د. فاطمة الصايغ
يوافق التاسع عشر من رمضان ذكرى وفاة مؤسس دولة الإمارات وراعي نهضتها المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان، طيب الله ثراه. وتخليداً لذكرى زايد وعمله الإنساني الدؤوب عمدت دولة الإمارات إلى تخليد هذا اليوم حيث أطلقت عليه «يوم زايد للعمل الإنساني».لم يكن زايد أباً لدولة الإمارات، بل للإنسانية جمعاء حيث تنضح سيرته العطرة بالمئات من الأدلة والقصص المؤثرة التي تدل على مواقف زايد الإنسانية وحبه للخير وسعيه إلى إسعاد شعبه وشعوب العالم أجمع. لقد وضع زايد اسم الإمارات على خريطة العمل الإنساني العالمي وأصبح نهجه وثيقة عمل لدولة الإمارات.
كانت وفود الدول المحتاجة تصل إلى الإمارات في كل يوم تطلب المساعدة والدعم وكانت أيادي زايد البيضاء تصلهم أينما كانوا، فقد كانت يده ممتدة إلى كافة بقاع العالم تنشر الخير والنماء وتساعد كل محتاج بغض النظر عن لونه وجنسه ودينه. كانت عقيدة الخير عند زايد لا تفرق بين شخص وآخر أو بين جنس وآخر. ولم يتوقف عمل زايد بوفاته، بل تابعت دولة الإمارات نهج زايد في نشر الخير خصوصاً في المناطق المنكوبة، والتي تحتاج إلى دعم عاجل للاستمرارية لا سيما مناطق الحروب والنزاعات. وليس هناك مثال أوضح من غزة المنكوبة والتي حوصرت وحُرم أهلها من أبسط متطلبات الغذاء والدواء.
وهنا جاءت مبادرة الإمارات ممثلة في مبادرة «الفارس الشهم» لتمد غزة ببعض احتياجاتها من الغذاء والدواء متخطية كل العوائق والصعاب. ولو كان زايد موجوداً بينا اليوم لبارك هذه المبادرة، والتي تعد استمرارية لنهجه في العطاء والمساعدة.
لم تكن سياسة العطاء والمساعدة عند زايد تتوقف عند العطاء المادي، بل تتعداها إلى العطاء الدبلوماسي والأخلاقي. فقد كان يقف دائماً إلى جانب الحق، ويحث على وقف سفك الدماء ويحرص على السلام ووقف العنف والحروب اللاأخلاقية وغير الإنسانية. فقد آمن زايد طوال حياته بأن السلام هو الطريق الوحيد لإحلال الاستقرار والتنمية المستدامة في العالم، ولهذا وقف إلى جانب الشعوب في تقرير مصيرها ودعا إلى الدبلوماسية والحوار في حل الصراعات والخلافات. ولهذا عُرف «بحكيم العرب».
على نفس النهج تسير دولة الإمارات اليوم بالسعي الدؤوب لحل النزاعات بين الدول بالحوار والدبلوماسية، وتلجأ إلى القوة الناعمة للتوسط بين الأطراف المختلفة لإحلال السلام ونشر الاستقرار في مناطق العالم كافة. فهذا هو الطريق الوحيد لجعل العالم آمناً لعيش جميع البشر وخصوصاً بالنسبة لأجيال المستقبل. وتعمد دولة الإمارات إلى التركيز على نهج زايد في التعامل بين الدول والارتقاء بالعلاقات الدولية والتركز على التنمية الاقتصادية لأنها الطريق للارتقاء بالمجتمع والطريق نحو تنمية مستدامة. كما أن التنمية البشرية هي في لب سياسية الإمارات التي تدرك أنه دون تنمية بشرية لن تكون هناك تنمية اقتصادية، وبالتالي لن يكون هناك استقرار ونماء.
لقد أصبح نهج زايد في العطاء والعمل الإنساني نهجاً خاصاً لدولة الإمارات، حيث وضع زايد الخطوط العريضة لسياسية العطاء والعمل الخيري والإنساني الذي تسير عليه الدولة إلى اليوم. لقد رسمت الإمارات لنفسها سياسة وسمت اسمها عميقاً في قائمة الدول المانحة، وجعلت لدولة الإمارات مكانة متميزة في خريطة العمل الإنساني والخيري في العالم.
إن الأبناء يسيرون اليوم على سياسة زايد في الاهتمام بالعمل الخيري والإنساني والذي يعتبر القوة الناعمة المؤثرة التي تنير درب الإمارات وتسطر اسمها في سجل المانحين وتخلد اسم زايد كأب للإنسانية جمعاء.