الامارات 7 - شهدت دولة الإمارات خلال العقود القليلة الماضية تطورا ملحوظا في مختلف المجالات وتوسعا حضريا كبيرا إلى جانب نمو كبير في عدد السكان لذا حرصت على تبني اقتصاد صديق للبيئة وأدخلت "الأجندة الخضراء" في اعتباراتها التنموية لتساعدها على ادارة مواردها بكفاءة عالية تعود بالنفع على الاقتصاد والبيئة على حد سواء مما أدى الى تطوير سياسات وخطط تنموية بدأ العمل بمعظمها وبعضها قيد التنفيذ.
وبفضل توجيهات القيادة الرشيدة لمواجهة التحديات البيئية تم إطلاق وتنفيذ العديد من المبادرات لترشيد الاستهلاك وإيجاد حلول عملية لتنويع مصادر الطاقة فيها وبحلول عام 2021 تهدف دولة الإمارات العربية المتحدة للحد من استهلاك الطاقة عبر استخدام الموارد المتجددة وتنفيذ قوانين بناء مستدامة من خلال برنامج "استدامة".
وفي إمارة أبوظبي تتكاتف جهود مختلف الجهات المعنية لإدارة الموارد الطبيعية وتحقيق استخدام مستدام لها وذلك في إطار رؤية القيادة الرشيدة لدولة الإمارات العربية المتحدة حيث قطعت أبوظبي شوطاً كبيراً في هذا المجال من خلال إشراك كافة الجهات وتحديد دورها في مواصلة جهود الاستدامة وقد توجت هذه الجهود باختيار الأمانة العامة لمنظمة المدن والعواصم الإسلامية ومركز التعاون الأوروبي العربي العاصمة "أبوظبي" كعاصمة للبيئة العربية لعام 2015 وذلك تقديرا لجهودها المتميزة في مجال حماية البيئة لتكون وساما جديدا على صدر دولة الإمارات العربية والمتحدة.
ومنذ إنشائها في عام 1996 تلتزم هيئة البيئة – أبوظبي بحماية وتعزيز جودة الهواء والمياه الجوفية والمياه البحرية والتربة بالإضافة إلى حماية التنوع البيولوجي في النظم البيئية الصحراوية والبحرية في إمارة أبوظبي .. ومن خلال الشراكة مع جهات حكومية أخرى والقطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية والمنظمات البيئية العالمية تعمل الهيئة على تبني أفضل الممارسات العالمية وتشجيع الابتكار والعمل الجاد لاتخاذ تدابير وسياسات فعّالة كما تسعى لتعزيز الوعي البيئي والتنمية المستدامة وضمان استمرار إدراج القضايا البيئية ضمن أهم الأولويات في الأجندة الوطنية.
ووضعت الهيئة منذ إنشائها هدفا أساسيا هو التأكيد على رعاية واستدامة الموارد الطبيعية من أجل تحقيق النمو والتقدم الاقتصادي وفي نفس الوقت المحافظة على البيئة وصحة الإنسان حيث تسعى هيئة البيئة إلى تحقيق ذلك من خلال تركيز جهودها على أربعة محاور أساسية هي السياسات والأنظمة البيئية ومراقبة الجودة البيئية والتعليم والتوعية وإدارة المرافق والتنوع البيولوجي.
وخلال السنوات الماضية اكتسبت الهيئة خبرات كبيرة وحققت الكثير من الإنجازات المتميزة التي تشمل على سبيل المثال لا الحصر تطوير إطار شامل للإنفاذ القانوني يشمل مجموعة من الأدوات مثل التفتيش والملاحقة القضائية بالإضافة إلى تطوير نظام إصدار التراخيص وفق أفضل الممارسات العالمية كما اكتسبت الهيئة معرفة واسعة حول مصائد الأسماك واستعادة المها العربي بعد أن كان منقرضا في البرية الى جانب المحافظة على تعداد أكبر كثافة في العالم لأبقار البحر بالإضافة إلى تعزيز توعية الجمهور بالقضايا البيئية.
وحازت الهيئة على عدة جوائز كان آخرها تقدير عالمي من برنامج الأمم المتحدة للبيئة عن مبادرة المدارس المستدامة باعتبارها أحد المبادرات الفريدة من نوعها على مستوى العالم وأثرها الكبير على الاستدامة البيئية.
وبصفتها الجهة التنظيمية المعنية بالقضايا البيئية نيابة عن حكومة أبوظبي تقوم هيئة البيئة – أبوظبي بمراقبة وإدارة البيئة من خلال إنشاء وتعزيز سبل الإدارة المناسبة بالإضافة إلى توفير الأدوات القانونية والفنية التي تساهم في حماية وتطوير والمحافظة على التراث الطبيعي.
ووضعت هيئة البيئة أبوظبي إطارا للرؤية البيئية لإمارة أبوظبي 2030 والتي حددت خمس أولويات سيتم العمل عليها من خلال سياسة بيئية واضحة المعالم واستراتيجيات بيئية خمسية شملت إدارة النفايات والمياه وجودة الهواء والتنوع البيولوجي والتغير المناخي اذ تُفَصّل هذه الخطط العلاقة بين القطاعات المختلفة وتأثيرها على البيئة.
وفي هذا الإطار تعمل هيئة البيئة - أبوظبي على تعزيز العلاقة الوثيقة بين المياه والطاقة ومعالجة آثار شح المياه على الطاقة والقطاعات الاقتصادية والأمن الغذائي كذلك تعمل على تمديد العمر الافتراضي للمياه الجوفية والعمل بشكل وثيق مع شركائها في قطاع الزراعة لتحديد أفضل الممارسات في استخدام كل قطرة مياه بطريقة فعالة اذ تهدف الهيئة إلى إبطاء عملية استنزاف المياه الجوفية والمساهمة في ضمان الأمن المائي والغذائي لإمارة أبوظبي على المدى البعيد.
وتسعى هيئة البيئة – أبوظبي إلى التقليل من استهلاك المياه الجوفية بنسبة 80 بالمائة بحلول العام 2030 في ظل جهودها الرامية لحماية البيئة الطبيعية في إمارة أبوظبي براً وبحراً وجواً كما تسعى إلى اعتماد ميزانية مائية شاملة للإمارة لتلبي الزيادة الكبيرة المتوقعة في الطلب على المياه التي ستنجم عن الزيادة في عدد السكان والنمو الاقتصادي مستقبلا وذلك بصورة مستدامة.
وكلفت الهيئة جامعتي الإمارات وليدز في المملكة المتحدة إضافة إلى مؤسسة "وتيروايس" - وهي مؤسسة غير حكومية تعمل في مجال كفاءة استخدام المياه ومقرها المملكة المتحدة - بتطوير نهج ديناميكي من أجل إعداد الميزانية المائية لإمارة أبوظبي وتعزيز الفهم حول مصادر المياه والطلب عليها في الإمارة.
وتهدف هذه الدراسة الهامة - التي يتطلب إجراؤها سنة كاملة - إلى إعطاء صورة مفصلة عن توفر المياه واستهلاكها بين مختلف القطاعات في أبوظبي سواء في الوقت الراهن أو في المستقبل ..وسيسهم اعتماد الميزانية المائية في تطوير نهج متكامل وفعال لإدارة الموارد المائية في الإمارة مما يشجع على التقليل من معدل استهلاك المياه وتحسين استخدام المياه المعاد تدويرها وتطبيق إدارة مستدامة لموارد المياه الجوفية.
وتعمل هيئة البيئة – أبوظبي لتطبيق نظام ذكي لمراقبة ورصد الغابات التي تخضع لإشرافها والتي تغطي مساحة 228 ألف هكتار حيث تقوم بالتوسع في دراسة نموذج الري المعتمد في غابة خب الدهس التي تقع بالقرب من مدينة زايد في المنطقة الغربية وإجراء دراسات حول الاحتياجات المائية لأشجار الغاف باستخدام تقنيات حديثة تهدف إلى تحديد دقيق لكميات المياه التي تحتاجها الأشجار حسب نوعها وطبيعة التربة.
وتهدف هذه الدراسات إلى جانب دراسات المركز الدولي للزراعة الملحية إلى وضع معايير جديدة لإدارة الزراعة والغابات في أبوظبي ويتم حاليا ري الغابات باستخدام المياه الجوفية حيث تستهلك نحو 11 بالمائة من الميزانية المائية المخصصة في أبوظبي اذ اصبحت هذه الدراسات ضرورة ملحة اليوم نظرا لشح المياه في الإمارة ..وقد أشارت دراسات الهيئة إلى استنفاد المياه الجوفية الصالحة للاستخدام في أبوظبي خلال 50 عاما فقط في حال استمرار استخراجها واستهلاكها بدون مراقبة .
وستتم مراقبة قطاع إدارة الغابات عن كثب في ما يتعلق بحماية البنية التحتية وتعزيز التنوع البيولوجي وتوفير المعايير التي من شأنها تحسين الحالة المعيشة خلال المحافظة على الإرث الثقافي وستعتمد الهيئة على النتائج النهائية لهذه الدراسات المتمحورة حول الاحتياجات المائية على أن تستخدم أنظمة إدارة ري الغابات وعدادات المياه الذكية لوضع قوانين صارمة لإدارة الغابات في أبوظبي.
ووضعت هيئة البيئة – أبوظبي وشريكها الاستراتيجي الرئيسي وزارة البيئة والمياه برنامجاً لحماية الثروة السمكية في دولة الإمارات العربية المتحدة من النضوب ويضمن استخدامها على نحو مستدام.
ويعتبر تناقص المخزون السمكي مشكلة عالمية حيث تظهر الأدلّة أن أعداد الأسماك انخفضت إلى مستويات خطيرة في جزء كبير من المحيطات العالمية بسبب الصيد اذ أن ثلثي المخزون السمكي يتعرّض للاستغلال بشكل يقارب من مستويات الاستدامة أو يتجاوزها في كثير من الاحيان.
وفي دولة الإمارات العربية المتحدة تشكل مصائد الأسماك في أبوظبي عنصرا مهما من التراث الثقافي للمجتمعات الساحلية ومصدرا للرزق والترفيه ويساهم في الأمن الغذائي للإمارة اذ تظهر الدراسات أن الإفراط في استغلال مصايد الأسماك أدى إلى خفض مخزونات الأنواع التجارية الرئيسية إلى مستويات غير مستدامة وفقا للمعدلات العالمية مما يتطلب اتخاذ اجراءات عاجلة لإنقاذه.
وعلى مدى السنوات الـ 14 الماضية ..أجرت هيئة البيئة – أبوظبي دراسات تفصيلية لتقييم المخزون السمكي في مياه إمارة أبوظبي والتي تمثل الغالبية العظمى من المناطق البحرية لدولة الإمارات وشهدت العديد من الأنواع الرئيسية انخفاضا كبيراً خلال هذه الفترة وذلك بالرغم من الجهود الحثيثة التي تبذلها الدولة لإدارة مصايد الأسماك وحمايتها ومن هذه الأسماك الأنواع القاعية الرئيسية مثل الهامور والشعري والفرش والأنواع السطحية مثل الكنعد والتي تتعرض للاستغلال المفرط بشكل كبير يفوق حد الاستدامة.
ولقد أجرت الهيئة ثلاث دراسات مستقلة في مياه أبوظبي والتي تمثل أكثر من 70 بالمائة من مياه دولة الإمارات في الخليج العربي وتبين أن 12 نوعا على الأقل من الأنواع يتم استغلالها بشكل يفوق مستويات الاستدامة وتشكل هذه البيانات مؤشرا على وضع المخزون السمكي في دولة الإمارات نظرا إلى أن أبوظبي تمثل المساحة الأكبر في دولة الإمارات العربية المتحدة في منطقة الخليج العربي.
وتمثل الأنواع الـ 12 التي يتم استغلالها بشكل مفرط أكثر من 85 بالمائة من أنواع الاسماك التجارية وإيرادات الأسماك وبالإضافة إلى الأنواع الرئيسية مثل الهامور والشعري والفرش والكنعد وتشمل الأنواع الأخرى التي تتعرض للصيد الجائر الضلع والزريدي ويماه والقابط وصافي عربي وكوفر واشنينو والمرجان.
وتقوم هيئة البيئة – أبوظبي بمراقبة المخزون السمكي وفقا لاثنين من مؤشرات الاستدامة الرئيسية - احدهما نسبة الأسماك الناضجة للهامور والشعري والفرش بالمخزون السمكي بالمقارنة مع كتلتها الحيوية البكر ..والثاني هو "مؤشر الصيد المستدام" الذي يصف نسبة الأنواع التي يتم استغلالها على نحو مستدام من إجمالي محصول الصيد.
وخلال عام 2014 قامت الهيئة بوضع عدد من السياسات الجديدة للمحافظة على جودة المياه البحرية تتمثل رؤيتنا في تطوير ووضع برنامج حماية دولي شامل لإدارة جودة المياه البحرية وحمايتها مما يدعم الاستدامة البيئية في إمارة أبوظبي.
وقد أشاد مجلس إدارة الهيئة في اجتماعه الاخير الذي عقد في نوفمبر 2015 بالجهود المبذولة من قبل الهيئة لتحسين نوعية مياه البحر في جزيرة أبوظبي والتحسن الملحوظ على مؤشر الاثراء الغذائي ومؤشر الصحة العامة وأكد على أهمية الاستمرار في تنفيذ المسح الشامل لمراقبة جودة مياه أبوظبي على أن يشمل المنطقة الغربية كما وجه المجلس بمتابعة تنفيذ برنامج مراقبة مياه الشواطئ ليشمل المنطقة الغربية وبالبدء بتركيب عوامات آلية للمراقبة الآنية لنوعية مياه البحر بالقرب من المشاريع التنموية والصناعية في المنطقة الغربية.
ويهدف مشروع جرد ورصد التنوع البيولوجي البري في امارة أبوظبي إلى توفير معرفة أعمق بالنباتات والحيوانيات واستخدامات الأراضي وأنواع الموائل ويقدم هذا المسح معلومات قيمة حول الأنواع الهامة والتي يمكن أن تستخدم لإعلان محميات طبيعية جديدة وتوفير معلومات حول توزيع الأنواع في جميع أنحاء الإمارة.
وتتضمن جهود الهيئة في مراقبة الموائل والأنواع الهامة والمهددة بالانقراض والتي تشمل 15 نوعا من الأنواع البرية الرئيسية يتم مراقبتها بإنتظام في إمارة أبوظبي و11 نوعاً من الأنواع البحرية الرئيسية و7 موائل برية وبحرية.
وتستخدم الهيئة أحدث التقنيات والأدوات في المراقبة ومنها استخدام طائرة مروحية وطيارات بدون طيار وأجهزة تعقب جي إس إم وكاميرات المراقبة وأجهزة تتبع الموقع في إحصاء الدلافين والطيور المتكاثرة لمراقبة الأنواع المهددة بالانقراض.
وأثمرت جهود الهيئة في مراقبة الأنواع والموائل الرئيسية اكتشاف أنواع جديدة وإعادة تسجيل أنواع مهددة والتي تضمنت تسجيل اكتشاف 6 أنواع جديدة من اللافقاريات في السجل العلمي العالمي كما شوهد القط الرملي بعد 14 سنة مضت منذ آخر مرة شوهد فيها.
كما أدت عمليات الرصد ومراقبة الطهر العربي إلى وضع خطة عمل خاصة بهذا النوع وتم تغطية 2850 من أبقار البحر تحت خطة العمل وتسجيل 415 دولفين في إمارة أبوظبي ومراقبة 204 سلحفاة بحرية معششة من نوع منقار الصقر ضمن خطة العمل الخاصة بالسلاحف البحرية .
وتقود الهيئة برنامج إعادة التوطين للمها الأفريقي /أبو حراب/ في تشاد الأول من نوعه في العالم لإعادة توطين حوالي 500 رأس من المها الأفريقي /أبو حراب/ في البرية خلال خمس سنوات حيث أحرزت الهيئة تقدما كبيرا في جمع قطيع عالمي للمها الأفريقي .
وقد تم جمع واختيار أفراد متنوعة من المها الأفريقي /أبو حراب/ من دول عدة تعمل مع دولة الإمارات العربية المتحدة لتأسيس نواة للقطيع العالمي بما يضمن تنوعها الوراثي وصحة تعدادها قبل عملية إعادة توطينها في تشاد.
وحققت إدارة هيئة البيئة – أبوظبي للمحميات الطبيعية خلال السنوات الماضية نتائج إيجابية لعدد من الموائل والأنواع وبنهاية عام 2014 أصبحت الهيئة تدير أربع محميات بحرية تمثل 13.2 بالمائة من البيئة البحرية بالإمارة وحوالي أربع محميات برية على مساحة 10.5 بالمائة من البيئة البرية بإمارة أبوظبي.
وفي عام 2014 أكملت الهيئة بنجاح مشروع رسم خرائط الموائل واستخدامات الأراضي والغطاء النباتي الذي يعتبر الأول من نوعه في العالم من حيث الحجم ومستوى التفاصيل ويساعد هذا المشروع إمارة أبوظبي في الحد من التدهور البيئي الذي يسببه التدخل البشري كما يساهم في تحقيق دقة أكبر في تقييم الأثر البيئي.
وفي اطار اهتمامها بالتحول الى مدن مستدامة استضافت أبوظبي في الفترة من 11 الى 13 أكتوبر قمة مدن البيئة العالمية 2015 والتي أقيمت للمرة الأولى في منطقة الشرق الأوسط وساهم هذا الحدث العالمي الذي يعقد كل عامين في جذب أكثر من ألف مندوب ناقشوا القضايا المتعلقة بتشييد مدن صديقة للبيئة وسط التحديات البيئية المحيطة.
كما قدمت الهيئة الدعم لقمة "عين على الأرض" التي أقيمت في العاصمة أبوظبي في الفترة من 6 الى 8 أكتوبر وذلك في إطار سعيها لتحقيق أهداف التنمية المستدامة على النطاق العالمي وأيضا على المستوى المحلي في إطار الأجندة الوطنية لرؤية الإمارات 2021 وأجندة السياسة البيئية العامة لإمارة أبوظبي وفي نفس الإطار استضافت الهيئة خلال شهر أكتوبر أعضاء الشبكة العالمية للبصمة البيئية لمناقشة وتبادل الآراء حول إيجاد حلول عملية وملموسة تهدف إلى الحد من آثار التغير المناخي وتقليص البصمة البيئية.وام
وبفضل توجيهات القيادة الرشيدة لمواجهة التحديات البيئية تم إطلاق وتنفيذ العديد من المبادرات لترشيد الاستهلاك وإيجاد حلول عملية لتنويع مصادر الطاقة فيها وبحلول عام 2021 تهدف دولة الإمارات العربية المتحدة للحد من استهلاك الطاقة عبر استخدام الموارد المتجددة وتنفيذ قوانين بناء مستدامة من خلال برنامج "استدامة".
وفي إمارة أبوظبي تتكاتف جهود مختلف الجهات المعنية لإدارة الموارد الطبيعية وتحقيق استخدام مستدام لها وذلك في إطار رؤية القيادة الرشيدة لدولة الإمارات العربية المتحدة حيث قطعت أبوظبي شوطاً كبيراً في هذا المجال من خلال إشراك كافة الجهات وتحديد دورها في مواصلة جهود الاستدامة وقد توجت هذه الجهود باختيار الأمانة العامة لمنظمة المدن والعواصم الإسلامية ومركز التعاون الأوروبي العربي العاصمة "أبوظبي" كعاصمة للبيئة العربية لعام 2015 وذلك تقديرا لجهودها المتميزة في مجال حماية البيئة لتكون وساما جديدا على صدر دولة الإمارات العربية والمتحدة.
ومنذ إنشائها في عام 1996 تلتزم هيئة البيئة – أبوظبي بحماية وتعزيز جودة الهواء والمياه الجوفية والمياه البحرية والتربة بالإضافة إلى حماية التنوع البيولوجي في النظم البيئية الصحراوية والبحرية في إمارة أبوظبي .. ومن خلال الشراكة مع جهات حكومية أخرى والقطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية والمنظمات البيئية العالمية تعمل الهيئة على تبني أفضل الممارسات العالمية وتشجيع الابتكار والعمل الجاد لاتخاذ تدابير وسياسات فعّالة كما تسعى لتعزيز الوعي البيئي والتنمية المستدامة وضمان استمرار إدراج القضايا البيئية ضمن أهم الأولويات في الأجندة الوطنية.
ووضعت الهيئة منذ إنشائها هدفا أساسيا هو التأكيد على رعاية واستدامة الموارد الطبيعية من أجل تحقيق النمو والتقدم الاقتصادي وفي نفس الوقت المحافظة على البيئة وصحة الإنسان حيث تسعى هيئة البيئة إلى تحقيق ذلك من خلال تركيز جهودها على أربعة محاور أساسية هي السياسات والأنظمة البيئية ومراقبة الجودة البيئية والتعليم والتوعية وإدارة المرافق والتنوع البيولوجي.
وخلال السنوات الماضية اكتسبت الهيئة خبرات كبيرة وحققت الكثير من الإنجازات المتميزة التي تشمل على سبيل المثال لا الحصر تطوير إطار شامل للإنفاذ القانوني يشمل مجموعة من الأدوات مثل التفتيش والملاحقة القضائية بالإضافة إلى تطوير نظام إصدار التراخيص وفق أفضل الممارسات العالمية كما اكتسبت الهيئة معرفة واسعة حول مصائد الأسماك واستعادة المها العربي بعد أن كان منقرضا في البرية الى جانب المحافظة على تعداد أكبر كثافة في العالم لأبقار البحر بالإضافة إلى تعزيز توعية الجمهور بالقضايا البيئية.
وحازت الهيئة على عدة جوائز كان آخرها تقدير عالمي من برنامج الأمم المتحدة للبيئة عن مبادرة المدارس المستدامة باعتبارها أحد المبادرات الفريدة من نوعها على مستوى العالم وأثرها الكبير على الاستدامة البيئية.
وبصفتها الجهة التنظيمية المعنية بالقضايا البيئية نيابة عن حكومة أبوظبي تقوم هيئة البيئة – أبوظبي بمراقبة وإدارة البيئة من خلال إنشاء وتعزيز سبل الإدارة المناسبة بالإضافة إلى توفير الأدوات القانونية والفنية التي تساهم في حماية وتطوير والمحافظة على التراث الطبيعي.
ووضعت هيئة البيئة أبوظبي إطارا للرؤية البيئية لإمارة أبوظبي 2030 والتي حددت خمس أولويات سيتم العمل عليها من خلال سياسة بيئية واضحة المعالم واستراتيجيات بيئية خمسية شملت إدارة النفايات والمياه وجودة الهواء والتنوع البيولوجي والتغير المناخي اذ تُفَصّل هذه الخطط العلاقة بين القطاعات المختلفة وتأثيرها على البيئة.
وفي هذا الإطار تعمل هيئة البيئة - أبوظبي على تعزيز العلاقة الوثيقة بين المياه والطاقة ومعالجة آثار شح المياه على الطاقة والقطاعات الاقتصادية والأمن الغذائي كذلك تعمل على تمديد العمر الافتراضي للمياه الجوفية والعمل بشكل وثيق مع شركائها في قطاع الزراعة لتحديد أفضل الممارسات في استخدام كل قطرة مياه بطريقة فعالة اذ تهدف الهيئة إلى إبطاء عملية استنزاف المياه الجوفية والمساهمة في ضمان الأمن المائي والغذائي لإمارة أبوظبي على المدى البعيد.
وتسعى هيئة البيئة – أبوظبي إلى التقليل من استهلاك المياه الجوفية بنسبة 80 بالمائة بحلول العام 2030 في ظل جهودها الرامية لحماية البيئة الطبيعية في إمارة أبوظبي براً وبحراً وجواً كما تسعى إلى اعتماد ميزانية مائية شاملة للإمارة لتلبي الزيادة الكبيرة المتوقعة في الطلب على المياه التي ستنجم عن الزيادة في عدد السكان والنمو الاقتصادي مستقبلا وذلك بصورة مستدامة.
وكلفت الهيئة جامعتي الإمارات وليدز في المملكة المتحدة إضافة إلى مؤسسة "وتيروايس" - وهي مؤسسة غير حكومية تعمل في مجال كفاءة استخدام المياه ومقرها المملكة المتحدة - بتطوير نهج ديناميكي من أجل إعداد الميزانية المائية لإمارة أبوظبي وتعزيز الفهم حول مصادر المياه والطلب عليها في الإمارة.
وتهدف هذه الدراسة الهامة - التي يتطلب إجراؤها سنة كاملة - إلى إعطاء صورة مفصلة عن توفر المياه واستهلاكها بين مختلف القطاعات في أبوظبي سواء في الوقت الراهن أو في المستقبل ..وسيسهم اعتماد الميزانية المائية في تطوير نهج متكامل وفعال لإدارة الموارد المائية في الإمارة مما يشجع على التقليل من معدل استهلاك المياه وتحسين استخدام المياه المعاد تدويرها وتطبيق إدارة مستدامة لموارد المياه الجوفية.
وتعمل هيئة البيئة – أبوظبي لتطبيق نظام ذكي لمراقبة ورصد الغابات التي تخضع لإشرافها والتي تغطي مساحة 228 ألف هكتار حيث تقوم بالتوسع في دراسة نموذج الري المعتمد في غابة خب الدهس التي تقع بالقرب من مدينة زايد في المنطقة الغربية وإجراء دراسات حول الاحتياجات المائية لأشجار الغاف باستخدام تقنيات حديثة تهدف إلى تحديد دقيق لكميات المياه التي تحتاجها الأشجار حسب نوعها وطبيعة التربة.
وتهدف هذه الدراسات إلى جانب دراسات المركز الدولي للزراعة الملحية إلى وضع معايير جديدة لإدارة الزراعة والغابات في أبوظبي ويتم حاليا ري الغابات باستخدام المياه الجوفية حيث تستهلك نحو 11 بالمائة من الميزانية المائية المخصصة في أبوظبي اذ اصبحت هذه الدراسات ضرورة ملحة اليوم نظرا لشح المياه في الإمارة ..وقد أشارت دراسات الهيئة إلى استنفاد المياه الجوفية الصالحة للاستخدام في أبوظبي خلال 50 عاما فقط في حال استمرار استخراجها واستهلاكها بدون مراقبة .
وستتم مراقبة قطاع إدارة الغابات عن كثب في ما يتعلق بحماية البنية التحتية وتعزيز التنوع البيولوجي وتوفير المعايير التي من شأنها تحسين الحالة المعيشة خلال المحافظة على الإرث الثقافي وستعتمد الهيئة على النتائج النهائية لهذه الدراسات المتمحورة حول الاحتياجات المائية على أن تستخدم أنظمة إدارة ري الغابات وعدادات المياه الذكية لوضع قوانين صارمة لإدارة الغابات في أبوظبي.
ووضعت هيئة البيئة – أبوظبي وشريكها الاستراتيجي الرئيسي وزارة البيئة والمياه برنامجاً لحماية الثروة السمكية في دولة الإمارات العربية المتحدة من النضوب ويضمن استخدامها على نحو مستدام.
ويعتبر تناقص المخزون السمكي مشكلة عالمية حيث تظهر الأدلّة أن أعداد الأسماك انخفضت إلى مستويات خطيرة في جزء كبير من المحيطات العالمية بسبب الصيد اذ أن ثلثي المخزون السمكي يتعرّض للاستغلال بشكل يقارب من مستويات الاستدامة أو يتجاوزها في كثير من الاحيان.
وفي دولة الإمارات العربية المتحدة تشكل مصائد الأسماك في أبوظبي عنصرا مهما من التراث الثقافي للمجتمعات الساحلية ومصدرا للرزق والترفيه ويساهم في الأمن الغذائي للإمارة اذ تظهر الدراسات أن الإفراط في استغلال مصايد الأسماك أدى إلى خفض مخزونات الأنواع التجارية الرئيسية إلى مستويات غير مستدامة وفقا للمعدلات العالمية مما يتطلب اتخاذ اجراءات عاجلة لإنقاذه.
وعلى مدى السنوات الـ 14 الماضية ..أجرت هيئة البيئة – أبوظبي دراسات تفصيلية لتقييم المخزون السمكي في مياه إمارة أبوظبي والتي تمثل الغالبية العظمى من المناطق البحرية لدولة الإمارات وشهدت العديد من الأنواع الرئيسية انخفاضا كبيراً خلال هذه الفترة وذلك بالرغم من الجهود الحثيثة التي تبذلها الدولة لإدارة مصايد الأسماك وحمايتها ومن هذه الأسماك الأنواع القاعية الرئيسية مثل الهامور والشعري والفرش والأنواع السطحية مثل الكنعد والتي تتعرض للاستغلال المفرط بشكل كبير يفوق حد الاستدامة.
ولقد أجرت الهيئة ثلاث دراسات مستقلة في مياه أبوظبي والتي تمثل أكثر من 70 بالمائة من مياه دولة الإمارات في الخليج العربي وتبين أن 12 نوعا على الأقل من الأنواع يتم استغلالها بشكل يفوق مستويات الاستدامة وتشكل هذه البيانات مؤشرا على وضع المخزون السمكي في دولة الإمارات نظرا إلى أن أبوظبي تمثل المساحة الأكبر في دولة الإمارات العربية المتحدة في منطقة الخليج العربي.
وتمثل الأنواع الـ 12 التي يتم استغلالها بشكل مفرط أكثر من 85 بالمائة من أنواع الاسماك التجارية وإيرادات الأسماك وبالإضافة إلى الأنواع الرئيسية مثل الهامور والشعري والفرش والكنعد وتشمل الأنواع الأخرى التي تتعرض للصيد الجائر الضلع والزريدي ويماه والقابط وصافي عربي وكوفر واشنينو والمرجان.
وتقوم هيئة البيئة – أبوظبي بمراقبة المخزون السمكي وفقا لاثنين من مؤشرات الاستدامة الرئيسية - احدهما نسبة الأسماك الناضجة للهامور والشعري والفرش بالمخزون السمكي بالمقارنة مع كتلتها الحيوية البكر ..والثاني هو "مؤشر الصيد المستدام" الذي يصف نسبة الأنواع التي يتم استغلالها على نحو مستدام من إجمالي محصول الصيد.
وخلال عام 2014 قامت الهيئة بوضع عدد من السياسات الجديدة للمحافظة على جودة المياه البحرية تتمثل رؤيتنا في تطوير ووضع برنامج حماية دولي شامل لإدارة جودة المياه البحرية وحمايتها مما يدعم الاستدامة البيئية في إمارة أبوظبي.
وقد أشاد مجلس إدارة الهيئة في اجتماعه الاخير الذي عقد في نوفمبر 2015 بالجهود المبذولة من قبل الهيئة لتحسين نوعية مياه البحر في جزيرة أبوظبي والتحسن الملحوظ على مؤشر الاثراء الغذائي ومؤشر الصحة العامة وأكد على أهمية الاستمرار في تنفيذ المسح الشامل لمراقبة جودة مياه أبوظبي على أن يشمل المنطقة الغربية كما وجه المجلس بمتابعة تنفيذ برنامج مراقبة مياه الشواطئ ليشمل المنطقة الغربية وبالبدء بتركيب عوامات آلية للمراقبة الآنية لنوعية مياه البحر بالقرب من المشاريع التنموية والصناعية في المنطقة الغربية.
ويهدف مشروع جرد ورصد التنوع البيولوجي البري في امارة أبوظبي إلى توفير معرفة أعمق بالنباتات والحيوانيات واستخدامات الأراضي وأنواع الموائل ويقدم هذا المسح معلومات قيمة حول الأنواع الهامة والتي يمكن أن تستخدم لإعلان محميات طبيعية جديدة وتوفير معلومات حول توزيع الأنواع في جميع أنحاء الإمارة.
وتتضمن جهود الهيئة في مراقبة الموائل والأنواع الهامة والمهددة بالانقراض والتي تشمل 15 نوعا من الأنواع البرية الرئيسية يتم مراقبتها بإنتظام في إمارة أبوظبي و11 نوعاً من الأنواع البحرية الرئيسية و7 موائل برية وبحرية.
وتستخدم الهيئة أحدث التقنيات والأدوات في المراقبة ومنها استخدام طائرة مروحية وطيارات بدون طيار وأجهزة تعقب جي إس إم وكاميرات المراقبة وأجهزة تتبع الموقع في إحصاء الدلافين والطيور المتكاثرة لمراقبة الأنواع المهددة بالانقراض.
وأثمرت جهود الهيئة في مراقبة الأنواع والموائل الرئيسية اكتشاف أنواع جديدة وإعادة تسجيل أنواع مهددة والتي تضمنت تسجيل اكتشاف 6 أنواع جديدة من اللافقاريات في السجل العلمي العالمي كما شوهد القط الرملي بعد 14 سنة مضت منذ آخر مرة شوهد فيها.
كما أدت عمليات الرصد ومراقبة الطهر العربي إلى وضع خطة عمل خاصة بهذا النوع وتم تغطية 2850 من أبقار البحر تحت خطة العمل وتسجيل 415 دولفين في إمارة أبوظبي ومراقبة 204 سلحفاة بحرية معششة من نوع منقار الصقر ضمن خطة العمل الخاصة بالسلاحف البحرية .
وتقود الهيئة برنامج إعادة التوطين للمها الأفريقي /أبو حراب/ في تشاد الأول من نوعه في العالم لإعادة توطين حوالي 500 رأس من المها الأفريقي /أبو حراب/ في البرية خلال خمس سنوات حيث أحرزت الهيئة تقدما كبيرا في جمع قطيع عالمي للمها الأفريقي .
وقد تم جمع واختيار أفراد متنوعة من المها الأفريقي /أبو حراب/ من دول عدة تعمل مع دولة الإمارات العربية المتحدة لتأسيس نواة للقطيع العالمي بما يضمن تنوعها الوراثي وصحة تعدادها قبل عملية إعادة توطينها في تشاد.
وحققت إدارة هيئة البيئة – أبوظبي للمحميات الطبيعية خلال السنوات الماضية نتائج إيجابية لعدد من الموائل والأنواع وبنهاية عام 2014 أصبحت الهيئة تدير أربع محميات بحرية تمثل 13.2 بالمائة من البيئة البحرية بالإمارة وحوالي أربع محميات برية على مساحة 10.5 بالمائة من البيئة البرية بإمارة أبوظبي.
وفي عام 2014 أكملت الهيئة بنجاح مشروع رسم خرائط الموائل واستخدامات الأراضي والغطاء النباتي الذي يعتبر الأول من نوعه في العالم من حيث الحجم ومستوى التفاصيل ويساعد هذا المشروع إمارة أبوظبي في الحد من التدهور البيئي الذي يسببه التدخل البشري كما يساهم في تحقيق دقة أكبر في تقييم الأثر البيئي.
وفي اطار اهتمامها بالتحول الى مدن مستدامة استضافت أبوظبي في الفترة من 11 الى 13 أكتوبر قمة مدن البيئة العالمية 2015 والتي أقيمت للمرة الأولى في منطقة الشرق الأوسط وساهم هذا الحدث العالمي الذي يعقد كل عامين في جذب أكثر من ألف مندوب ناقشوا القضايا المتعلقة بتشييد مدن صديقة للبيئة وسط التحديات البيئية المحيطة.
كما قدمت الهيئة الدعم لقمة "عين على الأرض" التي أقيمت في العاصمة أبوظبي في الفترة من 6 الى 8 أكتوبر وذلك في إطار سعيها لتحقيق أهداف التنمية المستدامة على النطاق العالمي وأيضا على المستوى المحلي في إطار الأجندة الوطنية لرؤية الإمارات 2021 وأجندة السياسة البيئية العامة لإمارة أبوظبي وفي نفس الإطار استضافت الهيئة خلال شهر أكتوبر أعضاء الشبكة العالمية للبصمة البيئية لمناقشة وتبادل الآراء حول إيجاد حلول عملية وملموسة تهدف إلى الحد من آثار التغير المناخي وتقليص البصمة البيئية.وام