سوريا والمواقف الإماراتية تجاه الأشقاء

عبدالعزيز سلطان المعمري
في تأكيد لمواقفها التاريخية تجاه الأشقاء العرب، دعت دولة الإمارات العربية المتحدة كافة الأطياف السورية بعد سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد في الثامن من ديسمبر الحالي إلى «ضرورة حماية الدولة الوطنية السورية بكافة مؤسساتها وعدم الانزلاق نحو الفوضى وعدم الاستقرار.

وتلبية تطلعات وطموحات السوريين بكافة أطيافهم»، هذا الموقف يؤكد نهج دولة الإمارات الثابت في دعم الاستقرار العربي، والعمل على تعزيز السيادة الوطنية للدول.

ومع أن الموقف يدعو السوريين بشكل خاص فيما يشير إلى حقهم في تقرير مصير بلدهم دون أي تدخل من أحد كنتيجة طبيعية لتجارب إقليمية بالاستعانة بالخارج مثل ما حدث في العراق وليبيا فإن الدعوة الإماراتية مبنية على قلق، بسبب ما تمر به منطقة الشرق الأوسط، وخاصة الدول العربية منذ العام 2003، وبعد أحداث ما كان يعرف بـ«الربيع العربي»، التي أعطت فرصة حقيقية لدول غير عربية في الإقليم إلى أن تتوسع على حساب الدول العربية بسبب تراجع دور الحكومة المركزية، واختلاف مكونات الشعب، ما أدى إلى ظهور قوى غير عربية تستغل الفراغات وضعف الدولة لتوسيع نفوذها.

يمكن وصف موقف دولة الإمارات بأنه موقف «جامع مانع» كما يقال، فقد احتوى على كل الآمال التي يمكن أن يتخيلها العاقل والمحب لوطنه سواء كان هذا الشخص من عامة الناس أو كان من القيادات السياسية.

وأظن جازماً أن كل ما فعلته المعارضة السورية التي هي الآن في موقع السلطة خلال أكثر من عقد هو الوصول إلى وطن يحقق لهم تلك الآمال التي حواها البيان الإماراتي، وبالتالي فمسؤوليتهم الآن كبيرة وعظيمة، وبالتالي فكل الآمال بالنهوض بهذه الدولة المهمة والمؤثرة في النظام الإقليمي العربي.

سياسة دولة الإمارات مع الأشقاء العرب تقوم على الحفاظ على استقرار الدول العربية، وعلى الحفاظ على سيادتها الكاملة، وهذا نابع من منطلق أن أي زعزعة أو خلل في الأمن العربي هو تهديد للأمن القومي العربي.

والعكس صحيح أي قوة عربية هي قوة للعرب جميعاً ولدولة الإمارات كذلك، لذا فإن مواقف دولة الإمارات الداعمة للأشقاء العرب لا يمكن المزايدة عليها من أي كان، حتى لو أرادت بعض الأصوات فعل ذلك.

ولكن من الناحية الاستراتيجية فإن مواقف دولة الإمارات يعرف عنها «التوازن» والثبات والاستمرار في دعم الأشقاء العرب، والعمل عبر كافة المستويات، واستخدام كل الوسائل والأدوات والتحرك في كل الجوانب والاتجاهات سواء كانت سياسية أو اقتصادية وغيرها لضمان تحقيق الاستقرار والأمن والبدء في تحقيق التنمية، التي تحتاج إليها الشعوب العربية.

سياسة دولة الإمارات تجاه سوريا ليست منعزلة عن مواقفها الشاملة عن بقية الدول العربية، فالسياسة الإماراتية تعتمد على تحقيق الدعم السياسي والاقتصادي والإنساني، ومن أبرز الأمثلة على ذلك المساعدات الإنسانية، التي قدمتها دولة الإمارات للسوريين منذ بداية الأزمة.

بالإضافة إلى جهودها المستمرة ومبادراتها في دعم التواصل والحوار السياسي، الذي يضمن مشاركة جميع الأطياف دون إقصاء لتحقيق المصلحة السورية، وتحقيق رغبات وآمال الشعب السوري.

اللحظة الحالية التي تمر بها سوريا، والتي تبدأ فيها مرحلة جديدة من مسيرتها التاريخية تعتبر منعطفاً تاريخياً يتطلب شجاعة وجرأة سياسية واستراتيجية وحكمة من السوريين.

إضافة إلى أن سوريا تحتاج إلى الثبات العربي في دعمها السياسي بالشكل الذي يحفظ لها سيادتها الكاملة وأمنها سواء من خطر اختلاف حلفاء تحرير أو من خلال التدخلات والأطماع الإقليمية، وترك الخيار للشعب السوري لكي يقرر مصيره بما يراه مناسباً له، وبما يحفظ حقوق كافة مكونات وأطياف الشعب، وبحيث لا يتم إقصاء أحد، فالكل شركاء في الوطن.

لقد عانت سوريا وشعبها كثيراً، وكل ما يريده السوريون اليوم هو الأمن والسلام والاستقرار، وهنا يظهر الموقف الإماراتي التزامه بتعزيز الاستقرار في سوريا من خلال دعمها، خاصة بالتركيز على الجهود والمبادرات التي تدعم تحقيق التنمية المستدامة، وإعادة الإعمار، وهو أمر لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال وجود استقرار سياسي وأمني.

الدول العربية بحاجة إلى نموذج يعزز من مفاهيم التكاتف والتعاون والتشارك والتكامل، ودولة الإمارات هي من تقدم هذا النموذج بوضوح عبر مواقفها، لذا فإن نجاح سوريا في تجاوز أزمتها سيكون نجاحاً للعرب جميعاً، ودولة الإمارات تقف كشريك صادق ومخلص لتحقيق هذا الهدف النبيل.