السفير البريطاني: علاقاتنا مع الإمارات «متينة»

-وصف فيليب بارهام السفير البريطاني لدى الدولة، العلاقات بين بلاده ودولة الإمارات العربية المتحدة، بـ«المتينة»، وتزداد قوة، مشيراً في حوار مع «الاتحاد» إلى أن المجلس الاقتصادي «البريطاني - الإماراتي» اتفق على زيادة حجم التجارة بين البلدين، إلى 120 مليار درهم بحلول 2020، لافتاً إلى أن نحو 5000 شركة بريطانية تعمل في مجال الأعمال بدولة الإمارات، فيما بلغ عدد الإماراتيين الذين زاروا بريطانيا خلال الربع الأول من العام الجاري 77 ألف إماراتي، وهو العدد الأكبر على الإطلاق.

وقال «أمن الإمارات هو أمن المملكة المتحدة، والتزامنا تجاه المنطقة حاضر من فترة طويلة ويتجسد في قيام البحرية الملكية بدوريات متعددة القدرة في الخليج، لأكثر من 35 عاماً»، مؤكداً أن المملكة المتحدة والإمارات العربية المتحدة معاً في التحالف ضد «داعش»، كما أن المملكة المتحدة والإمارات العربية المتحدة، تعملان جنباً إلى جنب مع الولايات المتحدة، الرئيس المشارك في فريق عمل الاتصالات الاستراتيجي للتحالف، لافتاً إلى تعاون البلدين في مجالات الأمن والسياسة والمساهمات الإنسانية. وقال «بريطانيا والإمارات من الشركاء الاستراتيجيين، وهناك علاقات قوية ومتينة وتتسم بالديناميكية سواء في الماضي أو الحاضر، ونحن نعمل معاً في إطار المصالح والاهتمامات المشتركة بين البلدين، وذلك يضم مواجهة التحديات السياسية والأمنية التي تواجه العالم الآن، علاوة على تنامي العلاقات التجارية، وفي مجالات الطاقة والدفاع والقانون والصحة والتعليم».

حوار - أحمد عبدالعزيز


وقال السفير البريطاني أن المملكة المتحدة ودولة الإمارات لديهما علاقات تاريخية فريدة ومتميزة وجسدتها الزيارة الرسمية لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات إلى لندن في عام 2013، والتي كانت على قدر كبير من الأهمية لتقوية الصداقة بين البلدين إلى أعلى المستويات،
كما أن الزيارة جاءت تالية على زيارة الملكة إليزابيث للإمارات في عام 2010، والتي شهدت حفاوة في الاستقبال التي لاقتها جلالتها ودوق إدنبره، ما يؤكد معاهدة الصداقة التي بدأت في عام 1971، والتي تعد العامل الرئيس في العلاقة بين البلدين.

التجارة البينية

وأوضح السفير البريطاني، أن بلاده لديها علاقات قوية مع الإمارات في مجالي الاستثمار والتجارة، حيث بلغ حجم التجارة البينية 13 مليار جنيه استرليني (62.3 مليار درهم)، مشيراً إلى أن المجلس الاقتصادي البريطاني - الإماراتي اتفق على استهداف زيادة حجم التجارة إلى 25 مليار استرليني (120 مليار درهم) بحلول 2020، لافتاً إلى أن نحو 5000 شركة بريطانية تعمل في مجال الأعمال بدولة الإمارات.

وقال «يعيش في الإمارات أكثر من 100 ألف بريطاني من إجمالي 160 ألفاً من مواطنينا في منطقة الخليج، علاوة على أن هناك أكثر من 200 رحلة طيران أسبوعية بين البلدين ما يشير إلى حجم السياحة الكبير، والذي يزيد على 1.5 مليون زائر بريطاني للإمارات، وفي الربع الأول من العام الجاري بلغ عدد الإماراتيين الذين زاروا بريطانيا 77 ألف شخص، ويعد الرقم الأكبر على الإطلاق خلال ثلاثة أشهر.


5000 شركة
وأضاف «لدينا نحو 5000 شركة بريطانية تعمل في الإمارات وجاءت إلى هنا حيث التنوع والديناميكية التي يشهدها اقتصاد الإمارات ودورها الإقليمي والطفرة التي حققتها في التجارة والسياحة والسفر والإمداد اللوجيستي والمعارض والمؤتمرات، كما أن بريطانيا مرتبطة مع الإمارات للاستمرار في تنمية الفرص في مجالات الطاقة والنقل والتجزئة والصناعات المبتكرة والرعاية الصحية والتعليم والمقاولات من خلال سوق أبوظبي العالمي وإكسبو دبي 2020».

وأكد أن دولة الإمارات العربية المتحدة شريك استثماري مهم في المملكة المتحدة، ونحن نعمل باستمرار لتعزيز تلك السندات، كما أن هناك واحدة من الطرق لتفعيل ذلك من خلال وجود فريق متخصص لتسهيل الاستثمارات الإماراتية في المملكة المتحدة من خلال دعم وتوجيه المستثمرين في كل خطوة على الطريق، وهذا العمل بطبيعة الحال يبني على معاهدة الاستثمار الثنائية التي تم توقيعها من قبل المملكة المتحدة والإمارات العربية المتحدة في عام 1992، وهو ما يعزز الاستثمار، ويحمي حقوق المستثمرين.

ولفت إلى أن المملكة المتحدة نجحت في جذب خُمس الاستثمار المباشر لأوروبا، وذلك في وقت سجل فيه معدل الاستثمار العالمي انخفاضاً قدره 50٪ في عام 2014، لأن الاقتصاد البريطاني يعد الأكثر مواءمة للأعمال، كما قمنا بخفض الضرائب على الشركات بمعدل 20٪، وهو المعدل الأقل في دول مجموعة السبعة، ويجري الآن التخطيط لمزيد من التخفيض في الضرائب لتصل إلى 19٪ بحلول عام 2017، ومزيد من الخفض في 2020 لتصل إلى 17٪.

استثمارات البلدين

وعلى صعيد الاستثمار الحكومي بين بريطانيا ودولة الإمارات، قال «الإمارات مستثمر رئيسي في المملكة المتحدة، وتشمل الاستثمارات الرئيسة، لشركة «مصدر» بنحو مليار جنيه استرليني (4.8 مليار درهم) في مزارع الرياح، واستثمارات شركة «طاقة» بقيمة 4 مليارات استرليني (19.2 مليار درهم) في مجال التنقيب وإنتاج النفط في بحر الشمال، علاوة على استثمارات «موانئ دبي العالمية» بقيمة 1.5 مليار استرليني (7.2 مليار درهم) في لندن جيت واي، والتي تعد حالياً أكبر استثمار أجنبي في البنية التحتية في المملكة المتحدة؛ ومشروع مشترك بين مجلس مدينة مانشستر وأبوظبي المجموعة المتحدة، لبناء أكثر من 6000 وحدة سكنية جديدة في مانشستر.

وأضاف أن مركز أبوظبي الوطني للمعارض يملك مركز المعارض «إكسل» في لندن، والاتحاد للطيران لديها مركز الاتصال الرئيسي في مانشستر، كما توجد استثمارات إماراتية أخرى في المملكة المتحدة وتغطي مجموعة واسعة من قطاعات الرعاية الصحية، والتكنولوجيا، والعقارات، والمأكولات والمشروبات، والتمويل.

اللجنة الاقتصادية

وعن اللجنة الاقتصادية المشتركة، قال: «إن آخر لقاء كان في لندن في أكتوبر عام 2015، واتفق على عقد الاجتماع القادم في دولة الإمارات العربية المتحدة في عام 2017، وأقرت اللجنة العمل المتواصل لمجلس الأعمال الإماراتي - البريطاني وهدفه الطموح الجديد لزيادة حجم التجارة الثنائية إلى 25 مليار استرليني (120 مليار درهم) سنوياً بحلول عام 2020»، مشيراً إلى أن اللجنة الاقتصادية المشتركة وافقت على الحصول على تقرير من اللجنة المشتركة، واستعراض التقدم المحرز في هذا الهدف في اجتماعهم المقبل، وسوف تجتمع اللجنة بالعاصمة البريطانية لندن في 29 من سبتمبر العام الجاري، وسوف يركز على التقدم في إكسبو 2020، والمدن الذكية ومؤتمر ومعرض قادة الأعمال «يو كيه نورثرن» ومشروع منطقة ميدلاند في مجال السياحة.

التعاون العسكري

وأفاد السفير البريطاني لدى الدولة، بأن المملكة المتحدة التي تلتزم بإنفاق 2٪ من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع، والتي تعد أكبر ميزانية عسكرية في الاتحاد الأوروبي، وثاني أكبر سوق في حلف شمال الأطلسي وخامس أكبر اقتصاد في العالم، تلعب دوراً قيادياً في مكافحة التحديات الأمنية العالمية - في كثير من الأحيان جنباً إلى جنب مع دولة الإمارات العربية المتحدة.

وأضاف «لدينا تعاوناً قوياً بين الإمارات ووكالات إنفاذ القانون في بريطانيا، وأدى ذلك إلى مصادرة ملايين الدولارات نتجت عن المخدرات، واعتقال ومحاكمة المجرمين، واسترداد العائدات المالية للجريمة، ومنع المئات من الأفراد من السفر بطريقة غير شرعية إلى المملكة المتحدة عبر مطارات دولة الإمارات العربية المتحدة».

وقال: التعاون الإنساني جزء أساسي من ردنا على التحديات العالمية، حيث تفخر المملكة المتحدة بأنها الشريك الأول لدولة الإمارات في إنشاء المدينة العالمية للخدمات الإنسانية، وقد التزمت المملكة المتحدة حتى الآن بأكثر من ثلاثة مليارات دولار لمساعدة السوريين الذين أجبروا على ترك منازلهم، وساهمت دولة الإمارات العربية المتحدة أكثر من أي بلد آخر لمساعدة اللاجئين السوريين، لافتاً إلى أن المملكة المتحدة ثاني أكبر مساهم في تقديم المساعدات للفلسطينيين من خلال وكالة التشغيل والإغاثة التابعة للأمم المتحدة.

التعليم والثقافة

وحول الطلبة الإماراتيين الدارسين في المملكة المتحدة، قال: هناك أكثر من 3500 طالب وطالبة من دولة الإمارات العربية المتحدة يدرسون حالياً في بريطانيا، لافتاً إلى وجود إقبال على الدراسة في المؤسسات التعليمية البريطانية، الموجودة في الإمارات، والتي يبلغ عددها الآن عشرة فروع لمؤسسات تعليم عال بريطانية ومكاتب تمثيلية لها في الإمارات العربية المتحدة.

وقال: نعمل بشكل وثيق مع السلطات التعليمية الإماراتية والشركاء لجلب المؤسسات التعليمية بالمملكة المتحدة الجديدة لدولة الإمارات، وتسهيل الشراكات الأكاديمية.

وقال: بدأ التعاون في مجال التعليم بين الإمارات العربية المتحدة والمملكة المتحدة منذ فترة طويلة، ونود تقوية هذه الشراكة ودعم دولة الإمارات العربية المتحدة لتصبح محور التعليم في منطقة الشرق الأوسط، ونحن حريصون على تعزيز التعاون في مجالات البحث والابتكار أيضاً، ومن الأمثلة الجيدة على ذلك توقيع مذكرة تفاهم في مايو الماضي بين جامعة «ساوث ويلز» ومؤسسة «مدينة دبي للطيران»، وهذا يعد تطوراً يثير الاهتمام كما تهدف «دبي ساوث» لتصبح مركزاً لصيانة الطائرات والإصلاح والفحص، وتهدف الخطة إلى إنشاء أكاديمية طيران تركز على أن تقدم وكالة سلامة الطيران الأوروبية دورات التدريب ومؤهل دراسي في هندسة الطيران وإدارة الطيران.

الإعفاء الإلكتروني

عن حركة السفر بين الإمارات وبريطانيا، قال السفير البريطاني: وفقاً للمسح الدولي للمسافرين (آي بي إس) فإن البيانات المقدمة من مكتب المملكة المتحدة للإحصاءات الوطنية، كان هناك 347 ألف زائر إلى المملكة المتحدة من دولة الإمارات العربية المتحدة في عام 2015. وتشير أحدث الأرقام من المسح الدولي إلى أن 77 ألف زائر من دولة الإمارات العربية المتحدة وصل في المملكة المتحدة بين يناير ومارس من العام الجاري - وهو رقم قياسي للربع الأول من العام».

وأضاف «استخدام أكثر من 63 ألفا من المواطنين الإماراتيين الإعفاء الإلكتروني من تأشيرة الدخول في السنة المالية المنتهية في مارس 2016، بزيادة 36٪ عن العام السابق»، مشيراً إلى أن تم تقديم نسخة جديدة ومحسنة من نظام الإعفاء الإلكتروني في دولة الإمارات العربية المتحدة، في مايو الماضي، وعلى عكس النسخة الأولى من النظام، التي كانت تعتمد على إدخال الركاب المعلومات الشخصية تماماً كما يظهر في جواز السفر، إلا أن الشكل الجديد من طلب الإعفاء الإلكتروني يطلب من الركاب تحميل نسخة من جواز سفر لصفحة البيانات البيومترية الخاصة بهم بحيث يمكن التحقق للتأكد من دقتها قبل السفر، وهذا يعني أنه تم تفادي الغالبية العظمى من أخطاء الإدخال والحد بشكل كبير من المشكلات عند الصعود للطائرة أو دخول المملكة المتحدة بسبب أخطاء إدخال البيانات التي كانت تحدث في السابق، ويتميز النظام المنقح أيضاً الأسئلة باللغتين الإنجليزية والعربية، مما يجعل من الأسهل بالنسبة للمستخدمين في دولة الإمارات العربية المتحدة.

وقال: أصبح من الممكن تقديم طلب للحصول على تأشيرات دخول متعددة للمملكة المتحدة، مع صلاحية تصل إلى 10 سنوات، باستخدام خدمة تأشيرة الأولوية القصوى، وهذه يمكن الحصول عليها في نفس اليوم.

ما بعد الاتحاد الأوروبي

أوضح فيليب بارهام أن إجراءات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بعد التصويت التاريخي الذي تم منتصف العام الجاري، تستغرق عامين كاملين، ويخطط متخذو القرار بالمملكة المتحدة للتوسع بتجاراتها واستثماراتها في مختلف أنحاء العالم، ولا سيما دول الخليج العربي، وخاصة دولة الإمارات. وأضاف «النقطة التي أود التركيز عليها هي أنه منذ تم التصويت على الانفصال عن الاتحاد الأوروبي، حيث أعلن رئيس الوزراء أن الانفصال يعني الخروج من الاتحاد الأوروبي، إلا أننا لم نغادر الاتحاد بعد حتى يتم الانفصال بشكل رسمي، لا زالت المملكة المتحدة عضو كامل العضوية ولا زلنا نضطلع بالتزاماتنا ونتمتع بحقوقنا باعتبارنا عضو في الاتحاد»، مشيراً إلى أنه عند الخروج من الاتحاد الأوروبي سيكون لدينا الحرية في وضع إطارات ثنائية بين بريطانيا والشركاء، ويتضمن ذلك دولة الإمارات العربية المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي. وأوضح أن المملكة المتحدة لديها تاريخ طويل في التجارة العالمية، ولن يتغير ذلك مع الخروج من الاتحاد الأوروبي، ونحن لدينا أكبر خامس اقتصاد في العالم من حيث النمو الأسرع أكثر من أي اقتصاد متقدم على مدار السنوات الثلاث الماضية، كما أن الاقتصاد البريطاني هو الأعلى في مؤشر سهولة أداء الأعمال الذي يصدره البنك الدولي. ولفت إلى أنه من أساس موقف القوة، نكمل العمل بالقرب من الشركاء الأوروبيين كذلك مع خارج الاتحاد الأوروبي وفي الوقت نفسه، نحن سنزيد تجارتنا واستثماراتنا وعلاقاتنا مع الشركاء حول العالم، بما في ذلك دولة الإمارات العربية المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي الذين يعدون على درجة عالية من الأهمية لدينا. وأفاد بأنه مما لا شك فيه أن قرار الخروج من الاتحاد الأوروبي من القرارات الكبرى التي اتخذها الشعب البريطاني مؤخراً، لافتاً إلى أن مفاوضات الانفصال سوف تستغرق عامين تقريباً، وبالتالي فإنه من الصعب التنبؤ بالتبعات والمترتبة على الخروج.

حوار مع صحيفة الإتحاد الإماراتية