د. أحمد عبدالله النصيرات
لطالما كانت الإمارات منارة في مجال العمل الإنساني، حيث تتبوأ مكانة مرموقة على الساحة الدولية بفضل القيم الإنسانية التي أرسى أسسها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، والآباء المؤسسون الذين جعلوا من هذه القيم نهجاً ثابتاً لتعزيز التنمية وتحقيق السعادة للإنسانية جمعاء.وأصبح العمل الإنساني ركيزة أساسية من ركائز سياسة الإمارات الخارجية، وما زال هذا الإرث مستمراً اليوم تحت قيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، الذي لا يدّخر جهداً في سبيل دعم المبادرات الإنسانية على مستوى العالم.
وكما كان الشيخ زايد رائداً في العطاء، فإن قادة الإمارات اليوم يواصلون مسيرته الإنسانية، متمسكين بالقيم التي غرسها الآباء المؤسسون، فصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، أعطى الأولوية للعمل الإنساني على جميع الأصعدة، حيث أسهمت الإمارات في دعم المشاريع التنموية في أكثر من 180 دولة حول العالم.
وبدوره، أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، العديد من البرامج الإنسانية عبر «مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية»، حيث أسهمت هذه المؤسسة في العام الماضي وحده بإنفاق 2.2 مليار درهم لدعم العديد من البرامج الإغاثية والتعليمية والصحية التي استفاد منها 149 مليون شخص في 118 دولة.
لقد بنى الآباء المؤسسون العمل الإنساني على مبادئ راسخة من الاحترام والتضامن مع البشر جميعاً من دون النظر إلى اللون أو الدين أو العرق، فقد كانوا يؤمنون بأن العمل الإنساني هو مسؤولية أخلاقية ودينية، ولذلك فإن الإمارات كانت وما زالت رائدة في هذا المجال، فقد تميزت سياستها الخارجية بتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية لملايين البشر في مختلف أنحاء العالم، خصوصاً في أوقات الأزمات والكوارث.
وعلى سبيل المثال، قدّمت الإمارات خلال عام 2022 مساعدات خارجية بقيمة إجمالية وصلت إلى 12.67 مليار درهم، وخلال الفترة من عام 2020 إلى 2022، أبدت الدولة التزاماً راسخاً تجاه التنمية الدولية والمساعدات الإنسانية، بقيمة مساعدات خارجية تراكمية بلغت 34.20 مليار درهم، وما زالت تمضي على النهج ذاته.
وإلى جانب المبادرات الإنسانية التي تركز على التنمية المستدامة، تواصل الإمارات تقديم مساعدات إغاثية طارئة في مختلف أنحاء العالم. في كل مرة تحدث فيها أي كارثة إنسانية، تتصدر الإمارات قائمة الدول التي تقدم الدعم الأوّلي من خلال إرسال فرق طبية ومساعدات غذائية وإيوائية، فكانت سبّاقة لمساعدة المتضررين من كارثة تسونامي في عام 2004، حيث أسهمت بإرسال فرق إنقاذ وطواقم طبية وطائرات تحمل مؤناً غذائية وأدوية.
وفي السنوات الأخيرة، قدّمت مساعدات لدول شهدت كوارث كبرى، مثل سوريا وتركيا، اللتين ضربهما زلزال مدمّر في فبراير من عام 2023، كما مدّت يد العون للدول المتضررة خلال تفشي جائحة كورونا.
وعلى الصعيد الإنساني ذاته، ترسم الإمارات نموذجاً حياً في احترام التنوع الثقافي والديني، وهو ما يتجسّد في تعاملها مع مختلف الجنسيات والأديان. ففي هذه الدولة يجد كل فرد، بغض النظر عن دينه أو جنسيته أو لونه أو عرقه، الاحترام والتقدير، وينعكس ذلك في العديد من المشاريع والبرامج التي تعزز من قيم التسامح والتعايش بين جميع أفراد المجتمع.
لقد أصبح العمل الإنساني في الإمارات جزءاً لا يتجزأ من هويتها الوطنية، وهو إحدى الركائز الأساسية التي تميز الدولة عن غيرها، حيث تستند رؤية القيادة الإماراتية إلى التأكيد على أهمية الإنسان والاعتراف بحقوقه الأساسية في الحياة الكريمة، سواء أكان داخل الدولة أم خارجها.
إن نهج العطاء والإحسان يعكس صورة مشرفة للدولة على الساحة العالمية، ويستمر هذا النهج في تقوية الروابط بين الإمارات والدول الأخرى، فتقديم المساعدات الإنسانية ليس مجرد عمل يتطلب تلبية الاحتياجات، بل هو أيضاً استثمار في بناء جسور من التعاون والتضامن مع شعوب العالم.