها المصلون: إن فضائل الصلاة كثيرة، وفوائدها غزيرة، فهي ترفع الدرجات، وتكفر السيئات، قال الله عز وجل:( وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين). وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات؟". قالوا: بلى يا رسول الله. قال: "إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط".

ثوابها
ويتبوأ المسلم في الجنة بها أعلى المنازل، قال النبي صلى الله عليه وسلم : "من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له في الجنة نزلا كلما غدا أو راح". فهنيئا لمن غدا إلى المساجد، وحافظ على النوافل والفرائض، فصلاة الصبح قرآنها مشهود، قال الله تعالى:( إن قرآن الفجر كان مشهودا). ونافلتها خير من الدنيا وما فيها، ومن صلاها في جماعة فكأنه قام الليل، ومن صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، قال صلى الله عليه وسلم: "من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله". والمحافظة على صلاة العصر من أسباب دخول الجنة، قال صلى الله عليه وسلم: "من صلى البردين دخل الجنة". أي صلاتي الصبح والعصر.

حكمها الشرعي
أيها المصلون: إن الصلاة لا تسقط عن مدرك، ولا يجوز الإنابة فيها لأي عذر كان، بل يصلي المسلم على حاله بحسب استطاعته، قال النبي صلى الله عليه وسلم:"صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب". فكيف بمن ألبسه الله تعالى ثوب الصحة، ومنحه العافية والقدرة، هل يسوغ له أن ينشغل عنها فيفوته الأجر ويبوء بالوزر؟ وقد حدد الله عز وجل للصلاة أوقاتها، ونهى عن تأخيرها، فقال سبحانه:( إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا) أي: كانت عليهم مفروضة في أوقات محددة يؤدونها فيها. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صل الصلاة لوقتها". فأداء الصلاة في أوقاتها من أفضل الأعمال، وأحبها إلى الله تعالى، قال صلى الله عليه وسلم : "أفضل الأعمال الصلاة لوقتها".

صلاة الجماعة
وإن حضور الصلوات الخمس في جماعة من أعظم النعم، فصلاة الجماعة تزيد في الأجر، حيث يجتمع الناس على طاعة الله في بيوت الله جل في علاه، قال تعالى:( في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال* رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار* ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب). وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: من سره أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن، فإن الله شرع لنبيكم صلى الله عليه وسلم سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى.

أدائها
أيها المصلون: وقد حثنا ديننا على حسن أداء الصلاة، وأن نراعي شروطها المشروعة، قال تعالى:( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون) قال المفسرون: أي أقيموا الصلاة بحدودها وشروطها وأركانها. وإن الخشوع فيها من أعظم أسباب قبولها، والفوز بثمراتها، قال النبي صلى الله عليه وسلم : "من توضأ وضوئي هذا، ثم صلى ركعتين لا يحدث نفسه فيهما بشيء، غفر له ما تقدم من ذنبه"، والذي يدرك أهمية فريضة الصلاة يأمر أهله بها كما قال تعالى:( وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها). فما أعظم أن نغرس في قلوب أبنائنا حب الصلاة، ونربيهم على المحافظة عليها، والالتزام بها، وتعظيم المساجد، والحفاظ على مقتنياتها، مستحضرين قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:"مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين". فما أجمل أن يقف الولد إلى جوار أبيه في طاعة الله عز وجل، راكعين ساجدين بطمأنينة وخشوع، وسكينة وخضوع.

الخطبة الثانية
عباد الله: إن أول ما نتواصى به تقوى الله عز وجل، والمحافظة على الصلاة، فهنيئا لمن كانت الصلاة ربيع قلبه، وجلاء حزنه، يلوذ إلى الله تعالى بها في كل شدة، ويلجأ إليه بها في كل محنة، فعن حذيفة رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر- أي اشتد عليه أمر- صلى. ففي الصلاة طمأنينة للقلوب، وراحة للنفوس، وسعة للصدور، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:"جعلت قرة عيني في الصلاة". أي رضا نفسي وراحتها. ويقول صلى الله عليه وسلم: "يا بلال أقم الصلاة أرحنا بها". قال بعض الصالحين: ما بقي في الدنيا شيء ألذ من الصلاة في الجماعة.

وقد ابتدأ الله تعالى بها صفات المؤمنين، وختم بها، لأثرها الكبير في بناء الإيمان، وترسيخ اليقين، فقال عز وجل:( قد أفلح المؤمنون* الذين هم في صلاتهم خاشعون) إلى قوله سبحانه وتعالى:( والذين هم على صلواتهم يحافظون* أولئك هم الوارثون* الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون). فمن حافظ عليها حفظه الله سبحانه، وجعل الجنة مثواه.

وإجلالاً للصلاة ومكانتها، وتعظيماً للمساجد وحرمتها، نهضت القيادة الرشيدة بالمساجد نهضة كبيرة، لتهيئ للمصلين الأجواء اللائقة بهذه الفريضة العظيمة.