اضطراب هرمونات الجوع والشبع

الامارات 7 - أحد أهم الاكتشافات في الدراسة كان التغير الملحوظ في مستويات الهرمونات المسؤولة عن الجوع والشبع. عند تناول الطعام في وقت متأخر، لاحظ الباحثون انخفاضًا في مستوى هرمون الليبتين، وهو الهرمون المسؤول عن إرسال إشارات الشبع إلى الدماغ، مما يعني أن الجسم لم يشعر بالامتلاء بسرعة. في المقابل، ارتفع مستوى هرمون الجريلين، الذي يحفز الشعور بالجوع، مما دفع المشاركين إلى استهلاك المزيد من الطعام دون حاجة فعلية. هذا التغيير في التوازن الهرموني يمكن أن يؤدي إلى الإفراط في تناول الطعام بمرور الوقت، مما يزيد من خطر زيادة الوزن.

تباطؤ معدل الأيض أثناء الليل
وجدت الدراسة أيضًا أن الأشخاص الذين تناولوا الطعام في وقت متأخر من اليوم كانوا أقل قدرة على حرق السعرات الحرارية مقارنةً بأولئك الذين تناولوا وجباتهم في وقت مبكر. هذا الانخفاض في معدل الأيض يعني أن الجسم لم يستهلك الطاقة بكفاءة، بل قام بتخزينها على شكل دهون، مما يجعل فقدان الوزن أكثر صعوبة للأشخاص الذين يتناولون وجباتهم في أوقات غير منتظمة.

تغيرات في الأنسجة الدهنية وآلية تخزين الدهون
من خلال إجراء تحاليل على الأنسجة الدهنية للمشاركين، وجد الباحثون أن تناول الطعام في أوقات متأخرة قد أدى إلى تغييرات في بنية هذه الأنسجة، مما جعلها أكثر قدرة على تخزين الدهون بدلاً من استخدامها كمصدر للطاقة. هذه الظاهرة تشير إلى أن الجسم في الليل يكون أكثر ميلًا لتخزين السعرات الحرارية الفائضة بدلاً من حرقها، مما يعزز احتمالية زيادة الوزن، حتى عند تناول نفس كمية الطعام التي يتم استهلاكها خلال النهار.

تأثير الأكل الليلي على جودة النوم
لم تتوقف نتائج الدراسة عند تأثيرات الأيض فقط، بل امتدت إلى النوم أيضًا. أظهرت النتائج أن تناول الطعام في وقت متأخر أدى إلى اضطراب في جودة النوم، حيث عانى المشاركون من صعوبة في النوم العميق واستيقاظ متكرر أثناء الليل. هذا الاضطراب في النوم يؤدي إلى خلل في الهرمونات المسؤولة عن الشهية، مما يعزز الرغبة في تناول المزيد من الطعام في اليوم التالي، مما يخلق حلقة مفرغة تؤدي إلى زيادة الوزن على المدى الطويل.

لماذا يختلف تأثير الطعام باختلاف توقيت تناوله؟
أكدت الدراسة أن نفس الوجبة الغذائية يمكن أن يكون لها تأثيرات مختلفة تمامًا بناءً على توقيت تناولها. عندما يتم تناول الطعام في الصباح، يكون الجسم في حالة نشطة، مما يساعد على استخدام السعرات الحرارية كمصدر طاقة، أما عند تناوله في وقت متأخر، فإن الجسم يميل إلى تخزين السعرات الحرارية، حتى لو كانت نفس الكمية المستهلكة.

كيف يمكن تجنب التأثير السلبي للأكل الليلي على الوزن؟
لتقليل مخاطر الأكل في وقت متأخر، هناك بعض الاستراتيجيات البسيطة التي يمكن اتباعها:

تناول الوجبات الرئيسية في وقت مبكر: يفضل تناول العشاء قبل ساعتين إلى ثلاث ساعات من النوم لمنح الجسم وقتًا كافيًا لهضم الطعام.
اختيار وجبات خفيفة في المساء: إذا كان لا بد من تناول شيء قبل النوم، فمن الأفضل اختيار أطعمة خفيفة مثل الزبادي اليوناني، المكسرات غير المملحة، أو الفواكه الغنية بالألياف بدلاً من الوجبات الثقيلة والمليئة بالكربوهيدرات.
تجنب المشروبات السكرية والكافيين ليلاً: لأن هذه المشروبات تؤثر على جودة النوم وتزيد من الرغبة في تناول الطعام.
شرب الماء عند الشعور بالجوع في المساء: في كثير من الأحيان، يكون الشعور بالجوع في الليل مجرد إشارات خاطئة من الجسم ناجمة عن الجفاف.
الحفاظ على نمط نوم منتظم: لأن النوم الجيد يساعد على تنظيم إفراز الهرمونات المسؤولة عن الجوع والشبع، مما يقلل من احتمالية تناول الطعام في أوقات غير مناسبة.
ممارسة بعض النشاط البدني بعد العشاء: مثل المشي لمدة 15-30 دقيقة، مما يساعد على تحسين الهضم ومنع تخزين الدهون.
هل الامتناع عن الأكل الليلي هو الحل؟
على الرغم من أن الدراسة أظهرت أن تناول الطعام في وقت متأخر له تأثيرات سلبية على الأيض والوزن، فإن الحل ليس بالضرورة الامتناع التام عن الطعام في المساء، بل يتعلق الأمر بتوقيت الوجبات ونوعيتها. اختيار أطعمة خفيفة وتناولها في وقت مبكر يمكن أن يقلل بشكل كبير من التأثيرات السلبية للأكل الليلي.

الخلاصة: توقيت الطعام لا يقل أهمية عن نوعيته
أكدت هذه الدراسة أن توقيت تناول الطعام يمكن أن يكون بنفس أهمية نوعية الطعام نفسه عندما يتعلق الأمر بالتحكم في الوزن. الأكل المتأخر يعطل التوازن الهرموني، يبطئ عملية الأيض، ويجعل الجسم أكثر عرضة لتخزين الدهون بدلاً من حرقها. لذلك، فإن التخطيط الجيد لمواعيد تناول الطعام واعتماد عادات غذائية صحية يمكن أن يساعد بشكل كبير في تجنب زيادة الوزن والحفاظ على صحة جيدة.

بدلاً من التركيز فقط على عدد السعرات الحرارية، يجب التفكير في متى يتم استهلاك هذه السعرات، لأن توقيت الوجبات قد يكون المفتاح الأساسي للحفاظ على الوزن المثالي وتحسين الصحة العامة.