الامارات 7 - تحتفل مملكة البحرين اليوم / 16 / من شهر ديسمبر بعيدها الوطني الـ/ 44 / والذكرى الـ/ 16 / لتولي العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة مقاليد الحكم.
وتضع المملكة وهي تحتفل بعيدها الوطني وذكرى تولي الملك حمد بن عيسى مقاليد الحكم لبنة جديدة من لبنات نهضتها و تقدمها رغم الصعاب والتحديات التي واجهتها خاصة تلك الناتجة عن مستجدات الإقليم والعالم السياسية منها والاقتصادية.
والمتابع لما شهدته المملكة خلال عام 2015 من أحداث وتطورات يمكن أن يخلص إلى نتيجتين تعكسان حجم التطور الذي شمل القطاعات والمجالات كافة..وتكشفان فعالية بناء نموذج وطني خالص من أجل النمو والتقدم.
النتيجة الأولى هي قدرة الأجهزة المعنية وبتوجيهات سديدة من القيادة الرشيدة ووعي وتفهم كامل من جانب الرأي العام على التعامل مع التحديات التي واجهت البلاد.
وقالت وكالة أنباء البحرين " بنا " في تقريرها إنها .. قدرة تتزايد فاعليتها على الدوام ويرتقي مستوى جدارتها إلى الأعلى يوما بعد يوم خاصة إزاء التحديات التي نتجت عن ظروف وأوضاع خارجة عن الإرادة من قبيل تراجع أسعار النفط بالأسواق العالمية والتدخلات الأجنبية في الشؤون الداخلية وبلغت حدا لا يمكن السكوت عنه بالنظر إلى تعدد وتزايد مؤشرات التوتر الإقليمي ومحاولات جهات مغرضة العبث باستقرار الوطن وأمن المواطنين.
والنتيجة الثانية .. تتعلق بحجم المنجزات المحققة على أرض الواقع في المملكة خلال عام 2015 سيما على صعد خطط وبرامج التنمية الشاملة، ونهج التحديث السياسي المتواصل وتطوير وتفعيل العلاقات والتحالفات المستمر مع الدول الشقيقة والصديقة.
وتأتي هذه المنجزات رغم ما واجهته البلاد من صعوبات وعقبات نتجت عن عمليات ترويع الآمنين والإرهاب تارة وسياسات ترشيد النفقات تارة أخرى وهو ما عكس حقيقة الجهد المبذول من جانب القيادة الرشيدة والأجهزة التنفيذية من أجل تحقيق التنمية الشاملة والنهوض والارتقاء في مسالك الدول المتقدمة، والنجاح في تحقيق أهداف ومرامي المشروع الإصلاحي للعاهل المفدى واستخلاص التجارب والدروس المستفادة من التطورات التي تمر بها البحرين والمنطقة واجتيازها بثبات.
** السياسة الخارجية للمملكة...
ترتكز السياسة الخارجية البحرينية على عدة ثوابت ومرتكزات ميزتها وأسهمت في إيجاد مكانة دولية رفيعة لها على المستويات الخليجية والإقليمية والدولية .. وأبرز هذه الثوابت هي التزام المملكة بعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى والاعتدال وتحقيق التوازن في توجهاتها ..
إضافة إلى المبادرة والالتزام بدعم وتأييد القضايا الخليجية والعربية والإسلامية والدفاع عنها أمام المحافل الدولية.
ونجحت السياسة الخارجية البحرينية عام 2015 في تحقيق أهدافها المنبثقة عن هذه الثوابت والمتمثلة في تأكيد سيادة واستقلال ووحدة أراضي المملكة على المستوى الإقليمي والعربي والدولي وصيانة وحماية مصالح الوطن الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية في الخارج والدفاع عنها .. بجانب تنمية وتعزيز وتقوية الروابط والعلاقات مع الدول والهيئات العربية والدولية كافة والتمثيل في المحافل العربية والدولية ودعم القضايا العادلة للأمة العربية والإسلامية وفي مقدمتها قضية فلسطين والقدس الشريف وقد تعاملت المملكة وفق هذا النهج مع كل المعطيات في المنطقة والعالم.
ونالت البحرين دعما خليجيا وعربيا ودوليا كبيرا في القمم العربية التي أكدت بياناتها الختامية رفض التدخل في شؤون المملكة ودعم جهود المملكة في حفظ الأمن والاستقرار بها ومكافحة الإرهاب.
ودعما للأواصر الخليجية والعربية ودفاعا عن الشرعية قررت مملكة البحرين المشاركة ضمن التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية لإعادة الشرعية إلى اليمن بجانب إرسال قوات إلى جنوب المملكة العربية السعودية للمساهمة في حماية الحدود الجنوبية في مواجهة هجمات الانقلابين .. ودوليا قررت المملكة المشاركة في التحالف الدولي لمحاربة " داعش "..
ونالت هذه المواقف البحرينية نصرة لدول مجلس التعاون والدول العربية إشادة كبيرة خليجيا وعربيا ودوليا .
كما تميزت الدبلوماسية البحرينية بالحرص على المشاركة الفعالة في المؤتمرات الإقليمية والدولية والتفاعل مع المنظمات الدولية حيث تسعى المملكة من خلالها إلى توضيح والدفاع عن مواقفها تجاه القضايا الإقليمية والدولية المختلفة وأيضا تدعيم أواصر العلاقات مع المنظمات الإقليمية والدولية وتدعيم العلاقات مع الدول الأعضاء في هذه المنظمات والتباحث حول تدعيم التعاون الثنائي معها.
وأحدثت فترة عهد العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة الذي تولى الحكم عام 1999 نقلة نوعية في العمل السياسي من خلال قيامه بإصلاحات سياسية ودستورية تم خلالها إعادة العمل بالنظام البرلماني.
وأعلنت المملكة خلال عام 2000 إنشاء لجنة وطنية معنية بوضع ميثاق وطني يحدد شكل المشاركة السياسية وتم طرح هذا الميثاق لاستفتاء شعبي عام نال موافقة الاغلبية بنسبة وصلت الى / 98 / في المائة من المصوتين.
وبناء على الميثاق الوطني الذي وضعته اللجنة تم تشكيل مجلس للنواب منتخب من / 40 / عضوا حيث يعتبر المجلس الحالي هو الرابع منذ عودة الحياة البرلمانية .. كما تم تشكيل مجلس للشورى معين من قبل الملك من / 40 / عضوا ايضا وهما يشكلان معا المجلس الوطني برئاسة رئيس مجلس النواب.
وعين الملك حمد بن عيسى أيضا الحكومة التي تضم حاليا / 16 / وزيرا برئاسة الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة.
** البحرين .. الإنسان أولا ..
شهدت المملكة عدة تطورات مهمة ورئيسية خلال عام 2015 ونجحت قيادتها بتحركاتها وإجراءاتها وسياساتها في الإمساك بخيوطها وإدارة مفاصلها بروية وحنكة شهد لها البعيد قبل القريب..إضافة إلى مؤشرات القياس الكمي والنوعي التي رصدتها التقارير والمؤسسات الوطنية والإقليمية والدولية المتخصصة والتي يمكن أن يتلمسها القاصي والداني وأبرزت حجم المنجز المحقق على الصعيد الوطني ولا يمثل أكثر من قطرة من بحر أحلام القيادة الرشيدة التي تتطلع لتحقيقه من أجل البحرين وشعبها الكريم.
ومن أهم هذه التطورات ما يتصل بجهود المملكة الدؤوبة لترشيد وحسن استخدام مواردها المتاحة ورفع متوسط دخل الفرد بها والارتقاء بمستويات تنميته البشرية وخاصة بعد القرارات الضرورية التي استهدفت إعادة توجيه الدعم للمواطنين وتشكيل الحكومة الموقرة ودمج هيئات ومؤسسات وإجراءات ضبط وترشيد النفقات الحكومية.
وبدا واضحا أنه رغم وقع هذه القرارات والإجراءات التي كان لا بد منها باعتبارها ضرورة فرضتها ظروف خارجة عن الإرادة .. لكنها لم تؤثر على مستويات الإنفاق الحكومي أو خطط الدولة وبرامجها الاقتصادية أو موقعها الرائد في التقارير التنموية الدولية إذ واصلت البحرين جهودها وتفردها لتظل نموذجا في الحرية الاقتصادية حيث اعتبرت الأولى إقليميا وخليجيا و الـ / 18 / عالميا عام 2015 وذلك من أصل / 178 / دولة وفي التنافسية الاقتصادية وللتدفقات الرأسمالية وفي حماية الملكية الخاصة وتنويع مصادر الدخل والاستغلال الأمثل للموارد والثروات.
وتنبع أهمية هذه المنجزات الواضحات بالنظر إلى تحد مهم واجه البحرين وألقى بظلاله على مستويات الإنفاق العام بها ومشروعاتها وخططها الطموحة وهو ما يحسب للمملكة التي بالرغم من هبوط أسعار النفط العالمية.. ومن ثم تراجع إيراداتها وندرة ثرواتها الطبيعية .. لكنها تمكنت بفضل من الله أولا وأخيرا وعطاء وعرق رجالاتها من تثبيت معدلات نمو الناتج المحلي بمتوسط يتراوح بين أربعة إلى خمسة في المائة مع الحفاظ على استمرارية تدفق رؤوس الأموال الأجنبية .. فضلا بالطبع عن عدم تأثر المواطنين أو تراجع مستوياتهم المعيشية.
كما ظهرت مؤشرات تنموية عديدة أخرى عام 2015 .. تعكس مدى حرص القيادة الرشيدة والحكومة الموقرة على عدم المساس بحقوق المواطنين الكرام وأسلوب حياتهم الذي تعودوا عليه رغم القرارات الصعبة التي تم اتخاذها أو تبنيها .. حيث تصاعدت معدلات النمو السكاني نسبة لا تقل عن سبعة في المائة سنويا والتي يغلب عليها فئة الشباب الأقل من عشرين عاما بنسبة / 40 / في المائة على الأقل من مجموع السكان.. وذلك مع زيادة الاهتمام بكبار السن في ظل ارتفاع متوسطات أعمارهم فوق الـ/ 65 / عاما وثبات معدلات البطالة عند حدودها الدنيا بنسبة تقرب من ثلاثة في المائة ما يؤكد توفير ما يلزم للمواطن من خدمات واحتياجات من أجل أن يحيا حياة رغدة ويعيش عيشة كريمة.
وما زالت البحرين ضمن الدول ذات التنمية البشرية العالية بشهادة الأمم المتحدة وبرنامجها الإنمائي وحافظت على ترتيبها المتقدم طوال سنوات وحتى عام 2015 .. حيث جاءت في المركز الـ/ 45 / وذلك على سلم مؤشرات التقرير المختلفة تعليما وصحة ومستوى دخل وغير ذلك من المؤشرات الاجتماعية والخدمية .. فضلا عن إنجازها المشهود بشأن تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية لهذا العام خاصة في مؤشرات تمكين المرأة والتنمية المستدامة ما يؤكد حجم ومستوى الاهتمام بالمورد البشري الوطني باعتباره أساس التقدم والنماء، ومقوم رئيسي من مقومات وأصول المملكة الثابتة، حاليا ومستقبلا.
ووصل عدد الوحدات السكنية قيد التنفيذ حاليا في مشاريع المدن الجديدة - حسب التقرير السنوي لوزارة الإسكان عام 2015 والمدرجة ضمن برنامج عمل الحكومة / 6226 / وحدة سكنية بواقع / 3041 / وحدة سكنية في المدينة الشمالية و/ 1625 / وحدة في مدينة شرق الحد و/ 1560 / وحدة في إسكان الجنوبية وهي الركيزة الأساسية لبناء / 25 / ألف وحدة سكنية حددها برنامج عمل الحكومة.
كما تبرز صور الإنجازات وقصص النجاح التي حققتها وزارة الصحة خلال عام 2015 والتي تشمل بالإضافة إلى الاستراتيجية الصحية المتكاملة ومشروعات تطوير الخدمات الصحية الأولية والثانوية وبجودة عالية حيث بلغ عدد المترددين على / 28 / مركزا صحيا بمختلف المحافظات حوالي أربعة ملايين متردد في مختلف التخصصات فضلا بالطبع عن البرامج الوقائية والحملات التوعوية.
ولم يقتصر الاهتمام بالإنسان البحريني على تلبية حاجاته المادية فحسب لكنه تجاوز ذلك ليشمل حقوقه وحرياته المدنية والسياسية وهنا ينظر لموقف المملكة من التوقيع والتصديق على غالبية الاتفاقيات والمعاهدات الدولية الحقوقية، وإنشاء العديد من اللجان والمؤسسات الحقوقية .. وتبرز كذلك إشادة البيان الصادر عن القمة العربية الأميركية - اللاتينية في نوفمبر بجهود المملكة للنهوض بأوضاع حقوق الإنسان وذلك على خلفية مبادرة العاهل المفدى الفريدة لإنشاء محكمة عربية لحقوق الإنسان تعنى بتطلعات دول وشعوب المنطقة.
كما واصل مسار التطور الديمقراطي لمشروع العاهل البحريني الإصلاحي نجاحه ولم يواجه أية عقبات كأداء خاصة بعد افتتاح دور الانعقاد الثاني من الفصل التشريعي الرابع في أكتوبر 2015 .. وكان بمثابة نقلة نوعية من العمل البرلماني.. وجسد مدى تفاعل التجربة النيابية مع قضايا الوطن والمواطنين ضمن مسيرة التحديث والعمل الوطني للعاهل المفدى الذي عبر في كلمته في افتتاح المجلس عن إعزازه وتقديره بدور المجلس ونوابه في تطوير التجربة الديمقراطية ومشروع الإصلاح بكامل مضامينه.
** الأمن والشراكة المجتمعية ...
لن تقف البحرين وهي تحتفل بأعيادها الوطنية وحيدة أمام أية محاولات خارجية مغرضة ترمي لشق صفها الوطني أو تهديد أمنها ويرجع ذلك للتلاحم التاريخي الذي يسطره البحرينيون بأيديهم يوما بعد يوم والذي تجلى في أكثر من مشهد ومناسبة وخاصة خلال شهر يوليو عام 2015 عقب قيام أكثر من خمسة آلاف شخص بأداء صلاة الجمعة الموحدة لمرتين متتاليتين وذلك ردا على ما جابهته بعض دول المنطقة من أعمال إرهابية استهدفت شق التماسك المجتمعي بين مواطنيها وهي رسالة واضحة بأن البحرين ستظل عصية أمام كل من يحاول أن يعبث بأمنها أو ينال من مقومات قوتها أو يقوض من أركان ودعائم استقرارها وتكاتف شعبها وأواصر تماسكهم ولحمتهم.
وعبر هذا المشهد وغيره عن عمق وثبات تجربة البحرين في التسامح والتعايش بين كل القاطنين فوق أرضها سيما بين أبناء الطائفتين الكريمتين وأن هذا التلاحم والتماسك المجتمعي سيقف حجر عثرة أمام أولئك الذين يحاولون اجترار تجارب أخرى على أرض هذا الوطن الكريم الذي سيبقى دائما وأبدا بحكمة قيادته وجهود مؤسساته الأمينة ووعي شعبه قادرا على التصدي للمؤامرات التي تحاك ضده.
وجاءت هذه الملحمة التضامنية بين أبناء الشعب البحريني الواحد في وقت تعرضت فيه دول المنطقة والبحرين على رأسها لمخاطر وتحديات أمنية عديدة سببها الرئيسي ذلك المسلسل الذي لا يتوقف من التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول..إضافة لجرائم الإرهاب التي ارتكبها البعض تحت دعاوى دينية وطائفية بغيضة..وعكس موقف المملكة الحازم منها والرافض لها أمرين : أن البحرينيين جميعا لن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام أي محاولة للمساس باستقرارهم وأن القيادة الرشيدة والحكومة الموقرة وأجهزتها المعنية لن تتوانى عن اتخاذ ما يكفل للبلاد والعباد أعلى مستوى ممكن من مستويات الأمن والطمأنينة.
وانعكس التضامن الشعبي فيما قدمته المملكة من دماء أبنائها وأرواح جنودها البواسل خاصة إثر استشهاد خمسة من أبناء قوة الدفاع وهم يؤدون واجبهم ضمن التحالف العربي المشارك في عملية " إعادة الأمل " في اليمن حيث جسد البحرينيون حقيقة التلاحم الوطني فيما بينهم وقادتهم .. وعبروا في مشهد إنساني رفيع عن حجم دعمهم والتفافهم حول مؤسسات دولتهم الأبية التي لم تبخل بالرد المناسب على هذا الشعور الوطني الجارف بعد أن صدر قرار لجلالة الملك بتخصيص يوم الـ/ 17 / من شهر ديسمبر من كل عام للاحتفاء بشهداء البحرين سواء في قوة الدفاع أو الأمن الوطني طيلة تاريخها وهو ما أكد تقدير القيادة الرشيدة وإعزازها لدور الشهداء الأبرار الذين بذلوا أرواحهم الطاهرة في سبيل أداء واجبهم الوطني المقدس.
وتفسر هذه الشراكة المتينة بين مكونات المجتمع وقيادته الرشيدة ومؤسساته الوطنية، استمرار نجاحات المملكة في عقد المنتديات وتنظيم المؤتمرات وذلك للثقة التي توليها الدوائر والأوساط المختلفة الإقليمية منها والعالمية لأجواء الأمن والأمان التي تتمتع بها البلاد.
ومن أهم الفعاليات التي استضافتها البحرين خلال عام 2015 الجولة الرابعة من سباقات بطولة العالم " للفورمولا 1 " خلال شهر أبريل و حوار المنامة خلال شهر نوفمبر وهما الحدثان المهمان اللذان يتخطيان حدود المحلية إلى العالمية ويبرزان اسم مملكة البحرين بتاريخها وتماسك شعبها وأمن أجوائها وما حققته من إنجازات.
** الحضور الإقليمي والتواجد الدولي ...
جاء التحرك البحريني الخارجي عام 2015 مهما لأكثر من سبب إذ يعتبر نتيجة طبيعية لتحسن الأداء والوضع في الداخل والثقة بدعائمه ومظهرا من مظاهر التطور والنجاح في تحديد وصياغة الأولويات الوطنية بل وركنا أساسيا من أركان التنمية والانطلاق بالنظر إلى ما يعنيه الدور الخارجي الفاعل والأداء المتزن والثابت ناحية الملفات الإقليمية والدولية المختلفة من مدلولات لجهة تحقيق التواجد وتكريس الحضور وإبراز الصورة الحضارية للمملكة، فضلا بالطبع عن تنمية العلاقات وتوسيع دوائر التحالف مع دول العالم.
وبرزت هنا العديد من التحركات البحرينية الخارجية منها: المشاركة البحرينية الكبيرة في أعمال المؤتمر الاقتصادي " دعم وتنمية الاقتصاد المصري : مصر المستقبل" الذي استضافته مدينة شرم الشيخ في الفترة خلال شهر مارس الماضي والذي ترأس فيه العاهل المفدى الوفد البحريني مشاركة منه في الجهد المصري لتجاوز مرحلة مهمة من مراحل تطورها.. كذلك يشار لكلمة العاهل المفدى في افتتاح أعمال القمة العربية الـ/ 26 / التي انعقدت فعالياتها في مدينة شرم الشيخ المصرية في مارس وأيضا مشاركة جلالته في القمة التشاورية لأصحاب الجلالة والسمو قادة المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في الرياض خلال شهر مايو الماضي بجانب كلمته الافتتاحية في قمة الرياض الخليجية في ديسمبر الجاري وغيرها من مشاركات كشفت عن محس عال بأهمية متابعة التطورات والمستجدات التي تمر بالمنطقة والعالم ووضع الآليات المناسبة للتعاطي معها.
كما تبرز الاتصالات الثنائية التي قامت بها القيادة الرشيدة مع دوائر علاقاتها المختلفة إذ لا يمكن تجاهل أنها كانت من أوائل الحاضرين لمراسم تشييع فقيد الأمة خادم الحرمين الشريفين في يناير.. وكان العاهل البحريني على رأس قائمة الحضور في الحفل المصري الكبير لتدشين وافتتاح قناة السويس الجديدة وقام بزيارة فرنسا خلال شهر سبتمبر واستقبل جلالته الرئيس المصري في المنامة في نهاية أكتوبر من نفس العام، وحضر جلالته القمة العربية ـ الأمريكية اللاتينية في الرياض خلال شهر نوفمبر وغيرها الكثير مما شهده العام.
وأكدت التحركات البحرينية ناحية محيطها الخليجي والعربي والدولي على تفهم البحرين لتداعيات المشكلات الإقليمية والدولية على السواء وارتباطها ببعضها وخطورة امتداداتها وإيمانها بأهمية وضرورة مجابهة المخاطر المختلفة وضرورة الاحتراز منها والتحوط لها والدفع بالسبل المناسبة لاحتوائها عن طريق الاتصالات الثنائية وتفعيل العلاقات ومناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك ومواكبة التطورات المتسارعة التي تلقي بظلالها على أمن واستقرار الجميع وتحتم العمل معا من أجل التصدي لها ومواجهتها.
** عمرانيا واقتصاديا ...
حققت مملكة البحرين تطورا عمرانيا سريعا وتنمية مستدامة خلال السنوات الـ/ 44 / الماضية منذ استقلالها عام 1971 حيث تحولت من دولة زراعية ذات مورد محدود الى مركز تجاري ومالي كبير في المنطقة يجذب رؤوس الأموال الاجنبية.
ونجحت المملكة في خططها الاقتصادية التي ركزت على جعل البنوك الاسلامية مركزا لها في المنطقة اذ استطاعت جذب أكثر من / 400 / بنك ومؤسسة مالية لها في مختلف القطاعات مثل الصناعة والتمويل والتأمين وغيرها.
ووفرت المملكة من خلال التطوير العمراني وعملية الردم المستمرة الأراضي والمساحات لبناء المدن والعقارات المختلفة وربط الجزر في مجموعة من الجسور لتسهل انتقال السكان بين المناطق.
وحقق مشروع جسر الملك فهد الذي افتتح عام 1986 نقلة نوعية للمملكة اقتصاديا وتنمويا حيث يعتبر اهم مشروع حيوي ربط المملكة بريا مع حدود السعودية مما سهل عملية انتقال البضائع والتجارة المتبادلة والسكان الى خارج حدود المملكة.
ويدخل الى المملكة عبر هذا الجسر / 35 / ألف سيارة اسبوعيا ويزيد هذا العدد في اوقات الاجازات وهو ما سبب انتعاشا سياحيا واقتصاديا للمملكة من خلال زيادة عدد الفنادق التي تمتلئ بالنزلاء في أوقات العطل وانتعاش الحركة التجارية بشكل عام فيها.
وتضع المملكة وهي تحتفل بعيدها الوطني وذكرى تولي الملك حمد بن عيسى مقاليد الحكم لبنة جديدة من لبنات نهضتها و تقدمها رغم الصعاب والتحديات التي واجهتها خاصة تلك الناتجة عن مستجدات الإقليم والعالم السياسية منها والاقتصادية.
والمتابع لما شهدته المملكة خلال عام 2015 من أحداث وتطورات يمكن أن يخلص إلى نتيجتين تعكسان حجم التطور الذي شمل القطاعات والمجالات كافة..وتكشفان فعالية بناء نموذج وطني خالص من أجل النمو والتقدم.
النتيجة الأولى هي قدرة الأجهزة المعنية وبتوجيهات سديدة من القيادة الرشيدة ووعي وتفهم كامل من جانب الرأي العام على التعامل مع التحديات التي واجهت البلاد.
وقالت وكالة أنباء البحرين " بنا " في تقريرها إنها .. قدرة تتزايد فاعليتها على الدوام ويرتقي مستوى جدارتها إلى الأعلى يوما بعد يوم خاصة إزاء التحديات التي نتجت عن ظروف وأوضاع خارجة عن الإرادة من قبيل تراجع أسعار النفط بالأسواق العالمية والتدخلات الأجنبية في الشؤون الداخلية وبلغت حدا لا يمكن السكوت عنه بالنظر إلى تعدد وتزايد مؤشرات التوتر الإقليمي ومحاولات جهات مغرضة العبث باستقرار الوطن وأمن المواطنين.
والنتيجة الثانية .. تتعلق بحجم المنجزات المحققة على أرض الواقع في المملكة خلال عام 2015 سيما على صعد خطط وبرامج التنمية الشاملة، ونهج التحديث السياسي المتواصل وتطوير وتفعيل العلاقات والتحالفات المستمر مع الدول الشقيقة والصديقة.
وتأتي هذه المنجزات رغم ما واجهته البلاد من صعوبات وعقبات نتجت عن عمليات ترويع الآمنين والإرهاب تارة وسياسات ترشيد النفقات تارة أخرى وهو ما عكس حقيقة الجهد المبذول من جانب القيادة الرشيدة والأجهزة التنفيذية من أجل تحقيق التنمية الشاملة والنهوض والارتقاء في مسالك الدول المتقدمة، والنجاح في تحقيق أهداف ومرامي المشروع الإصلاحي للعاهل المفدى واستخلاص التجارب والدروس المستفادة من التطورات التي تمر بها البحرين والمنطقة واجتيازها بثبات.
** السياسة الخارجية للمملكة...
ترتكز السياسة الخارجية البحرينية على عدة ثوابت ومرتكزات ميزتها وأسهمت في إيجاد مكانة دولية رفيعة لها على المستويات الخليجية والإقليمية والدولية .. وأبرز هذه الثوابت هي التزام المملكة بعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى والاعتدال وتحقيق التوازن في توجهاتها ..
إضافة إلى المبادرة والالتزام بدعم وتأييد القضايا الخليجية والعربية والإسلامية والدفاع عنها أمام المحافل الدولية.
ونجحت السياسة الخارجية البحرينية عام 2015 في تحقيق أهدافها المنبثقة عن هذه الثوابت والمتمثلة في تأكيد سيادة واستقلال ووحدة أراضي المملكة على المستوى الإقليمي والعربي والدولي وصيانة وحماية مصالح الوطن الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية في الخارج والدفاع عنها .. بجانب تنمية وتعزيز وتقوية الروابط والعلاقات مع الدول والهيئات العربية والدولية كافة والتمثيل في المحافل العربية والدولية ودعم القضايا العادلة للأمة العربية والإسلامية وفي مقدمتها قضية فلسطين والقدس الشريف وقد تعاملت المملكة وفق هذا النهج مع كل المعطيات في المنطقة والعالم.
ونالت البحرين دعما خليجيا وعربيا ودوليا كبيرا في القمم العربية التي أكدت بياناتها الختامية رفض التدخل في شؤون المملكة ودعم جهود المملكة في حفظ الأمن والاستقرار بها ومكافحة الإرهاب.
ودعما للأواصر الخليجية والعربية ودفاعا عن الشرعية قررت مملكة البحرين المشاركة ضمن التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية لإعادة الشرعية إلى اليمن بجانب إرسال قوات إلى جنوب المملكة العربية السعودية للمساهمة في حماية الحدود الجنوبية في مواجهة هجمات الانقلابين .. ودوليا قررت المملكة المشاركة في التحالف الدولي لمحاربة " داعش "..
ونالت هذه المواقف البحرينية نصرة لدول مجلس التعاون والدول العربية إشادة كبيرة خليجيا وعربيا ودوليا .
كما تميزت الدبلوماسية البحرينية بالحرص على المشاركة الفعالة في المؤتمرات الإقليمية والدولية والتفاعل مع المنظمات الدولية حيث تسعى المملكة من خلالها إلى توضيح والدفاع عن مواقفها تجاه القضايا الإقليمية والدولية المختلفة وأيضا تدعيم أواصر العلاقات مع المنظمات الإقليمية والدولية وتدعيم العلاقات مع الدول الأعضاء في هذه المنظمات والتباحث حول تدعيم التعاون الثنائي معها.
وأحدثت فترة عهد العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة الذي تولى الحكم عام 1999 نقلة نوعية في العمل السياسي من خلال قيامه بإصلاحات سياسية ودستورية تم خلالها إعادة العمل بالنظام البرلماني.
وأعلنت المملكة خلال عام 2000 إنشاء لجنة وطنية معنية بوضع ميثاق وطني يحدد شكل المشاركة السياسية وتم طرح هذا الميثاق لاستفتاء شعبي عام نال موافقة الاغلبية بنسبة وصلت الى / 98 / في المائة من المصوتين.
وبناء على الميثاق الوطني الذي وضعته اللجنة تم تشكيل مجلس للنواب منتخب من / 40 / عضوا حيث يعتبر المجلس الحالي هو الرابع منذ عودة الحياة البرلمانية .. كما تم تشكيل مجلس للشورى معين من قبل الملك من / 40 / عضوا ايضا وهما يشكلان معا المجلس الوطني برئاسة رئيس مجلس النواب.
وعين الملك حمد بن عيسى أيضا الحكومة التي تضم حاليا / 16 / وزيرا برئاسة الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة.
** البحرين .. الإنسان أولا ..
شهدت المملكة عدة تطورات مهمة ورئيسية خلال عام 2015 ونجحت قيادتها بتحركاتها وإجراءاتها وسياساتها في الإمساك بخيوطها وإدارة مفاصلها بروية وحنكة شهد لها البعيد قبل القريب..إضافة إلى مؤشرات القياس الكمي والنوعي التي رصدتها التقارير والمؤسسات الوطنية والإقليمية والدولية المتخصصة والتي يمكن أن يتلمسها القاصي والداني وأبرزت حجم المنجز المحقق على الصعيد الوطني ولا يمثل أكثر من قطرة من بحر أحلام القيادة الرشيدة التي تتطلع لتحقيقه من أجل البحرين وشعبها الكريم.
ومن أهم هذه التطورات ما يتصل بجهود المملكة الدؤوبة لترشيد وحسن استخدام مواردها المتاحة ورفع متوسط دخل الفرد بها والارتقاء بمستويات تنميته البشرية وخاصة بعد القرارات الضرورية التي استهدفت إعادة توجيه الدعم للمواطنين وتشكيل الحكومة الموقرة ودمج هيئات ومؤسسات وإجراءات ضبط وترشيد النفقات الحكومية.
وبدا واضحا أنه رغم وقع هذه القرارات والإجراءات التي كان لا بد منها باعتبارها ضرورة فرضتها ظروف خارجة عن الإرادة .. لكنها لم تؤثر على مستويات الإنفاق الحكومي أو خطط الدولة وبرامجها الاقتصادية أو موقعها الرائد في التقارير التنموية الدولية إذ واصلت البحرين جهودها وتفردها لتظل نموذجا في الحرية الاقتصادية حيث اعتبرت الأولى إقليميا وخليجيا و الـ / 18 / عالميا عام 2015 وذلك من أصل / 178 / دولة وفي التنافسية الاقتصادية وللتدفقات الرأسمالية وفي حماية الملكية الخاصة وتنويع مصادر الدخل والاستغلال الأمثل للموارد والثروات.
وتنبع أهمية هذه المنجزات الواضحات بالنظر إلى تحد مهم واجه البحرين وألقى بظلاله على مستويات الإنفاق العام بها ومشروعاتها وخططها الطموحة وهو ما يحسب للمملكة التي بالرغم من هبوط أسعار النفط العالمية.. ومن ثم تراجع إيراداتها وندرة ثرواتها الطبيعية .. لكنها تمكنت بفضل من الله أولا وأخيرا وعطاء وعرق رجالاتها من تثبيت معدلات نمو الناتج المحلي بمتوسط يتراوح بين أربعة إلى خمسة في المائة مع الحفاظ على استمرارية تدفق رؤوس الأموال الأجنبية .. فضلا بالطبع عن عدم تأثر المواطنين أو تراجع مستوياتهم المعيشية.
كما ظهرت مؤشرات تنموية عديدة أخرى عام 2015 .. تعكس مدى حرص القيادة الرشيدة والحكومة الموقرة على عدم المساس بحقوق المواطنين الكرام وأسلوب حياتهم الذي تعودوا عليه رغم القرارات الصعبة التي تم اتخاذها أو تبنيها .. حيث تصاعدت معدلات النمو السكاني نسبة لا تقل عن سبعة في المائة سنويا والتي يغلب عليها فئة الشباب الأقل من عشرين عاما بنسبة / 40 / في المائة على الأقل من مجموع السكان.. وذلك مع زيادة الاهتمام بكبار السن في ظل ارتفاع متوسطات أعمارهم فوق الـ/ 65 / عاما وثبات معدلات البطالة عند حدودها الدنيا بنسبة تقرب من ثلاثة في المائة ما يؤكد توفير ما يلزم للمواطن من خدمات واحتياجات من أجل أن يحيا حياة رغدة ويعيش عيشة كريمة.
وما زالت البحرين ضمن الدول ذات التنمية البشرية العالية بشهادة الأمم المتحدة وبرنامجها الإنمائي وحافظت على ترتيبها المتقدم طوال سنوات وحتى عام 2015 .. حيث جاءت في المركز الـ/ 45 / وذلك على سلم مؤشرات التقرير المختلفة تعليما وصحة ومستوى دخل وغير ذلك من المؤشرات الاجتماعية والخدمية .. فضلا عن إنجازها المشهود بشأن تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية لهذا العام خاصة في مؤشرات تمكين المرأة والتنمية المستدامة ما يؤكد حجم ومستوى الاهتمام بالمورد البشري الوطني باعتباره أساس التقدم والنماء، ومقوم رئيسي من مقومات وأصول المملكة الثابتة، حاليا ومستقبلا.
ووصل عدد الوحدات السكنية قيد التنفيذ حاليا في مشاريع المدن الجديدة - حسب التقرير السنوي لوزارة الإسكان عام 2015 والمدرجة ضمن برنامج عمل الحكومة / 6226 / وحدة سكنية بواقع / 3041 / وحدة سكنية في المدينة الشمالية و/ 1625 / وحدة في مدينة شرق الحد و/ 1560 / وحدة في إسكان الجنوبية وهي الركيزة الأساسية لبناء / 25 / ألف وحدة سكنية حددها برنامج عمل الحكومة.
كما تبرز صور الإنجازات وقصص النجاح التي حققتها وزارة الصحة خلال عام 2015 والتي تشمل بالإضافة إلى الاستراتيجية الصحية المتكاملة ومشروعات تطوير الخدمات الصحية الأولية والثانوية وبجودة عالية حيث بلغ عدد المترددين على / 28 / مركزا صحيا بمختلف المحافظات حوالي أربعة ملايين متردد في مختلف التخصصات فضلا بالطبع عن البرامج الوقائية والحملات التوعوية.
ولم يقتصر الاهتمام بالإنسان البحريني على تلبية حاجاته المادية فحسب لكنه تجاوز ذلك ليشمل حقوقه وحرياته المدنية والسياسية وهنا ينظر لموقف المملكة من التوقيع والتصديق على غالبية الاتفاقيات والمعاهدات الدولية الحقوقية، وإنشاء العديد من اللجان والمؤسسات الحقوقية .. وتبرز كذلك إشادة البيان الصادر عن القمة العربية الأميركية - اللاتينية في نوفمبر بجهود المملكة للنهوض بأوضاع حقوق الإنسان وذلك على خلفية مبادرة العاهل المفدى الفريدة لإنشاء محكمة عربية لحقوق الإنسان تعنى بتطلعات دول وشعوب المنطقة.
كما واصل مسار التطور الديمقراطي لمشروع العاهل البحريني الإصلاحي نجاحه ولم يواجه أية عقبات كأداء خاصة بعد افتتاح دور الانعقاد الثاني من الفصل التشريعي الرابع في أكتوبر 2015 .. وكان بمثابة نقلة نوعية من العمل البرلماني.. وجسد مدى تفاعل التجربة النيابية مع قضايا الوطن والمواطنين ضمن مسيرة التحديث والعمل الوطني للعاهل المفدى الذي عبر في كلمته في افتتاح المجلس عن إعزازه وتقديره بدور المجلس ونوابه في تطوير التجربة الديمقراطية ومشروع الإصلاح بكامل مضامينه.
** الأمن والشراكة المجتمعية ...
لن تقف البحرين وهي تحتفل بأعيادها الوطنية وحيدة أمام أية محاولات خارجية مغرضة ترمي لشق صفها الوطني أو تهديد أمنها ويرجع ذلك للتلاحم التاريخي الذي يسطره البحرينيون بأيديهم يوما بعد يوم والذي تجلى في أكثر من مشهد ومناسبة وخاصة خلال شهر يوليو عام 2015 عقب قيام أكثر من خمسة آلاف شخص بأداء صلاة الجمعة الموحدة لمرتين متتاليتين وذلك ردا على ما جابهته بعض دول المنطقة من أعمال إرهابية استهدفت شق التماسك المجتمعي بين مواطنيها وهي رسالة واضحة بأن البحرين ستظل عصية أمام كل من يحاول أن يعبث بأمنها أو ينال من مقومات قوتها أو يقوض من أركان ودعائم استقرارها وتكاتف شعبها وأواصر تماسكهم ولحمتهم.
وعبر هذا المشهد وغيره عن عمق وثبات تجربة البحرين في التسامح والتعايش بين كل القاطنين فوق أرضها سيما بين أبناء الطائفتين الكريمتين وأن هذا التلاحم والتماسك المجتمعي سيقف حجر عثرة أمام أولئك الذين يحاولون اجترار تجارب أخرى على أرض هذا الوطن الكريم الذي سيبقى دائما وأبدا بحكمة قيادته وجهود مؤسساته الأمينة ووعي شعبه قادرا على التصدي للمؤامرات التي تحاك ضده.
وجاءت هذه الملحمة التضامنية بين أبناء الشعب البحريني الواحد في وقت تعرضت فيه دول المنطقة والبحرين على رأسها لمخاطر وتحديات أمنية عديدة سببها الرئيسي ذلك المسلسل الذي لا يتوقف من التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول..إضافة لجرائم الإرهاب التي ارتكبها البعض تحت دعاوى دينية وطائفية بغيضة..وعكس موقف المملكة الحازم منها والرافض لها أمرين : أن البحرينيين جميعا لن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام أي محاولة للمساس باستقرارهم وأن القيادة الرشيدة والحكومة الموقرة وأجهزتها المعنية لن تتوانى عن اتخاذ ما يكفل للبلاد والعباد أعلى مستوى ممكن من مستويات الأمن والطمأنينة.
وانعكس التضامن الشعبي فيما قدمته المملكة من دماء أبنائها وأرواح جنودها البواسل خاصة إثر استشهاد خمسة من أبناء قوة الدفاع وهم يؤدون واجبهم ضمن التحالف العربي المشارك في عملية " إعادة الأمل " في اليمن حيث جسد البحرينيون حقيقة التلاحم الوطني فيما بينهم وقادتهم .. وعبروا في مشهد إنساني رفيع عن حجم دعمهم والتفافهم حول مؤسسات دولتهم الأبية التي لم تبخل بالرد المناسب على هذا الشعور الوطني الجارف بعد أن صدر قرار لجلالة الملك بتخصيص يوم الـ/ 17 / من شهر ديسمبر من كل عام للاحتفاء بشهداء البحرين سواء في قوة الدفاع أو الأمن الوطني طيلة تاريخها وهو ما أكد تقدير القيادة الرشيدة وإعزازها لدور الشهداء الأبرار الذين بذلوا أرواحهم الطاهرة في سبيل أداء واجبهم الوطني المقدس.
وتفسر هذه الشراكة المتينة بين مكونات المجتمع وقيادته الرشيدة ومؤسساته الوطنية، استمرار نجاحات المملكة في عقد المنتديات وتنظيم المؤتمرات وذلك للثقة التي توليها الدوائر والأوساط المختلفة الإقليمية منها والعالمية لأجواء الأمن والأمان التي تتمتع بها البلاد.
ومن أهم الفعاليات التي استضافتها البحرين خلال عام 2015 الجولة الرابعة من سباقات بطولة العالم " للفورمولا 1 " خلال شهر أبريل و حوار المنامة خلال شهر نوفمبر وهما الحدثان المهمان اللذان يتخطيان حدود المحلية إلى العالمية ويبرزان اسم مملكة البحرين بتاريخها وتماسك شعبها وأمن أجوائها وما حققته من إنجازات.
** الحضور الإقليمي والتواجد الدولي ...
جاء التحرك البحريني الخارجي عام 2015 مهما لأكثر من سبب إذ يعتبر نتيجة طبيعية لتحسن الأداء والوضع في الداخل والثقة بدعائمه ومظهرا من مظاهر التطور والنجاح في تحديد وصياغة الأولويات الوطنية بل وركنا أساسيا من أركان التنمية والانطلاق بالنظر إلى ما يعنيه الدور الخارجي الفاعل والأداء المتزن والثابت ناحية الملفات الإقليمية والدولية المختلفة من مدلولات لجهة تحقيق التواجد وتكريس الحضور وإبراز الصورة الحضارية للمملكة، فضلا بالطبع عن تنمية العلاقات وتوسيع دوائر التحالف مع دول العالم.
وبرزت هنا العديد من التحركات البحرينية الخارجية منها: المشاركة البحرينية الكبيرة في أعمال المؤتمر الاقتصادي " دعم وتنمية الاقتصاد المصري : مصر المستقبل" الذي استضافته مدينة شرم الشيخ في الفترة خلال شهر مارس الماضي والذي ترأس فيه العاهل المفدى الوفد البحريني مشاركة منه في الجهد المصري لتجاوز مرحلة مهمة من مراحل تطورها.. كذلك يشار لكلمة العاهل المفدى في افتتاح أعمال القمة العربية الـ/ 26 / التي انعقدت فعالياتها في مدينة شرم الشيخ المصرية في مارس وأيضا مشاركة جلالته في القمة التشاورية لأصحاب الجلالة والسمو قادة المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في الرياض خلال شهر مايو الماضي بجانب كلمته الافتتاحية في قمة الرياض الخليجية في ديسمبر الجاري وغيرها من مشاركات كشفت عن محس عال بأهمية متابعة التطورات والمستجدات التي تمر بالمنطقة والعالم ووضع الآليات المناسبة للتعاطي معها.
كما تبرز الاتصالات الثنائية التي قامت بها القيادة الرشيدة مع دوائر علاقاتها المختلفة إذ لا يمكن تجاهل أنها كانت من أوائل الحاضرين لمراسم تشييع فقيد الأمة خادم الحرمين الشريفين في يناير.. وكان العاهل البحريني على رأس قائمة الحضور في الحفل المصري الكبير لتدشين وافتتاح قناة السويس الجديدة وقام بزيارة فرنسا خلال شهر سبتمبر واستقبل جلالته الرئيس المصري في المنامة في نهاية أكتوبر من نفس العام، وحضر جلالته القمة العربية ـ الأمريكية اللاتينية في الرياض خلال شهر نوفمبر وغيرها الكثير مما شهده العام.
وأكدت التحركات البحرينية ناحية محيطها الخليجي والعربي والدولي على تفهم البحرين لتداعيات المشكلات الإقليمية والدولية على السواء وارتباطها ببعضها وخطورة امتداداتها وإيمانها بأهمية وضرورة مجابهة المخاطر المختلفة وضرورة الاحتراز منها والتحوط لها والدفع بالسبل المناسبة لاحتوائها عن طريق الاتصالات الثنائية وتفعيل العلاقات ومناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك ومواكبة التطورات المتسارعة التي تلقي بظلالها على أمن واستقرار الجميع وتحتم العمل معا من أجل التصدي لها ومواجهتها.
** عمرانيا واقتصاديا ...
حققت مملكة البحرين تطورا عمرانيا سريعا وتنمية مستدامة خلال السنوات الـ/ 44 / الماضية منذ استقلالها عام 1971 حيث تحولت من دولة زراعية ذات مورد محدود الى مركز تجاري ومالي كبير في المنطقة يجذب رؤوس الأموال الاجنبية.
ونجحت المملكة في خططها الاقتصادية التي ركزت على جعل البنوك الاسلامية مركزا لها في المنطقة اذ استطاعت جذب أكثر من / 400 / بنك ومؤسسة مالية لها في مختلف القطاعات مثل الصناعة والتمويل والتأمين وغيرها.
ووفرت المملكة من خلال التطوير العمراني وعملية الردم المستمرة الأراضي والمساحات لبناء المدن والعقارات المختلفة وربط الجزر في مجموعة من الجسور لتسهل انتقال السكان بين المناطق.
وحقق مشروع جسر الملك فهد الذي افتتح عام 1986 نقلة نوعية للمملكة اقتصاديا وتنمويا حيث يعتبر اهم مشروع حيوي ربط المملكة بريا مع حدود السعودية مما سهل عملية انتقال البضائع والتجارة المتبادلة والسكان الى خارج حدود المملكة.
ويدخل الى المملكة عبر هذا الجسر / 35 / ألف سيارة اسبوعيا ويزيد هذا العدد في اوقات الاجازات وهو ما سبب انتعاشا سياحيا واقتصاديا للمملكة من خلال زيادة عدد الفنادق التي تمتلئ بالنزلاء في أوقات العطل وانتعاش الحركة التجارية بشكل عام فيها.