حق الليلة: تقـليد إماراتي ينبض بـ الفرح والتقاليد الأصيلة .. عطونا الله يعطيكم .. بيت مكة يوديكم لأهاليكم

الامارات 7 - يزخر المجتمع الإماراتي بالعديد من العادات والتقاليد التي تعكس تراثه العريق، ومن بين أبرز الاحتفالات الشعبية التي لا تزال قائمة حتى يومنا هذا يأتي احتفال حق الليلة، وهو مناسبة ينتظرها الأطفال بفارغ الصبر ويشارك فيها الجميع، بمن فيهم المقيمون في الدولة، لما تحمله من أجواء مبهجة وقيم اجتماعية جميلة.

لكن ما هو أصل هذا الاحتفال؟ ولماذا يُحتفل به؟ وكيف تطورت طقوسه عبر الزمن؟ دعونا نستكشف معًا تفاصيل هذه المناسبة التراثية الرائعة.

ما هو حق الليلة؟
يُعد حق الليلة احتفالًا إماراتيًا تقليديًا، يشابه في طابعه القرقيعان في بعض الدول الخليجية، حيث يحتفي الأطفال والكبار بهذه الليلة التي تسبق شهر رمضان المبارك بأجواء مليئة بالفرح والتلاحم المجتمعي. ورغم أن الزينة، الملابس، وحتى الحلويات قد شهدت بعض التغيرات العصرية، إلا أن روح الاحتفال لا تزال تحتفظ بسحرها التراثي الأصيل، حيث يتذكر الكبار طفولتهم ويشاركون لحظات الفرح مع أبنائهم.

سبب الاحتفال بحق الليلة
يعود الاحتفال بحق الليلة إلى تقاليد الأجداد الذين كانوا يستقبلون شهر رمضان المبارك بفرح وترقب، وكان الهدف منه إدخال السرور على قلوب الأطفال وتعريفهم بقدوم الشهر الفضيل، ليشعروا بأهمية هذه الأيام المباركة ويشاركوا في الأجواء الروحانية التي تملأ الأحياء والمنازل.

متى يُحتفل بحق الليلة؟
يُقام حق الليلة في ليلة النصف من شعبان، أي قبل 15 يومًا من حلول شهر رمضان المبارك. وفي عام 2025، يُصادف هذا الاحتفال يوم الجمعة، 14 فبراير، حيث تكتسي الأحياء الإماراتية بثوبٍ من الفرح والتقاليد العريقة، ويشارك الجميع في إحياء هذا الموروث الشعبي الجميل.

حق الليلة: بين الماضي والحاضر
رغم مرور الزمن، لم تختلف طقوس الاحتفال بحق الليلة كثيرًا، لكنها شهدت بعض التطورات في الملابس، التوزيعات، وحتى طرق تقديم الحلوى. إليكِ كيف كان الاحتفال في الماضي وكيف أصبح اليوم:

⟸ حق الليلة في الماضي
كان الأطفال يترقبون هذه المناسبة بشغف، وتبدأ الاستعدادات بحياكة الملابس التقليدية المخصصة لهذه الليلة.
يرتدي الأولاد الكندورة التقليدية، بينما تتزين البنات بالثوب الإماراتي الملون.
يحمل كل طفل كيسًا قماشيًا خاصًا يسمى "الخريطة" لجمع الحلويات والمكسرات.
بعد انتهاء الدروس في الكتّاب (المكان المخصص لحفظ القرآن)، يجتمع الأطفال في مجموعات صغيرة ويجوبون منازل الحي مرددين الأهازيج الشعبية مثل:

"عطونا حق الليلة.. الله يعطيكم.. بيت مكة يوديكم.."

عند وصولهم إلى المنازل، تخرج إحدى السيدات حاملة سلة ممتلئة بالمكسرات والحلوى، وتقوم بتوزيعها على الأطفال الذين يفتحون أكياسهم بسعادة لجمع حصتهم.
تستمر الاحتفالات حتى انتهاء الجولة وامتلاء الأكياس، لتُختم الليلة بأجواء من الفرح والاحتفالات العائلية.

⟸ حق الليلة في الحاضر
مع مرور الزمن، شهد الاحتفال تطورات عديدة، لكنه لا يزال يحتفظ بجوهره التراثي الجميل:
تنظيم فعاليات خاصة في المدارس والمراكز التجارية للحفاظ على هذه العادة الجميلة.
إضافة لمسات عصرية على أكياس التوزيعات، حيث أصبحت تأتي بأشكال وزخارف أنيقة تحمل عبارات مثل "رمضان كريم".
تحضير هدايا مبتكرة للأطفال، حيث لم تعد التوزيعات تقتصر على المكسرات والحلوى، بل أصبحت تشمل قصصًا صغيرة، دفاتر تلوين، وألعاب رمضانية.
إقامة احتفالات مجتمعية في المجالس والحدائق، حيث يتم تنظيم أنشطة للأطفال، مثل تلوين الفوانيس وسماع القصص التراثية عن رمضان.
تصاميم حديثة للملابس، حيث أصبحت الفتيات يرتدين عباءات رمضانية بألوان زاهية، بينما يرتدي الصبيان الكندورة المطرزة بلمسات أنيقة.

أهمية احتفال حق الليلة
غرس قيم الكرم والتآخي في نفوس الأطفال من خلال تبادل الحلويات والفرح.
تعزيز التلاحم الاجتماعي من خلال مشاركة الأهل والجيران في الاحتفال.
تعريف الأجيال الجديدة بالتراث الإماراتي الأصيل، مما يضمن استمرارية هذه العادات الجميلة.
تهيئة الأجواء الروحانية لشهر رمضان، حيث يشعر الجميع بقرب الشهر الفضيل من خلال الأهازيج والطقوس التراثية.

كيف تحتفل بحق الليلة في المنزل؟
تزيين المنزل بزينة رمضانية مثل الفوانيس والهلال والنجوم.
تحضير أكياس التوزيعات بطريقة مبتكرة ومليئة بالمفاجآت الجميلة للأطفال.
صنع الحلويات التقليدية مثل اللُّقيمات، البثيث، الخبيص، والبلاليط وتوزيعها على الجيران.
تشغيل الأهازيج التراثية لتعزيز أجواء الاحتفال.
سرد القصص التراثية للأطفال عن رمضان وعادات الأجداد.

ختامًا: احتفال ينقل الفرح بين الأجيال
يبقى حق الليلة أحد أجمل التقاليد الإماراتية التي تجسد روح العطاء والفرح والتواصل المجتمعي. وبينما تتغير مظاهر الاحتفال من جيلٍ إلى آخر، يبقى الجوهر واحدًا: الاحتفاء بالشهر المبارك، مشاركة الفرح مع الأطفال، وتعزيز الترابط العائلي والمجتمعي.

كل عام وأنتم بخير، وحق ليلة سعيد للجميع!