بدء أعمال مؤتمر "بناء الدولة .. تحدي ما بعد انتهاء الصراعات الداخلية في دول التغيير العربية" .

الامارات 7 - بدأت أعمال مؤتمر "بناء الدولة: تحدي ما بعد انتهاء الصراعات الداخلية في دول التغيير العربية" الذي ينظمه مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية بالتعاون مع كلية السياسات والشؤون الدولية - SPIA أس بي آي ايه " في جامعة "مين" الأمريكية وتستمر أعماله حتى غد الأربعاء .

شارك في أعمال المؤتمر معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع ومعالي محمد حسين الشعالي وزير الدولة للشؤون الخارجية السابق وبعض المسؤولين والدبلوماسيين المعتمدين لدى دولة الإمارات العربية المتحدة ونخبة من الباحثين والأكاديميين العرب والأجانب وبحضور لفيف من الكتاب والصحفيين ورجال الإعلام المرئي والمسموع وعدد من المثقفين والمهتمين.

وقد استهل المؤتمر أعماله بكلمة ترحيبية لسعادة الدكتور جمال سند السويدي مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية أعرب فيها سعادته عن سروره البالغ بعقد هذا المؤتمر مرحبا بالحضور والمشاركين مؤكد أهمية المؤتمر والقضية التي يتناولها بالنقاش والتحليل .

وقال سعادته " يطيب لي بداية أن أنقل إليكم تحيات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة رئيس مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية وتمنياته الطيبة لكم ولأعمال المؤتمر بالتوفيق والنجاح.. وأود أن أعرب عن اعتزاز مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية بتنظيم فعاليات هذا المؤتمر الحيوي المهم واستضافته بالتعاون مع جامعة مين الأمريكية العريقة ".

وأضاف " أنا على يقين أيها الإخوة والأخوات أن أعمال المؤتمر وما يتضمنه من أوراق بحثية ومناقشات ومداخلات على مدار يومي انعقاده سيكون لها أثرها الإيجابي في بلورة رؤية واضحة واستراتيجية شاملة توضح الأبعاد الحالية والمستقبلية لهذا الموضوع المهم بناء الدولة: تحدي ما بعد انتهاء الصراعات الداخلية في دول التغيير العربية - وكيفية التعامل معه خلال المرحلة المقبلة.

واشار الى ان منطقة الشرق الأوسط شهدت منذ نهاية عام 2010 تحولات كبيرة في البنى السياسية والأمنية والاقتصادية والمجتمعية والثقافية لدول التغيير العربية .. كما شهدت تلك الدول بداية من ذلك العام صراعات داخلية وحروبا نجم عنها تدفق الملايين من اللاجئين والنازحين داخليا وخارجيا.. ونحن نتابع كل يوم الأخبار عن تدفق أعداد منهم إلى دول العالم كلها تقريبا عبر المنافذ البحرية والبرية المتاحة أمامهم حاملين معهم الأمل في حياة آمنة ومستقرة لهم ولأولادهم وهذا ما يجعلنا نشعر بأهمية موضوع مؤتمرنا هذا عن كيفية بناء الدولة بعد انتهاء الصراعات وحيويته".

واوضح إن مفهوم - بناء الدولة - بعد انتهاء الصراعات يعني بناء السلام الدائم وإرساء الأسس اللازمة لذلك من خلال اتخاذ إجراءات متكاملة ومنسقة تهدف إلى معالجة الأسباب الكامنة وراء العنف سواء كانت تلك الأسباب سياسية أو قانونية أو مؤسسية أوعسكرية أو إنسانية أو تتصل بحقوق الإنسان أو غيرها من الأسباب البيئية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والديموجرافية.

وقال "يمكن أن ينظر إلى بناء السلام بعد انتهاء الصراع على أنه استراتيجية طويلة الأجل لمنع نشوب الصراعات واندلاعها.. ولأن أسباب الصراعات تتباين فإنه يجب وضع إجراءات وسياسات تتناسب مع طبيعة دول المنطقة وما شهدته من تغيرات كبيرة لتحقيق الاستقرار في المنطقة وعدم السماح بعودتها إلى خضم الصراعات والاضطرابات مجددا فكما تؤكد تقارير منظمة الأمم المتحدة في هذا المجال ليس هناك نموذج موحد لبناء السلام في الدول بعد انتهاء الصراعات حيث تتميز كل منطقة بوجود خصائص معينة تختلف عن غيرها".

وأضاف يخضع بناء الدولة بعد انتهاء الصراعات الداخلية لمجموعة من الخطوط الاسترشادية والمعايير تتمثل فيما يلي ..تعزيز الاستقرار الاجتماعي بالعمل على عودة اللاجئين والنازحين والمهجرين إلى ديارهم والعمل على استعادة قدرة مؤسسات الدولة على حفظ النظام العام وإرساء الأمن والعمل على تعزيز حكم القانون واحترام حقوق الإنسان وكذلك دعم عودة المؤسسات السياسية الشرعية في الدولة هذا بالإضافه الى ارساء الأسس اللازمة لإطلاق عملية التنمية مثل تشجيع النمو الاقتصادي وإعادة إيجاد الأسواق والتنمية المستدامة.

وقال " ونحن نبحث هذا الموضوع المهم ينبغي ألا ننسى الاستفادة من الدروس والتجارب الإنسانية السابقة وذلك للبناء عليها والاستفادة منها فعلى سبيل المثال مر القسم الشرقي من القارة الأوروبية بتجربة في التغيير في مطلع التسعينيات من القرن الماضي استدعت التعامل مع سلسلة من المفاهيم المرتبطة بتحقيق السلم الدولي نظريا وعمليا مثل: فرض السلام وحفظه وإنهاء الصراعات والدبلوماسية الوقائية وإعادة تأهيل المجتمعات وغيرها من المفاهيم".

وأكد ان تلك التجارب والخبرات السابقة أثبتت أهمية تعاون الأطراف المحلية والإقليمية والدولية كافة من أجل إنجاح خطط بناء الدول في أعقاب الصراعات الداخلية وهو ما نتطلع إلى حدوثه في حالة دول التغيير العربية.

وأشار لقد أسهمت دولة الإمارات العربية المتحدة مع باقي الدول الأعضاء في مجلس التعاون لدول الخليج العربية في تقديم العون بأشكاله المختلفة المالية والعينية والطبية وغيرها إلى اللاجئين والنازحين في دول التغيير العربي سواء في بلدانهم أو خارجها إيمانا منها بدورها في تخفيف تلك المعاناة الإنسانية عنهم وحرصا على أن تكون جزءا من الحل وليس من المشكلة.

وقال مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية " إننا نتطلع إلى الاستماع إلى آرائكم ومساهماتكم ومناقشات الخبراء والأساتذة المشاركين في المؤتمر للخروج بأفضل النتائج والتوصيات في هذا الموضوع المهم مجددا الترحيب بالحضور في جلسات المؤتمر وأعماله " .

واستطرد معاليه في الحديث عن التحديات التي واجهت بناء الدولة العربية منذ الاستقلال في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي ..

مشيرا إلى أن المشهد العربي الراهن يواجه العديد من التحديات على المستويات المختلفة وهذا ما تجسده دول التغيير العربية التي انعكست أوضاعها على دول عربية أخرى حتى أضحت الأوضاع السياسية في المنطقة شديدة التوتر وتفتح الباب على كل الاحتمالات.

وأشار معاليه إلى أن ثورات الربيع العربي جاءت على حين غفلة ككل شيء في عالمنا العربي وهذه الثورات سواء سماها بعضهم ثورات الربيع العربي أو ثورات الخريف العربي لم تأت من فراغ وبالتأكيد لن تنتهي إلى فراغ كما يظن بعضهم .

وأضاف أن هذه الثورات ولدت من رحم المعاناة التي استمرت منذ 50 عاما يكابد فيها المواطن في هذه الدول شتى أنواع الصعوبات وتوقع ألا تنتهي تلك الثورات إلى الفراغ أيضا لأنها قد خلقت أوضاعا وديناميكيات ستبقى آثارها لفترة طويلة من الزمن.

وألقى معاليه الضوء على أسباب فشل محاولات البناء السابقة في بعض الدول العربية وأهمها ما يلي: أولا .. العجز عن التوفيق من الناحية الفكرية بين الانتماء الوطني والانتماء القومي والديني وهو ما أدى إلى استدراج العداء بين هذه المفاهيم التي تكسرت عليها محاولات البناء.

ثانيا .. الاختلافات الثقافية فمنظومة القيم الثقافية التي تسود الغالبية الكبرى من المجتمعات في تلك البلدان هي قيم مشوهة وبعيدة عن المفاهيم العقلانية الضرورية لبناء دولة في مجتمع حديث ومتطور.

ثالثا .. الفشل الإداري إذ لا يمكن لأي مشروع أو بناء أن ينجح من دون وجود نظام إداري. والغائب الأكبر عن الساحة العربية كان الفكر الإداري القادر على إيجاد حلول للمشكلات وتعريف الموارد ..رابعا ..الفساد السياسي والمالي وهو أحد المظاهر التي صبغت غالبية الأنظمة السياسية في تلك المجتمعات وانتقلت أحيانا إلى فئات المجتمع وأصبح هناك خلط بين السلطة والثروة باعتبار السلطة أقرب طريق للوصول إلى الثروة.. خامسا ..

غياب القانون وضياع الحقوق والواجبات.. واختتم معاليه أسباب فشل محاولات البناء السابقة في بعض الدول إلى التداخل بين السياسة والدين الذي كان له الدور الأكبر في إفشال الكثير من التجارب السياسية العربية في بناء الدولة الحديثة.

وأكد معاليه أنه من أجل بناء الدولة فيما بعد انتهاء الصراعات الداخلية لا بد من الإعداد لتجاوز هذه الأسباب الصعبة وهذا يتطلب جهودا مكثفة من السياسيين أولا والمثقفين والمفكرين لوضع برنامج عمل وطني ودستور يضم تحت جناحيه جميع فئات المجتمع من دون تمييز أو تفرقة ويتطلب ذلك العمل على تغيير بعض المفاهيم الثقافية السائدة وخاصة فيما يتعلق منها بالقيم الاجتماعية والعلاقة بين الحاكم والمحكوم.

وأشار معاليه إلى أن هناك تجارب ناجحة في بناء الدولة إذا ما توافرت النيات الصادقة ودولة الإمارات العربية المتحدة مثال حي على ذلك.

وأوضح أن دولة الإمارات العربية المتحدة كغيرها من الدول قامت بعد مفاوضات عسيرة بين دول الاتحاد التساعي استمرت منذ عام 1968 إلى الاتحاد السباعي الذي أعلن ولادة الدولة في عام 1971.. منوها إلى أنها كغيرها من الدول في المنطقة واجهت التحديات نفسها سواء الداخلية منها أو الخارجية من شكوك حول مستقبل الاتحاد الى الخلافات الحدودية مع الجيران إلى تحديات التنمية الاقتصادية والتعليم والصحة وحتى مشكلة الكهرباء والماء.

وذكر معاليه أن الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان -رحمه الله- عمل على تعزيز مفهوم الوحدة بين الحكام أولا وبين الحكام والشعب على أساس مصلحة الوحدة وهذه قاعدة الانطلاق الرئيسية التي استخدمها في بناء الدولة وإن الدولة للجميع ليس هناك فرق بين مواطن وآخر وإن خير الوطن للمواطنين وقد تم تسخير المال العام لخدمة مشروعات البنية التحتية من طرق ومدارس ومستشفيات... إلخ .

وأكد أن الشيخ زايد - رحمه الله - كان يؤمن بأن التنمية الاقتصادية والتوزيع العادل للثروة هما أساس الاستقرار السياسي والاجتماعي ولذلك تم بناء المؤسسات الاتحادية على أساس غير إقليمي وهذا ما خلق بيئة انصهار بين مختلف أبناء دولة الإمارات العربية المتحدة في مجالات العمل والعيش المشترك وأهم من هذا أو ذاك في بناء الدولة الجديدة.

وأضاف معاليه أن باب التشاور السياسي الذي اعتمده الشيخ زايد في مجلسه الذي يحضره الجميع من مسؤولين في الحكومة أو رجال أعمال أو ضيوف وأعيان وموظفين كان يعطيهم المجال لإبداء آرائهم في مختلف الشؤون ذات الاهتمام العام فكان عاملا مهما في إنجاح هذه التجربة .. كما أنه - رحمه الله - استخدم عنصر التدرج في نقل صلاحيات السلطات المحلية إلى السلطات الاتحادية وهذا ما ساعد على الاندماج التدريجي بسلاسة وعن طريق الإقناع والعلاقات الطيبة.

وأكد معاليه أن الآباء المؤسسين وعلى رأسهم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم أرسوا مجموعة من القيم والمفاهيم التي تعززت وتجذرت مع مرور الوقت وقادت إلى هذه العلاقات التي نراها اليوم في مجتمعنا وهي علاقات تتصف بالثقة والاحترام بين الحاكم والمحكوم وهذه الثقة هي الأساس لكل بناء سياسي واقتصادي وقد انتقلت تلك القيم والمفاهيم إلى أبناء المؤسسين وعلى رأسهم صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة / حفظه الله / وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي / رعاه الله / وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة وإخوانهم أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات.

وختم معاليه قائلا إن التقدم والاستقرار والنمو والرخاء والسلام الاجتماعي التي تتمتع بها دولة الإمارات العربية المتحدة اليوم والأخذ بروح العصر هي نتيجة طبيعية لذلك البناء السياسي الضاربة جذوره في الأرض.. ولذلك فإن الدول التي تريد الأخذ بأسباب النجاح يمكنها دراسة التجربة الإماراتية في بناء الدولة.

وعقب انتهاء الكلمتين الرئيسيتين للمؤتمر بدأت أعمال الجلسة الأولى التي عقدت بعنوان "العالم العربي في مرحلة انتقال" وتولى رئاستها الدكتور طارق أحمد الهيدان مساعد وزير الخارجية لشؤون المنظمات الدولية في دولة الإمارات العربية المتحدة .

وعرض الدكتور أغسطس ريتشارد نورتون أستاذ العلاقات الدولية والأنثروبولوجيا في جامعة "بوسطن" الأمريكية في ورقته البحثية طبيعة الصراعات الداخلية الجارية في المنطقة العربية وتداعياتها المحتملة على الصعد كافة.

واستهل الدكتور بهجت قرني أستاذ العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي في الجامعة الأمريكية بالقاهرة عرض ورقته البحثية التي أعدها بعنوان "الاقتصاد السياسي وبناء الدولة الوطنية العربية" بالتمييز بين مفهومي بناء الأمة وبناء الدولة .

وقال إن الفكرة الرئيسية تتمثل في أنه إذا كانت التحديات المتعلقة ببناء الأمة شائعة في القرن الحادي والعشرين حتى في البلدان المتقدمة أو ما يسمى - العالم الأول - فإن الفرق بينها وبين دول العالم الثالث يكمن في مدى القدرة على بناء الدولة أو فاعلية ذلك .

واستعرض قرني التطورات التي تكشفت في البلدان التي خضعت مؤخرا لفترة التحول الملحوظ في أعقاب ما سمي "الربيع العربي" .. مشيرا إلى أن الأدلة التاريخية تشير إلى أن اندلاع - الثورات - و -الانتفاضات الشعبية - وفترة عدم الاستقرار التي تتبعها لا محالة تمثل في بعض الأوقات فترة انتقالية على الطريق نحو الديمقراطية.. حيث حلل هذه الأطروحة من منظور إقليمي ينطبق على واقع المنطقة.

وركزت الدكتورة مريم سلطان لوتاه أستاذ العلوم السياسية المشارك في جامعة الإمارات العربية المتحدة في ورقتها البحثية التي أعدتها بعنوان "إعادة تشكيل العلاقات الدولية في المنطقة وصعود مجلس التعاون لدول الخليج العربية" على تحليل تداعيات الأحداث التي شهدتها ولا زالت تشهدها بعض دول المنطقة العربية منذ نوفمبر 2010 وعلى الدور الذي قامت به دول الخليج العربية تجاه هذه الأحداث وذلك من خلال أربعة محاور أساسية ..

حيث تناول المحور الأول منها الحراك الشعبي العربي وخريطة التحالفات في المنطقة .. فيما سلط المحور الثاني الضوء على القوى الإقليمية وموقفها من الحراك الشعبي العربي .. وناقش المحور الثالث السياسات الدولية تجاه المنطقة في ظل الحراك الشعبي العربي فيما أبرز المحور الرابع والأخير دور دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تجاه تلك الأحداث ذلك الدور الذي مثل صعودا خليجيا عربيا يمكن أن يسهم في تشكيل العلاقات الإقليمية والدولية تجاه المنطقة بحيث تكون إرادة دول الخليج شريكا أساسيا في صناعة المستقبل السياسي للمنطقة.

ثم عقدت الجلسة الثانية بعنوان "بناء الدولة الوطنية في العالم العربي: دور المواطنة والعدالة الاجتماعية وسيادة القانون" وتولى رئاستها الأستاذ محمد الحمادي رئيس تحرير جريدة الاتحاد .

واستهل الجلسة الثانية الدكتور عبدالحميد الأنصاري أستاذ السياسة الشرعية العميد السابق لكلية الشريعة في جامعة قطر بعرض ورقته البحثية التي أعدها بعنوان "إعادة كتابة العقد الاجتماعي في المنطقة العربية" حيث أكد فيها أن المنطقة بحاجة ضرورية إلى كتابة عقد اجتماعي جديد بين المواطنين والحكام.

وأشار الأنصاري إلى أن الحديث عن إعادة كتابة العقد الاجتماعي في المنطقة يتطلب قراءة تحليلية للتغييرات الناتجة مما سميت "ثورات الربيع العربي" التي عصفت بأوضاع المنطقة وأصابتها بتصدعات جسيمة وكان من تداعياتها الخطرة على مستقبل الدولة الوطنية إفساح المجال لميليشيات متطرفة وتنظيمات عقائدية قوضت الأسس المدنية التي قامت عليها هذه الدول وفككت أركانها وغيرت هويتها وهدمت مؤسساتها ما أدى إلى سقوط العقد الاجتماعي الذي كان قائما بين الحاكم والمحكوم.

ولفت العميد السابق لكلية الشريعة في جامعة قطر إلى أن ما سميت "ثورات الربيع العربي" هي رد فعل على الأوضاع المتردية التي خلفتها ستة عقود من حكم الثوار العسكريين الذين انقلبوا على الملكيات الحاكمة وأسقطوا العقد الاجتماعي القائم لمصلحة عقد جديد وعدوا فيه الجماهير بتحرير فلسطين وتحقيق الوحدة وإقامة الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وتحقيق التنمية وتوفير المعيشة الكريمة لكن اكتشاف الشعوب أن تلك الوعود كافة لم يتحقق منها شيء أفقدهم الثقة بالأنظمة القائمة ودفعهم إلى الخروج للمطالبة بالتغيير وإسقاط النظام القائم وعقده الاجتماعي لتأتي تنظيمات عقائدية تحكم الشأن العام وتديره وفق عقد اجتماعي جديد اكتشفت الشعوب زيفه وكانت صدمتها في الحكام الجدد كبيرة بعدما فقدت أمنها واستقرارها وتعرض وجودها لمخاطر جسيمة فهبت مرة أخرى في أكبر خروج بشري عرفه التاريخ لإنقاذ أوطانها واستردادها من هذه التنظيمات العقائدية مطالبة بعقد اجتماعي جديد.

وقدم الدكتور عبدالله السيد ولد أباه أستاذ الفلسفة والدراسات في جامعة نواكشوط ورقته البحثية التي جاءت بعنوان "المواطنة والهوية الوطنية والدولة الوطنية الحديثة" وأوضح خلالها رصد الإشكاليات التي تطرحها الأحداث الداخلية والإقليمية الأخيرة على الدولة الوطنية في بعدين أساسيين هما بعد الهوية الوطنية وبعد المواطنة .. مشيرا إلى أن البعد الأول يحيل إلى عناصر الوعي والذاتية الثقافية والقيمية أما البعد الثاني فيحيل إلى مقومات العمل السياسي الجماعي المنظم.

وذكر ولد أباه أن نموذج الدولة الوطنية الذي برز في سياق الهندسة السياسية الحديثة للمجال الإقليمي العربي "في حركيته الداخلية ومتعلقاته الدولية" هو الذي بلور مفهوم الهوية الوطنية كأفق للمواطنة وتعبير عن الخصوصية المجتمعية وقد اصطدم هذا المفهوم الجديد للمواطنة منذ بدايته بإشكالين كبيرين يتعلق أولهما بطبيعة وتركيبة المجموعة السياسية التي تتأسس عليها الشرعية القانونية والمدنية في علاقتها بدوائر الهوية الثقافية والقومية والدينية التي لا تتلاءم ضرورة مع محددات الهوية السياسية بمفهومها الوطني الضيق ويتعلق ثانيهما بطبيعة نموذج "الحكامة السياسية" في آليات ونظم تدبيره للسلطة وتسييره للمجتمع وضبطه للحقل السياسي.

ونبه ولد أباه إلى الفرق النوعي بين البلدان التي تشكلت فيها هويات وطنية لأسباب تاريخية واجتماعية والبلدان التي ظلت فيها هذه الهوية ملتبسة ومتداخلة مع أنماط متعددة منافسة من الهويات ودوائر للانتماء العضوي .

وذكر أنه يمكن النظر إلى أزمات العالم العربي الراهنة التي أعادت فتح باب الهندسة السياسية للدولة العربية من منظور لا بد أن يراعي متغيرات العلاقة الثلاثية بين الإقليم والسيادة والشرعية .. مشيرا إلى أن ورقته تستهدف استشراف بعض جوانب هذه الهندسة السياسية المطروحة بقوة في السياق الاستراتيجي العربي الراهن.

واختتم الدكتور وليم فاريل مستشار أول للمشروعات الخاصة في منظمة "ميرسي كور" الأمريكية الجلسة بعرض ورقته البحثية التي أعدها بعنوان "الجهات الفاعلة من غير الدول: المنظمات غير الحكومية الدولية ومسار تأمين المجتمعات الإنتاجية والعادلة" .

وقال إن العالم لا يزال يواجه تحديا دائما مرتبطا بواقع أنه على الرغم من أن مؤشرات التقدم البشري تشير إلى تحسينات عالمية واسعة فإن البيانات التراكمية المفصلة للغاية على مستوى البلدان تكشف عن تنمية غير متوازنة بشكل كبير.. مشيرا إلى أن هذا الواقع يتضح تحديدا فيما يتعلق بمستنقع عدم الاستقرار وضعف الحكم والفقر المتركز في بعض الدول العربية.

وأشار فاريل إلى أنه إضافة إلى ما يهدد تماسك الدولة من خلال الانقسامات التاريخية والعرقية أو الدينية هناك مجموعة أخرى متنوعة من المظالم تهدد باستقطاب السكان وإدامة الصراعات الأهلية ودعم الجهات الفاعلة العنيفة من غير الدول .. منوها إلى أنه لا يمكن بناء أو إعادة بناء دول مرنة دائمة على أرض غير مستقرة ما لم تعالج فيها مختلف التحديات "الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية" من خلال استراتيجيات شاملة.وام



شريط الأخبار الإمارات تسير طائرتها الإغاثية الـ 238 بحمولة 90 طنا لدعم سكان غزة تعرف على افضل الأماكن السياحية في راس الخيمة تعرف على افضل فنادق الفجيرة .. لـ تجربة استجمام فريدة بعيداً عن الصخب تحفة الامارات وعاصمة الفخامة .. أبو ظبي حيث تلتقي التقاليد بـ الحداثة جميـرا .. ايقـونـة الجمـال والاناقـة في قـلب دبي الشارقة .. حـديقة مملكة اللآلئ المائية وجزيرة الأساطير مغامـرات تستحق التجربة تعرف على أجمل الأماكن السياحية في دبي للأطفال أفضـل مطـاعم عـائلية في دبي .. ننصحـك بِـ تجربتهـا متع اطفالك بـ لعبة الرغوة المائية في حديقة مملكة اللؤلؤ في الشارقة استكشف لعبة الغواصة المائية في جزيرة الأساطير بـ الشارقة لاتفـوت فرصة الاستمتاع بالعروض الخيالية لـ نافـورة الشارقـة إرث الداو في عجمـان .. رحلـة عبـر التاريخ والحرفيـة البحريـة الى العالميـة هـايكنـج عجمـان .. وجهـة المغـامرين بين جبـال مصـفـوت والمنامـة استمتـع بجمال وسحـر مرسى عجمـان .. وجهتـك الأمثـل للترفيـه والإسترخـاء عـلى الواجهـة البحريـة أسـرار الرفاهيـة في عجمـان .. استمتـع بـ جمـال شواطئـها وفخـامة منتجعاتهـا