قال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي: «لقد كان أهم حدث في حياة والدي الشيخ راشد، والذي سيظل باقياً على مدى الأيام، هو قيامه مع أخيه ورفيق دربه الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمهما الله تعالى، بوضع فكرة اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة، ومن ثم قيامهما مع أصحاب السمو الحكام المؤسسين، رحمهم الله تعالى، بتنفيذها بهذا الشكل المتميز الذي ضمن لها القوة والاستمرارية والتطور غير المسبوق». وأضاف سموه «الشيخ راشد أبي ومعلمي وقدوتي ومدرستي التي تعلمت فيها المبادئ والقيم والأخلاق والإدارة والقيادة، وأهم ما تعلمته منه حب الناس وحسن معاملتهم، وكان أحرص ما يكون على زرع هاتين الصفتين في نفسي». وأشار سموه إلى أن والده الشيخ راشد، رحمه الله، كان أهم ما عنده معاملة الناس وعدم الإساءة إلى أي واحد منهم مهما بدر منه من خطأ، وكان يهمه أن يرضي الناس ولا يسيء إلى أحدهم بقول أو فعل، وكثيراً ما يكتم غيظه ولا يبدي شيئاً منه للآخرين. كان يهمه أن يذهب للنوم وهو مرتاح الضمير، لا يفكر في أنه جرح إنساناً ولو بكلمة. جاء ذلك خلال تقديم سموه لكتاب صدر مؤخراً عن والده بعنوان: «مشاهد من فكر وحياة الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم». شخصية تاريخية وقال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، في تكملة تقديم سموه للكتاب: «والدي الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، رحمه الله، شخصية تاريخية، سواء على صعيد إمارة دبي أو دولة الإمارات العربية المتحدة، ويمكن اعتباره كذلك على الصعيد العربي والإسلامي والدولي أيضاً، وذلك لما يتمتع به من صفات وميزات كثيرة ونادرة». وأضاف: «من يعرف الشيخ راشد بن سعيد يدرك حقيقة هذا الرجل الذي أتحدث عنه، ولربما يقصر الحديث عن استجلاء ميزاته وسجاياه ليس لكونه والدي فقط، ولكن لذات هذه الشخصية النادرة ولمدى ما حققه في حياته وما قام به في مجتمعه من أعمال كبيرة في ظل ظروف صعبة ربما لا تمكن صاحبها من تحقيق رؤاه وطموحاته». وأشار سموه، إلى أن والده الشيخ راشد استطاع بفكره وبعد نظره وصبره وحكمته، وجده واجتهاده وملامسته لمشاعر الناس وأحاسيسهم واحتياجاتهم، وتفاعله مع آلامهم، من تحقيق بعض ما خفف من غلواء هذه الأزمات في مجتمع دبي والمنطقة عامة، وما ساهم فيه من دخل إمارته في دعم المشاريع الكبيرة التي كانت فاتحة خير للناس، خاصة في نهاية الخمسينيات من القرن الماضي، حيث استطاع الاقتصاد في دبي أن يتعافى مما ألم به من أزمات طاحنة». ونوه سموه، بأن فترة الستينيات جاءت بما تحمله من بوادر تمثلت في تنفيذ بعض المشاريع المهمة في دبي، وما تلاها من مشاريع جبارة في السبعينيات والثمانينيات. وأكد سموه أن من يتابع ما تحقق على أرض دبي خلال تلك الفترة من ازدهار وتنمية، يعلم دور الشيخ راشد بن سعيد فيها بإمكاناته الضئيلة وموارده اليسيرة، لكن بفكره وقدراته وطموحه الذي لم يكن ليقف به عند حدود حاضره، وإنما امتد به إلى مسافات بعيدة من رؤية المستقبل الذي كان يحلم به للوطن والمواطنين. دبي راشد ووصف سموه، والده الشيخ راشد، رحمه الله، بأنه «مجموعة من الرجال في رجل واحد يملك إرادة وعزيمة وفكراً، ورؤية وطموحاً»، وقال: «لقد تعلمت شخصياً منه، ومن خلال مجلسه وتوجيهاته، ما لم يكن ليصلح لي شيء من ذلك لولا قربي منه وحرصه على أن يزرع بين جنبي تلك الميزات والصفات التي كان عليها، رحمه الله». وأضاف: «إن دبي لتدين بما تحقق فيها من إنجازات للشيخ راشد، بما لم يكن لحاكم قبله أن يقوم بما قام به من الإنجازات والنجاحات في مجال البناء والتنمية في المجتمع، ولك أن تعدد ما تحقق من هذه المشاريع العملاقة، لتكتشف أنها من فكر وصنع وقرار الشيخ راشد وحده». وأفاد سموه بأن والده كان يستعين بأفكار الناس ورجال الأعمال، لكن أصل الفكرة نابع منه ومن رؤيته، يمتاز، رحمه الله، بالصدق والأمانة والعفة والحسم، وسعة الصدر والحلم والحكمة، والمثابرة والنشاط، وغيرها من الصفات عالية القدر والمنزلة، وكثيراً ما استفدت منه وأسرتني صفاته وسجاياه. «يضيء دربي» وقال سموه: «الشيخ راشد كالبحر من أين أتيته وجدته زاخراً مليئاً بالدرر الغوالي، تأثرت به واكتسبت منه بعض مزاياه النادرة في عالم اليوم، كنت ولا أزال أفكر فيه وفي ما يحتويه في شخصه من هذه المميزات، فأتعجب إنْ كان إنساناً بمثل ذلك الثراء والغنى الخلقي والفكري النادر الذي جعلني أنظر إليه قدوة لي، ومدرسة تعلمت فيها ما ألحقني بدوحته الغنية». وأضاف: «والدي الشيخ راشد شمعة تضيء الطريق أمامي في كثير من دروب الحياة ومسالكها، وما زال، رحمه الله، ماثلاً أمام عيني صورة حية من جمال السجايا والخصال، كلما أعوزتني الظروف تلفت إليه أستجلي معانيه وصفاته، فأجد فيه كنزاً يعينني ويقويني على مواصلة السير ومقارعة الخطوب والتمسك بالتفاؤل». وقال سموه: «يكفيني أنه علمني أن أرسم البسمة على شفتي، واستقبل الناس بها، وأزرع الثقة في نفوسهم، وأن أخفي الهم وألقي التردد وراء ظهري، واستجلب السعادة من كل ما حولي، وأفرح كثيراً واستبشر بالخير، وأثق في موعود الله تعالى، ولا أجعل لليأس سبيلاً إلى نفسي مهما كانت الظروف، وإنما أغني للأمل كالطير في كل صباح ومساء». الكتاب يؤرخ لرجل كبير القدر والمكانة شكر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، مؤلف الكتاب، المستشار إبراهيم محمد بوملحة، لكتابته عن الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، مؤكداً أن الكتاب يؤرخ فيه لرجل كبير القدر والمكانة، فمن حق الشيخ راشد علينا جميعاً أن نحيي ذكراه بالكتابة والحديث والبيان عنه ما وسعنا الوقت والجهد والفكر، وذلك ما قام بجزء منه أخي الكاتب، فجزاه الله خيراً على ذلك. ويعتبر مؤلف الكتاب، المستشار إبراهيم بوملحة، مستشار صاحب السمو حاكم دبي للشؤون الثقافية والإنسانية، أحد المؤلفين والمؤرخين المواطنين الذين رصدوا تطور مجتمع الإمارات وحضارته على مر العصور، وأحد كُتاب السير للشخصيات الإماراتية التاريخية، حيث له أيضاً كتاب معروف بعنوان: «لمحات من حياة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان». ويتكون كتاب «مشاهد من فكر وحياة الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم» من مباحث عدة، بدأت بالتعريف بحكام آل مكتوم، ومن بينهم الشيخ سعيد آل مكتوم، ثم تحدث عن نسب الشيخ راشد، رحمه الله، ووالديه، وتعليمه وقدراته، وزواجه وأبنائه. ثم تناول الكاتب نمو وتطور مدينة دبي، ورؤيته، رحمه الله، ثم وفاة والدته، ومجلسه، وبساطته وديمقراطيته، وتركيزه على التجارة، وتعميق خور دبي، والمشاريع التي قام بها، وأهم مميزاته، رحمه الله، وفكره المتقدم والمستنير ونظرته للأمن، وكذلك تطلعاته القومية، وتأسيس الاتحاد، ونشاطاته ومتابعته. ثم تحدث المؤلف عن الشيخ راشد في وجدان الناس، ومرضه ووفاته، رحمه الله تعالى.الاتحاد