رئيس الدولة: الإمارات تبني مستقبلاً راسخاً لأجيالها بعيداً عن الموارد النفطية

اعتمد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، السياسة العليا لدولة الإمارات في مجال العلوم والتكنولوجيا والابتكار، وتتضمن 100 مبادرة وطنية في القطاعات التعليمية، والصحية، والطاقة، والنقل، والفضاء، والمياه، ويصل حجم الاستثمار فيها أكثر من 300 مليار درهم، كما تتضمن مجموعة سياسات وطنية جديدة في المجالات التشريعية والاستثمارية والتكنولوجية والتعليمية والمالية، بهدف تغيير معادلات الاقتصاد الوطني، ودفعه بعيداً عن الاعتماد على الموارد النفطية، وتحقيق نقلة علمية ومعرفية متقدمة للدولة خلال السنوات المقبلة.
وأكد صاحب السمو رئيس الدولة، أن الإمارات تعمل على بناء مستقبل راسخ لأجيالها، بعيداً عن الاعتماد على الموارد النفطية، وأنها حسمت خياراتها لعالم ما بعد النفط بالاستثمار في الإنسان والعلم والتقنية المتقدمة.

وقال سموه، إن «دولة الإمارات راهنت منذ البداية على بناء الإنسان وعقله ومواهبه وطاقاته، واليوم يقود هذا العقل مسيرة التنمية، واعتمادنا سيكون عليه بعيداً عن الموارد النفطية»، مضيفاً سموه، أن «خلق الثروات المستدامة للأجيال المقبلة سيعتمد على العلم والمعرفة والتقنية والابتكار، وأن سياسة العلوم والتكنولوجيا التي نعتمدها اليوم، هي نقطة تحول رئيسة في مسيرتنا التنموية».

وتابع سموه: «ندعو الجهات والمؤسسات الحكومية والخاصة المحلية والاتحادية كافة إلى توحيد الجهود من أجل تحقيق نقلة علمية متقدمة للدولة، وبناء واقع جديد لأجيالنا القادمة، وترسيخ مكانة علمية وعالمية متقدمة للدولة عبر العمل كفريق واحد، لتحويل هذه السياسة إلى واقع ملموس خلال الفترة المقبلة»، مؤكداً سموه، «دعمه الكامل وإخوانه أصحاب السمو حكام الإمارات للحكومة الاتحادية بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، في تنفيذ هذه السياسة ورسم واقع علمي ومعرفي جديد للإمارات».

قرار استراتيجي

من ناحيته، أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أن «رسم سياسة عليا للدولة في مجال العلوم والتكنولوجيا والابتكار، تتضمن مبادرات عملية، ومقترحات تشريعية، واستثمارات مالية واضحة، وهو قرار استراتيجي لدولة الإمارات يهدف إلى حماية مكتسبات الدولة التنموية، وتغيير معادلات الاقتصاد الوطني لدفعه بعيداً عن الاعتماد على الموارد النفطية المحدودة زمنياً وتقنياً».

وأوضح سموه، أن «الدول الواعية والشعوب المتعلمة لا ترهن مستقبلها إلا لعقولها ولأبنائها، وأن السياسة العليا للعلوم والتكنولوجيا والابتكار هي خريطتنا لبناء مستقبل مختلف لأجيالنا المقبلة».

وقال سموه، إن «دولة الإمارات بدأت منذ فترة بالاستثمار بقوة في العلوم والصناعات المتقدمة، وأن رؤية الإمارات هي أن الاستثمار في البنية التحتية غير المرئية، كالتدريب والتعليم والأبحاث والتطوير وبناء المهارات والعقول، لابد أن يسبق الصرف على البنية التحتية المرئية، كالجسور والأنفاق والمباني في المستقبل القريب». وأضاف سموه: «هدفنا هو كما قال أخي محمد بن زايد قبل فترة، بأننا سنحتفل بآخر برميل من النفط نصدره لأننا سنكون مستعدين لذلك اليوم».

خطواتنا الأولى

وأكّد صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، أن «اعتماد صاحب السموّ الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، (حفظه الله)، سياسة الإمارات العليا في مجال العلوم والتكنولوجيا والابتكار، خطوة متقدمة لتعزيز قدرات الوطن ومكتسباته». وقال سموّه في تغريدات على حسابه في «تويتر»، أمس: «بدأنا في خطواتنا الأولى واستعداداتنا المبكرة لاستدامة مواردنا لوداع آخر قطرة نفط».

وأضاف سمّوه: «لا نسعى إلى نقل المعرفة، بل إلى ترسيخها في عقولنا، بما يتيح توليد الأفكارالمبدعة، وإنتاج الحلول المبتكرة لخير الوطن وصالح البشرية، ونعقد الآمال على مؤسساتنا التعليمية في تنمية الإبداع والابتكار لدى النشء، بما ينسجم مع أهدافنا ويحقق طموحاتنا الوطنية».

وأكّد أن «ثقتنا لا حدود لها في قدرة أبناء الإمارات على ترجمة هذه السياسات إلى واقع يضع الإمارات في ركب الدول المتقدمة». وقال سموّه إن «الإنسان هو الثروة الحقيقية التي راهنت عليها الإمارات، وسيبقى كذلك قائد التغيير والإبداع والابتكار في كل المجالات، وإن الإمارات بفضل قيادة صاحب السموّ رئيس الدولة، رائدة في تبني المبادرات المبدعة، والأفكار الخلاقة والرؤى المبتكرة».

100 مبادرة

تضم السياسة العليا للعلوم والتكنولوجيا والابتكار، التي عمل عليها أعضاء اللجنة الوطنية للعلوم والتكنولوجيا والابتكار خلال عام كامل، أكثر من 100 مبادرة، إضافة إلى العديد من السياسات الوطنية الفرعية في المجالات التشريعية والاستثمارية والتكنولوجية والتعليمية والمالية.

وتشمل السياسة، على سبيل المثال، العمل على إنشاء صناديق تمويل للعلوم والأبحاث والابتكار في الدولة، إضافة إلى إعادة النظر في التشريعات الاستثمارية كافة للتشجيع على نقل التكنولوجيا ودعم الابتكار، وإنشاء شراكات تعاقدية تصنيعية عالمية.

كما تتضمن السياسة، أهدافاً لمضاعفة الإنفاق على البحث والتطوير كنسبة من الناتج القومي لثلاثة أضعاف بحلول 2021، وتهدف السياسة إلى إحداث تحول حقيقي في الاقتصاد الوطني، وزيادة نسبة عاملي المعرفة إلى 40%.

ويبلغ حجم الاستثمار الوطني المرصود في القطاعات المرتبطة بالسياسة العليا للعلوم والابتكار 300 مليار درهم، موزعة على الاستثمارات في مشروعات وطنية في الطاقة النظيفة وتبلغ 125 مليار درهم، والاستثمارات في قطاع الطاقة المتجددة وتبلغ 72 ملياراً، وفي قطاع التصنيع في مجال الطيران وتبلغ 40 مليار درهم، إضافة إلى الاستثمارات الوطنية المرتبطة بقطاع الفضاء، التي تبلغ 20 مليار درهم.

كما تم رصد أكثر من 31 مليار درهم في الدراسات والأبحاث والتطوير في مجموعة قطاعات حيوية ذات أولوية وطنية، وستة مليارات درهم لإنشاء حاضنات ابتكار، وستة مليارات درهم للتطوير وإنشاء مراكز الأبحاث المرتبطة بالقطاعات التعليمية العامة والعالية.



وتضم السياسة العليا للعلوم والتكنولوجيا والابتكار مجموعة من المبادرات التعليمية والعلمية، الهادفة إلى إعداد كوادر بشرية قادرة على مواكبة التغيرات التنموية التي ستشهدها الدولة، حيث نصت السياسة على مضاعفة التركيز على مواد العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في المراحل التعليمية كافة في الدولة، فضلاً عن إنشاء مراكز أبحاث في جامعات الدولة، ووضع الابتكار كمعيار أساسي في تقييم المدارس والجامعات الحكومية والخاصة، إضافة إلى إنشاء مكاتب نقل التكنولوجيا في جميع جامعات الدولة لتسهيل نقل المعرفة المتقدمة، والعمل على إنشاء برامج للدراسات العليا والأبحاث الأساسية والتطبيقية وتحفيز التعاون بين الجامعات والقطاع الخاص في مجال العلوم والتكنولوجيا والابتكار.

كما تضم المبادرات الوطنية المنبثقة عن السياسة العليا للعلوم والتكنولوجيا والابتكار، توفير الدعم الاستراتيجي الوطني لصناعات متقدمة عدة، مثل أبحاث الفضاء، وصناعات الطيران المتخصصة، وتوفير مجموعة حوافز استثمارية وتشريعية لاستقطاب الصناعات الدوائية العالمية، عن طريق تسهيل الشراكات التعاقدية مع المصانع المحلية.

وتضم المبادرات العلمية والتقنية التي تضمها السياسة أيضاً إنشاء مراكز لحلول تخزين الطاقة، والتوسع في برامج أبحاث الطاقة الشمسية، وإطلاق برنامج وطني لتحلية المياه باستخدام تقنيات ذات كفاءة علمية متقدمة، وإنشاء مجمعات ابتكار تخصصية في تكنولوجيا وتقنيات صناعة السيارات النموذجية وقطع الغيار.

ونصت السياسة أيضاً على دعم استخدام الطاقة النووية السلمية في الدولة وإنشاء برامج بحثية وتطويرية وطنية في مجال الروبوتات والجينوم، بالإضافة إلى العمل على وضع أطر تشريعية جديدة لحماية الملكية الفكرية وتشجيع تدفق العلماء والباحثين وتسهيل دخول ونقل معدات البحث والتطوير المتقدمة للدولة.