العوامل المسببة للحماض الكلوي الأنبوبي القاصي: اضطراب توازن الحموضة في الجسم

الامارات 7 - يُعد الحماض الكلوي الأنبوبي القاصي (Distal Renal Tubular Acidosis – dRTA) أحد اضطرابات الكلى التي تؤثر على قدرتها في إفراز الأحماض، مما يؤدي إلى تراكم الحموضة في الدم واضطرابات في توازن المعادن مثل البوتاسيوم والكالسيوم. ينتج هذا الاضطراب عن مجموعة من العوامل الوراثية والمكتسبة التي تؤثر على وظيفة الأنابيب الكلوية البعيدة، مما يسبب مشكلات في توازن الأيونات داخل الجسم.

أسباب الحماض الكلوي الأنبوبي القاصي
1. العوامل الوراثية والطفرات الجينية
يمكن أن يكون الحماض الكلوي القاصي وراثيًا وينتقل من أحد الوالدين أو كليهما.
يحدث نتيجة طفرات تؤثر على القنوات الأيونية المسؤولة عن إفراز أيونات الهيدروجين وإعادة امتصاص البيكربونات.
من أبرز الجينات المرتبطة بالمرض:
ATP6V1B1 وATP6V0A4: تتحكم في عمل مضخات البروتون في الكلى، وعند حدوث طفرة فيها، تفقد الكلى قدرتها على التخلص من الحموضة بشكل صحيح.
SLC4A1: يؤثر على وظيفة ناقلات البيكربونات، مما يؤدي إلى فقدان التوازن الحمضي القاعدي.
في بعض الحالات الوراثية، قد يكون المرض مصحوبًا بفقدان السمع العصبي الحسي، حيث تؤثر نفس القنوات الأيونية على الأذن الداخلية.
2. أمراض المناعة الذاتية
تعتبر الأمراض المناعية الذاتية أحد الأسباب الرئيسية للإصابة بالحماض الكلوي الأنبوبي القاصي المكتسب.
يهاجم الجهاز المناعي أنسجة الأنابيب الكلوية، مما يؤدي إلى التهاب مزمن يضعف وظيفتها.
من أبرز الأمراض المرتبطة بالمرض:
الذئبة الحمراء الجهازية (SLE): تسبب تدهورًا في وظائف الكلى، مما يؤدي إلى خلل في إفراز الحموضة.
متلازمة شوغرن (Sjögren’s Syndrome): تؤدي إلى تلف في الأنابيب الكلوية واضطراب في توازن الأيونات.
التهاب المفاصل الروماتويدي: قد يكون مصحوبًا بتأثيرات على الكلى تسبب الحماض الكلوي.
3. التعرض للسموم والمعادن الثقيلة
التسمم بالرصاص أو الكادميوم يؤدي إلى تضرر الأنابيب الكلوية ويقلل من قدرتها على التخلص من الحموضة.
بعض المواد الكيميائية والمبيدات الحشرية قد تسبب خللًا في وظيفة الكلى، مما يؤدي إلى زيادة الحموضة في الدم.
4. استخدام بعض الأدوية لفترات طويلة
يمكن لبعض الأدوية أن تسبب الحماض الكلوي القاصي عند استخدامها لفترات طويلة، مثل:
الليثيوم: يُستخدم لعلاج اضطراب ثنائي القطب، لكنه قد يؤدي إلى تلف مزمن في الأنابيب الكلوية.
مضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs): قد تؤثر على الكلى وتسبب خللًا في توازن الأحماض والقلويات.
الأمفوتيريسين ب (Amphotericin B): مضاد فطري قوي يسبب اضطرابًا في وظيفة القنوات الأيونية في الكلى.
5. الأمراض المزمنة التي تؤثر على الكلى
بعض الأمراض تسبب تدهورًا تدريجيًا في وظائف الكلى، مما يؤدي إلى الحماض الكلوي القاصي، مثل:
مرض الكلى المزمن (CKD)، حيث تفقد الكلى قدرتها على تصفية الأحماض بشكل صحيح.
اعتلال الكلية السكري الناتج عن مرض السكري طويل الأمد، والذي يؤثر على الأوعية الدموية الدقيقة في الكلى.
التهابات الكلى المزمنة التي تسبب ندوبًا داخل أنسجة الكلى، مما يعطل وظيفة الأنابيب الكلوية.
6. اضطرابات التمثيل الغذائي واضطرابات المعادن
بعض الاضطرابات التي تؤثر على توازن المعادن في الجسم قد تسبب الحماض الكلوي القاصي، مثل:
فرط نشاط الغدة الجار درقية (Hyperparathyroidism)، الذي يؤدي إلى فقدان الكالسيوم وتراكم الحموضة في الدم.
نقص المغنيسيوم المزمن، الذي يؤثر على وظيفة مضخات البروتون داخل الأنابيب الكلوية.
الحماض اللبني (Lactic Acidosis) الناتج عن اضطرابات التمثيل الغذائي، مما يزيد من الحموضة في الدم.
كيف يؤثر الحماض الكلوي القاصي على الجسم؟
نقص البوتاسيوم الحاد:

يؤدي فقدان البوتاسيوم في البول إلى ضعف العضلات، تشنجات، واضطراب في نبضات القلب.
ذوبان العظام وهشاشتها:

يعمل الجسم على تعويض الحموضة بسحب الكالسيوم من العظام، مما يؤدي إلى هشاشة العظام وزيادة خطر الكسور.
تكوين الحصوات الكلوية:

يؤدي فقدان البيكربونات إلى زيادة إفراز الكالسيوم في البول، مما يؤدي إلى تكون حصوات مؤلمة في الكلى.
التكلس الكلوي (Nephrocalcinosis):

تراكم الكالسيوم داخل أنسجة الكلى، مما يؤدي إلى تدهور تدريجي في وظائف الكلى وقد يسبب الفشل الكلوي.
تشخيص الحماض الكلوي القاصي
تحليل الدم: لقياس مستويات البوتاسيوم، البيكربونات، والكالسيوم.
تحليل البول: للكشف عن درجة الحموضة ومستوى الكالسيوم والفوسفات.
اختبار ديناميكية الحمضية البولية: لتقييم قدرة الكلى على إفراز الأحماض.
التصوير بالموجات فوق الصوتية للكلى: للكشف عن وجود حصوات أو تكلسات كلوية.
اختبارات الجينات: للكشف عن الطفرات الوراثية في بعض الحالات العائلية.

العلاجات المتاحة
تعويض البيكربونات

يتم استخدام مكملات البيكربونات أو سترات البوتاسيوم لتعويض فقدان القلوية في الجسم وتقليل الحموضة.
مكملات البوتاسيوم

تستخدم لمنع نقص البوتاسيوم وتحسين وظائف العضلات والأعصاب.
مدرات البول الثيازيدية

تُستخدم لتقليل فقدان الكالسيوم في البول ومنع تكون الحصوات.
علاج هشاشة العظام

تناول مكملات الكالسيوم وفيتامين D، وقد يتم استخدام أدوية بايفوسفونات لمنع تآكل العظام.
شرب كميات كافية من الماء

يساعد في منع تكون الحصوات الكلوية وتحسين وظيفة الكلى.
علاج السبب الأساسي

إذا كان ناتجًا عن أمراض المناعة الذاتية، يتم استخدام مثبطات المناعة.
في الحالات المرتبطة بفرط نشاط الغدة الجار درقية، قد يكون الحل الجراحة أو العلاج الدوائي.
الخاتمة
يحدث الحماض الكلوي القاصي نتيجة اضطرابات وراثية أو مكتسبة تؤثر على قدرة الكلى في التخلص من الأحماض. يؤدي هذا المرض إلى اضطرابات في المعادن، ضعف العظام، وتكون الحصوات الكلوية. يمكن للرعاية الطبية المبكرة والعلاج المناسب تقليل المضاعفات وتحسين جودة الحياة، مما يجعل التشخيص المبكر وإدارة المرض أمرًا ضروريًا.



شريط الأخبار